عدّاد ارتفاع الأسعار “يقصّر” أمام تحليق الدولار فتوقّف البيع وتجّار أقفلوا أبوابهم

12400 ليرة وحتى أكثر، السقف الذي وصل اليه سعر صرف الدولار في السوق السوداء أمس الأول يوم”السبت الأسود”، وهو رقم غير مسبوق في تاريخ البلاد. هذا الأمر استدعى من بعض المصانع الى التوقف عن بيع البضائع وحتى الإقفال نظراً الى تعذّرهم عن مواكبة ارتفاع سعر صرف الدولار الذي قفز في نهار واحد من مساء الجمعة الى السبت بقيمة بلغت نحو 1050 ليرة من 11350 ليرة، مسجلاً رقماً قياسياً غير مسبوق تاريخياً.

وتزامناً، إرتفعت أسعار السلع الإستهلاكية خلال فترة 12 يوماً أي منذ أن تخطى الدولار عتبة الـ10آلاف ليرة بنسبة وصلت الى 30%، فحقيبة الحليب السائل (4 ليترات) على سبيل المثال ارتفعت بنسبة 12% في يوم واحد في ظلّ الإقبال عليها وافتقاد رفوف المحال التجارية الى الحليب المدعوم والى تنوّع أصناف حليب البودرة. ومن المتوقّع أن ترتفع الأسعار كما اكّد رئيس نقابة أصحاب السوبرماركات نبيل فهد “أكثر من 20% ” الأسبوع المقبل للنقص الحاصل في البضائع ومع ارتفاع الدولار الى 12 ألف ليرة.

وإن دلّ هذا الأمر على شيء فعلى “فلتان” زمام الأمور في البلاد على كل الصعد ومعها الأمان الإجتماعي. خصوصاً وأن تلك التطوّرات دعمتها بشرى وزير الطاقة أننا قادمون على عتمة شاملة نهاية آذار اذا لم تتأمن مساهمة مالية لمؤسسة كهرباء لبنان لشراء الفيول وإمداد المواطنين بالكهرباء، وأخرى لوزير الداخلية الذي اعلن أن الأمن تلاشى في البلاد.

الإنهيار السريع الذي تواصلت الليرة اللبنانية على تسجيله خلال الأسبوع الماضي، عزا الإقتصاديون أحد أسبابه الى تنفيذ خطة أمنية تقوم على إيقاف بعض الصرّافين ما زاد من شحّ الدولار في ظلّ عدم قيام المصارف بتوفير الدولارات، عدا طبعاً عن الأوضاع التشاؤمية التي تتفاقم، واستفحال التهريب وعجز ميزان المدفوعات… علماً أنه تمّ تناقل مكالمات يوم السبت عبر وسائل التواصل الإجتماعي، يلقي فيها المتحدّثون الملامة على المصارف التي كما يدّعون أقبلت على شراء الدولارات لزيادة سيولتها، الأمر الذي نفته البنوك التي تمّ التداول بإسمها.

أما الحكومة والتي يترتّب عليها الإلتئام بشكل سريع وطارئ لتدارك الفوضى التي تتصاعد وتيرتها في البلاد، فهي نائمة في سبات عميق، فكلّ فريق سياسي يلقي المسؤولية على سواه. ويغنّي على ليلاه.

حتى أن إقرار مجلس النواب قرض البنك الدولي والبالغ 246 مليون دولار بهدف دعم شبكة الأمان الإجتماعي للإستجابة لجائحة كوفيد 19، والأزمة الإقتصادية في لبنان وإصدار البطاقة التمويلية لم تعد تنفع. الليرة تآكلت وانهارت، ونسبة الفقراء في لبنان التي بلغت في العام الماضي 55 %، ها هي تسرّع خطواتها وتحلّق عالياً، مقارنة مع نسبة 28 في المئة في العام 2019، وفق دراسة أعدتها لجنة الأمم المتحدة الاجتماعية والاقتصادية لغربي آسيا (إسكوا).

مصدرنداء الوطن - باتريسيا جلاد
المادة السابقةانهيار سعر الليرة مستمر… هل اقتربت الفوضى؟
المقالة القادمةلبنان يخسر طاقاته طبياً وتمريضياً والأرقام مخيفة