بينما لا تزال السياسة وتفاصيلها في إجازة قسرية أو ربّما مقصودة، خصوصاً على جبهة ملفّ تشكيل الحكومة، يتقدّم الاهتمام بالملفّ الصحّي، وتحديداً على مِحور مواجهة إستفحال تفشّي وباء “كورونا” الذي بات يُنذر بكارثة حقيقية قد يتعرّض لها لبنان، وكأنهّ لا يكفيه ما حصل حتى الآن من كوارث إقتصادية ومالية وتفجيرية بعد زلزال الرابع من آب الماضي وما نتج عنه من مآس في قلب العاصمة بيروت.
وقد حذّر رئيس لجنة الصحّة النيابية النائب عاصم عراجي في حديث خاص لـ”نداء الوطن” من أنّ “الذهاب باتجاه ما يُسمى مناعة القطيع عمل غير أخلاقي ولا نُفضّل الذهاب إليه إطلاقاً لأنّه سيؤدّي إلى خسائر فادحة وكبيرة في الأرواح، والمطلوب من الناس الإلتزام بالإجراءات والتعليمات والوقاية، لأنّه مهما كانت الخطوات والقرارات المتّخذة فلن تصل إلى النتيجة المرجوّة ما لم يلتزم الناس”.
وطالب عراجي وبما يُشبه إجماع لجنة الصحّة بإجراءات أقسى في الإقفال ممّا قررته اللجنة الوزارية مع دفع تعويضات للطبقات الفقيرة وأصحاب الدخل المحدود واليومي بدل أن يذهب الدعم إلى كبار التجّار، معتبراً أنّ ما تقرر قد يحدّ من ارتفاع عدد الإصابات ولكنّه لا يُعطي النتائج المرجوة.
وشدّد رئيس لجنة الصحّة على أنّ “السيطرة على وباء “كورونا” تحتاج إلى فترة من الوقت ومزيد من الإلتزام بانتظار وصول اللقاح والبدء فيه مع عدد من المصابين، إلى نسبة 70 بالمئة من الناس”.
كلام عراجي جاء بعد جلسة عقدتها لجنة الصحّة النيابية أمس، ناقشت خلالها الوضع الصحّي السيّئ وموضوع “كورونا” والتدابير التي اتخذتها اللجنة الوزارية.
وذكّر عراجي بالفوضى التي عمّت ليلة رأس السنة وغياب تطبيق الإجراءات الوقائية والإستهتار الذي جعل الملتزمين يدفعون الثمن من خلال نقل الوباء إلى داخل المنازل وإلى الأسرة.
كذلك، ذكّر بمطلب اللجنة بالإقفال التامّ مدّة ثلاثة أسابيع، مع التشدّد في تدابير الإقفال، مشيراً إلى أنّنا وصلنا إلى مرحلة لم تعد هناك أماكن شاغرة في اقسام العناية في المستشفيات، وهناك 466 مريضاً في غرف العناية الفائقة، منهم 141 على أجهزة التنفّس الإصطناعي، ولدينا 500 سرير، أي يبقى 34 سريراً، وفي يوم واحد دخل الى أقسام العناية 23 مريضاً، أيّ أنّ نسبة الإشغال أصبحت بحدود 95 في المئة”.
وقال: “لقد تفاجأنا كلجنة صحّة بالتدابير التي اتّخذتها الحكومة والإستثناءات الكبيرة التي لم نوافق عليها في لجنة الصحّة، ونحن مع الإقفال التامّ”، مؤكّداً أنّ “هناك مسؤولية على المواطن كما على الدولة، لناحية تطبيق الإجراءات، وبالأمس كان هناك حديث عن اللجوء إلى القانون 604، أي أنّ أيّ فرد لديه وباء وينقله إلى شخص آخر ويسبّب له مشكلة يجب أن يعاقب”.
ورأى أنّ “المطلوب من الدولة أن تفرج عن أموال المستشفيات، كما يفترض أن تجتمع نقابة المستشفيات والمؤسسات الضامنة من أجل الإتفاق لا أن يرمي كل طرف المسؤولية على الآخر”.
وأعلن أنّ اللجنة قرّرت أن تستمع الأسبوع المقبل إلى وزير الصحّة أو الدكتور عبد الرحمن البزري، من أجل أن يشرح طريقة توزيع اللقاحات وكيف يجب أن تُعطى”، مشيراً إلى أنّ “بعض أعضاء اللجنة كان لديهم رأي بأن تكون اللقاحات متعدّدة المصادر، وليس من مصدر واحد حتى لا نقع في النقص، أي من أكثر من شركة”.
وتحدث أيضاً بعد الجلسة عضو اللجنة النائب الدكتور فادي علامة عن دور القطاع الخاص في مواجهة الوباء وضرورة دعم المؤسسات الفاعلة على الأرض، مبدياً تخوّفه من “الإستراتيجية التي ستعتمدها الدولة في ما يتعلّق باللقاح، وكيف سيوزّع وكيف سنؤمّن له مصادر تمويل بلا دفعة أولى، وفي أيّ مراكز سوف يعطى اللقاح وكيف سنراقب من تلقّى الجرعة الأولى وكيف سنتابعه بعد أسبوعين أو ثلاثة وذلك حسب نوع اللقاح”، داعياً إلى “الإستفادة من برامج الدعم الضخمة التي يعتمدها البنك الدولي في كل العالم، وهو لديه مشروع بقيمة 245 مليون دولار يخدم 120 ألف شخص يحتاج لها بحسب القاعدة والداتا، وهم جاهزون، وقريباً سوف تصل إلى مجلس النواب وبالإمكان العمل عليها وستكون عاملاً مساعداً عندما نقوم بإغلاق تام، فهناك شرعية من الشعب اللبناني الذي سوف يؤمَّن له مصدر من الدعم الإجتماعي والمالي ليتمكّن من متابعة حياته الطبيعية”.
بدوره، قال النائب ألكسندر ماطوسيان إنّ “المبادرة التي قامت بها جمعية شركات التأمين في أوائل 2020، بتأمين تغطية علاج “كورونا”، ما زالت قائمة وذلك حسب التعرفة التي جرى الإتفاق عليها مع المستشفيات، ونحن كشركات تأمين نناشد التقيّد بالإجراءات الصحّية”.