عرض كهربائي مصريّ يقطع طريق الصين وألمانيا والولايات المتّحدة

أسقط مجلس الوزراء الخميس الماضي معمل سلعاتا من المعادلة الكهربائية، وأسقط معه العرض القطري – الايطالي الذي حلّ أوّل في مناقصة محطات التغويز العائمة (FSRU) التي جرت العام 2018. يقوم عرض قطر على تقسيم تنفيذ المشروع الى مراحل بدءاً من البداوي ثم الزهراني وأخيراً سلعاتا. ومن دون سلعاتا، بات من الممكن مفاضلة العروض مع “فيتول” و “بتروناس” و “اكسيلارات”. أما توتال فتقدمت بعرضين: الاول متكامل ومن دون تجزئة بينما الثاني كان غير مطابق للمواصفات. وباعتماد محطتي تغويز بات من الضروري إعادة التفاوض مع “QP Qatar Petroleum” و”ENI” على السعر المقدم قبل التهويل الذي يعتمده بعض السياسيين دون الارتكاز الى وقائع عمليّة.

في مقابل ذلك، وبين خطوات متقدمة حيناً، ومتراجعة أحياناً أكثر، يبقى الإرباك سيّد موقف الشركات الاجنبية الراغبة في أن تتعهّد في قطاع الكهرباء…فإماّ أن تتورّط في استثمار خاسر، أو أنها تخسر “قسراً” استثماراً رابحاً. هكذا هي حال “General Electric” الاميركية، و” Siemens” الالمانيّة (ومعهما الصينيون)حيث أنه وحتى اللحظة، لم تعلن الشركتان رسمياً عن سحب عرضيهما المقدمين للدولة اللبنانية، إلا أن رحيلهما هو الأكثر ترجيحاً. هذه الحيرة يقابلها تخوّف أكبر من قبل المشاركين في مناقصة محطات التغويز العائمة ( FSRU) ليبقى هذان الملفان المترابطان شكلاً وجوهراً رهن نجاح خطة الحكومة الاقتصادية والمالية أم فشلها.

وبالعودة الى الـFSRU يطرح سؤال بديهي عن مصير المفاوضات مع الشركة القطرية” QP Qatar Petroleum ” و”ENI”الايطاليّة المرتبكتين خصوصاً وأن خطة الكهرباء متلاصقة بملف الغاز كما أن ملف الاصلاح الكهربائي لا يمكن أن يتحقق من دون غاز ذي نوعيّة جيّدة وسعر زهيد. فكيف يتم التفاوض على معامل الكهرباء فيما نتائج المباحثات بملف الغاز لا تزال مبهمة، وهل باتت “Total” الفرنسية خارج اللعبة المحلّيّة؟

يدور في أروقة مجلس الوزراء الحديث عن عرض مصريّ لتنفيذ مشروع محطة توليد الكهرباء في الزهراني – جنوب لبنان والذي اتى متجانساً مع ما تقرر في جلسته الأخيرة و قد حصلت “نداء الوطن” على بعض تفاصيل العرض المقدم من المصريين الذي تضمّن ما يلي:

– ضرورة الاستفادة من الخبرة المصريّة في إنشاء معامل طاقة في وقت سريع وهذا ما قامت به الحكومة المصرية مع شركة” Siemens” بانشاء معامل انتاج طاقة 14.4 غيغاوات في 27.5 شهراً لذا فإنّ انشاء معمل بقدرة 500 ميغاوات ليس بذلك التعقيد.

– توفير الغاز المسال المصري” LNG” اللازم لتشغيل المعمل المزمع انشاؤه في الزهراني حيث لمصر محطتَا تغويز عائمتان كانت قد استأجرتهما العام 2015 من شركتَي “Hoegh LNG ” و”BW Group” وبعد البدء بالإنتاج في حقل زهر، توقف العمل بباخرة واحدة وأصبحت في وضعية الـ standby ما يجعل إمكانية نقلها الى مكان آخر سهلاً.

– توفير الغاز المسال المصري بأسعار تنافسية عبر اتفاقية توريد من دولة الى دولة وهو ما يضمن عدم تكرار تجربة “سوناطراك” بين لبنان وشركة.

عن الموضوع، تشدد أوساط متابعة لـ”نداء الوطن” على “أنّ هذا العرض متكامل حيث لا يمكن تجزئته والذي أتى بعد عرض أميركي وآخر الماني وثالث صينيّ ليترجم نهج الحكومة وهو البدء بتنفيذ خطة الكهرباء من الزهراني وصولاً الى دير عمار لكن من دون المرور بسلعاتا.

يشكل العرض المصري مشروعاً متكاملاً يقضي بانشاء معمل لانتاج الكهرباء ومعه منصة غاز عائمة، مع توريد الغاز المسال بفترة زمنية قصيرة. ورغم أن العرض لا يذكر ان كان الاتفاق سيعتمد نظام الـ PPP أم الـBOT او الـBOOT، الا أنه من المتوقّع ان يكون الافضل بالنسبة الى لبنان”.

ويبدو أنّ “موقع” المشروع قد أعطاه دعماً سياسياً مسبقاً، فالعلاقة بين مصر ولبنان في مجال توريد الغاز استراتيجيّة. كما أنّ لمصر خبرة واسعة في تنفيذ وإدارة مشاريع محطات التغويز العائمة ويمكن نقل هذه الخبرات الى الإدارة اللبنانية كما حدث عندما استورد الجانب اللبناني الغاز المصري الى معمل دير عمار عبر خط الغاز العربي واتى فريق مصري من شركة EGAS لتدريب ومعاونة الفريق اللبناني.

مصر تُخرج الشركات الاجنبية من المنافسة

ذلك يعني انه اذا قرر لبنان المضيّ قدماً بالعرض المصري، فإنّ عروض “سيمنز” و”جنرال الكتريك” باتت غير تنافسية، وهو ما ينطبق على مناقصة الـFSRU خصوصاً، بعدما خلطت الصفعة التي تلقتها “ZR Energy” كل المناقصات بدءاً من مناقصة دير عمار 2، مروراً بالـ FSRU وصولاً الى مناقصات البنزين والمازوت والفيول، منتجة خلطة جديدة في المعادلة النفطية. وبذلك، يبدو أن “Total “الفرنسية قد باتت خارج هذه الصفقة، وهو ما يبقي مصير هذا الملف عالقاً بعد ما أشيع عن عدم نيّة “QP Qatar Petroleum” ومعها “ENI” باستكمال هذا المشروع، مع الاشارة الى أنّ تحالف ENI/QP قد فاز على أساس سعر وحدة حرارية للغاز الطبيعي المسال الذي يتم امداده حسب الطلب القائم والتوسعات المستقبلية القابلة للتحقيق بـ 9 دولارات للـ MMBtu (وحدة قياس الغاز)على اساس سعر برميل النفط 70$. وللتذكير، ولدى تقييم العروض البديلة والتي لم تطابق دفتر الشروط، من العروض المقدمة من الشركات العارضة الاخرى يتّضح أنّ العرض المشترك المقدم من توتال وفيوتول هو الاكثر اقتصادية بالنسبة الى الحكومة اللبنانية بحوالى 10% حيث لم يلحظ محطة سلعاتا. لكن في حال اختيرت توتال لمحطة البداوي او سلعاتا والتي حذفت خط الغاز من سلعاتا الى الذوق فان الوفر في التكاليف يرتفع الى 20% مقارنة بالعرض الأول وذلك يعني انه لا يمكن مقارنتها مع العروض المطابقة لدفتر الشروط. فهل على وزارة الطاقة السير بالشركة الرابحة ام انها ستتجه الى الخروج عن دفتر الشروط الموافق عليه من مجلس الوزراء والبدء بالتفاوض مع الشركات التي كانت مشاركة بالمناقصة؟.

خلاصة القول، ان الاسثمار حالياً في موقع سلعاتا كلفة اضافية غير مبررة في الوضع الحالي وبالتالي يمكن تأجيله الى مرحلة لاحقة علماً ان خط الغاز من البداوي الى الذوق يمر بسلعاتا ويمكنه تزويد المعمل المنوي انشاؤه بالغاز الطبيعي، على أن يتم في المرحلة اللاحقة تقييم الامن الطاقوي واتخاذ القرار حول ما اذا كانت هناك حاجة لموقع سلعاتا ام لا.

مصدرإيفون أنور صعيبي - نداء الوطن
المادة السابقةمزرعة مصرف لبنان: تهريب دولارات أيام العطلة!
المقالة القادمةرياشي: اهم ما في خطة الإنقاذ المالي الاعتراف بالخسائر