عشية زيارة الوفد اللبناني الى السعودية .. العلاقات الثنائية بالأرقام

بعد سنوات عجاف عانى الاقتصاد اللبناني عانى خلالها ما عاناه، ها هي العلاقات اللبنانية السعودية تعود الى سابق عهدها، فبعد فترة قصيرة على اعلان السفير السعودي في لبنان وليد البخاري رفع الحظر على سفر السعوديين الى لبنان، يُرتقب أن يزور ممثلون عن وزارات وإدارات لبنانية المملكة العربية السعودية يوميّ الأحد والإثنين في 10 و11 آذار الجاري، تحضيراً لاجتماع اللجنة المشتركة اللبنانية – السعودية برئاسة وزير المال السعودي عن الجانب السعودي، ووزير الاقتصاد والتجارة عن الجانب اللبناني.
ومن المتوقع ان يعطي عودة عز العلاقات اللبنانية – السعودية دفعة قوية للإقتصاد اللبناني، فإضافة الى ان السعوديين يشكلون احد ابرز اعمدة القطاع السياحي في لبنان نظراً لقدراتهم الشرائية العالية وطول مدة اقامتهم، لا يمكن لأحد ان يتناسى ان المواطن السعودي ليس فقط سائحاً في لبنان انما مستثمراً دسماً ومستهلكاً دائماً للمنتجات اللبنانية التي اقفلت العديد من الابواب الاوروبية والاجنبية في وجهها.

 

توطيد التعاون عبر الاستثمارات

البعد الاول والاكثر اهمية للعلاقات اللبنانية السعودية يرتبط بشكل مباشر بما تشكله السعودية بالنسبة للبنان، كونها أكبر قاعدة استثمارية له في الشرق الأوسط، إذ تسهم في رفد الخزينة اللبنانية بأكثر من ملياري دولار سنويًا، من العملة الصعبة، التي توفرها تحويلات اللبنانيين المغتربين.
وتشير التقديرات إلى أن عدد اللبنانيين القاطنين في السعودية يصل إلى حوالي 350 ألفًا، وهم فاعلين على الصعيد الاقتصادي بشكل كبير حيث يعتبرون اكبر جالية عربية مستثمرة في السعودية، اذ تقدر قيمة الشركات اللبنانية العاملة في السعودية بنحو 125 مليار دولار، في حين يزيد عددها عن 600 شركة يتركز نشاطها في أعمال المقاولات، الإنشاءات، الديكور، وبعض الصناعات، إضافة إلى المؤسسات التجارية والتسويقية.
ويعود عمل الشركات اللبنانية في السعودية الى عشرات السنوات منذ سبعينيات القرن الماضي، ومنها شركة خطيب وعلمي، التي تضم اليوم أكثر من 4000 مهندس، وبنك لبنان والمهجر.
وتسهم بعض الشركات اللبنانية الكبرى في مشاريع ضخمة في السعودية، مثل مترو الرياض، مطار جدة الدولي الجديد، جسور، وبنى تحتية، ومبانٍ حكومية، وغيرها من المشاريع.
كما يقدّر المعنيون ان 50 % من التحويلات المالية من منطقة الخليج إلى لبنان والبالغة حوالي 4.5 مليار دولار سنويًا، هي من الجالية اللبنانية في السعودية. ما يعد مؤشرًا واضحًا على ضخامة حجم أعمال اللبنانيين في االسعودية.
وامام كل هذه المعطيات، يتطلع اللبنانيون الى تعزيز الاستثمارات السعودية الى لبنان للمشاركة في المشاريع التي سيؤمنها مؤتمر سيدر والمشاريع التي سيرعاها قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص. فالمستقبل سيحمل فرص استثمارية مهمة في لبنان يتطلع المعنيين ان تكرّس المزيد من الاواصر مع السعودية التي لا تزال متأخرة عن دول عربية اخرى لناحية الاستثمار في لبنان كالامارات، الكويت.
وتظهر الارقام ان لبنان استقطب في الفترة الممتدة بين عامي 2003 و2016 استثمارات سعودية بقيمة 1,901 مليون دولار، الامر الذي يعد دليلاً قاطعاً على ما يمثله لبنان بالنسبة للمستثمرين السعودين الذين بلغت قيمة استثماراتهم في الامارات، الكويت، عمان، قطر، والبحرين خلال الفترة الممتدة بين عام 2003 ونيسان 2015: 1,140، 14، 79، 57، و28 مليون دولار على التوالي.

السعوديون .. رافعة القطاع السياحي

ويعتبر رفع الحظر عن المسافرين السعوديين هدية ثمينة القطاع السياحي بشكل خاص. فقد كان الحظر الذي تفرضه السعودية عاملاً اساسياً يمنع القطاع من استعادة “ايام العز” التي شهدها في عام 2010. ففي ذاك العام الاستثنائي، وصل عدد السياح الى مليونين و168 الف زائر، وبلغت مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلّي الإجمالي انذاك نحو 29 %. وحمل ذلك العام موجات تفاؤلية كبيرة الى سلفه في عام 2011، الا ان التجاذبات السياسية الداخلية والتوترات الأمنية والاضطرابات في المنطقة اوصدت اي باب منذ ذلك الحين امام محاولات إنقاذ القطاع السياحي، الذي رزح تحت ثقل كبير مع خسارته السوق السياحية الخليجية.
ولذلك، تلقّت الاوساط اللبنانية خبر رفع الحظر بموجات كبيرة من التفاؤل، اذ تدرك اهمية هذا القرار، فالإستقرار السياسي لم يكفِ وحده عام 2017 لإستعادة الزخم السياحي رغم ارتفاع عدد السياح بشكل ملحوظ في السنوات الماضية، اذ بقي الانفاق السياحي خجولاً مقارنة بالعام 2010 ، حيث تراجع الانفاق السياحي من 8 مليارات في عام 2010 الى 5 مليارات في عام 2018. في حين بقيت المداخيل السياحية أقل بـ 35 في المئة مما كانت عليه في 2009 و الـ2010.

ويعود هذا التراجع الى اختلاف نوعية السياح وقدرتهم الشرائية. فمدة اقامة السائح الأجنبي لا تتجاوز الـ 7 ايام على عكس السائح الخليجي الذي تكون مدة اقامته في لبنان أطول. كذلك الأمر بالنسبة لاختلاف القدرة الشرائية.
وسيكون القطاع السياحي على موعد مع فورة سريعة وقريبة، اذ ان وضع برامج لإستقطاب السياح الخليجيين ليس ضرورياً اذ انهم يعرفون لبنان ويتوقون له، وبالتالي عودتهم الى ربوعه ستكون تلقائية وستطال تأثيراتها الايجابية قطاعات سياحية عديدة من مطاعم ومقاهي وفنادق ومنتجعات وشركات تأجير سيارات وغيرها.
وتعمل وزارة السياحة على تأمين كل مستلزمات السياحة في لبنان بما يريح السعوديين وغيرهم من السياح، وستتشدد في الحرص على تأمين امن السياح، تخصيص الخط الساخن 1735 لمتابعة الشكاوى، ومراقبة الاسعار في الفنادق والمطاعم.
وبلغ عدد السياح السعوديين القادمين الى لبنان في عام 2018، 61,547 سائح مقابل 64,270 سائح في العام 2017. وحلّت السعودية لناحية عدد السياح في المرتبة الخامسة بعد مصر (92,173 سائح)، العراق (211,589 سائح)، الاردن (92,920 سائح)، والكويت (40,382 سائح)

فضل سعودي على الصناعة

كما للسعودية افضال كثيرة على القطاع الصناعي اللبناني، اذ انها سوق تقليدية للصادرات اللبنانية، اذ حلت السعودية في المرتبة 2 على لائحة أهم أسواق الصادرات اللبنانية عام 2018 حيث أستأثرت بنحو 7 بالمئة من اجمالي الصادرات اللبنانية، في حين حلت السعودية في المرتبة 12 على لائحة اهم مصادر الاستيراد اللبناني عام 2018 مستأثرة بنسبة 3 بالمئة من اجمالي المستوردات اللبنانية.
وتظهر الاحصاءات للاعوام 2006 – 2018 تطوراً ملحوظاً في قيمة الصادرات اللبنانية الى المملكة العربية السعودية بنسبة 66.3 بالمئة ، مع الاشارة الى أن قيمة الصادرات قد بلغت ذروتها في العام 2014 بقيمة 377,5 مليون دولار ثم تراجعت الى 212.4 مليون في العام 2018.

تشير احصاءات المستوردات من السعودية الى لبنان بين الاعوام 2006 – 2018 الى تطور في قيمة المستوردات بلغت نسبته 69.5 ٪ وقد بلغت المستوردات ذروتها في العام 2011 بقيمة 531,6 مليون دولار.

 

الميزان التجاري

تظهر أرقام التبادل التجاري عجزاً في الميزان التجاري اللبناني مع السعودية بقيمة 193.4 مليون دولار في العام 2018، وهو كان قد بلغ ذروته في العام 2011 بقيمة 223,7 مليون دولار.
وحلت منتجات الشوكولاتة والمحضرات غذائية، الأدوية، البوليمرات الإيثيلين، مستحضرات تجميل أوال زينة، ومجموعات توليد الكهرباء ومغيرات دوارة للتيار في المراتب الخمسة الاولى لناحية المنتجات المصدرة الى السوق السعودية في عام 2018. وبلغت قيمتها 14,060 الف دولار، 10,796 الف دولار ، 10,296 الف دولار، 8,321 الف دولار، و8,135 الف دولار على التوالي.


في حين استورد لبنان من السعودية عام 2018، قضبان من حديد أو صلب غير مشغولة بقيمة 104,086 الف دولار ، بوليمرات الإيثيلين بأشكال أولية بقيمة 81,011 الف دولار ، بوليمرات البروبيلين أو الأوليفينات الأخرى بقيمة 29,107 الف دولار ، أدوية بقيمة 22,901 الف دولار ، زيوت ونفط 22,342 الف دولار.

 

اتفاقيات ثنائية

وبين لبنان والسعودية اواصر تعاون وثيقة، وقد قام البلدان بإنشاء مجلس الأعمال السعودي اللبناني، الذي يُعنى بالتنسيق الاقتصادي والتجاري بين البلدين على المستوى الحكومي من جهة، وعلى مستوى التجار والمستثمرين من جهة أخرى، كان من أبرز نتائج هذا المجلس هو تدشين الملتقى الاقتصادي السعودي اللبناني، الذي يقام بشكل سنوي. هذا بالإضافة لوجود هيئة تنمية العلاقات الاقتصادية اللبنانية السعودية.

كما يرتبط لبنان والسعودية بمجموعة من اتفاقيات التعاون.

مصدرغرفة بيروت وجبل لبنان (مركز الدراسات) - وزارة السياحة
المادة السابقةزخور: الاتفاق مع النائب اسود لتقديم مشروع قانون جديد للايجارات مدروس بطريقة مهنية وقانونية
المقالة القادمةإنطلاق المرحلة الأولى من انتخابات نقابة المهندسين في الشمال