في جديد مزايدة البريد، والتي رست فيها المناقصة يوم الخميس 30-3-2023، بعد فض العرض الوحيد واستناداً إلى قانون الشراء العام، على الائتلاف ما بين شركة ميريت انفست وColis Privé France المملوكة من مجموعة CMA CGM الفرنسية، علمت “المدن” أنّ الشركة الفائزة سقطت في هيئة الشراء العام، بعد خضوعها للتدقيق، ليتبيّن أنّ عقد الشركة غير مطابق لدفتر الشروط ولا يحقق التوازن المالي.
غياب شرطين أساسيين
في هذا الاطار، أوضح رئيس إدارة المناقصات في التفتيش المركزي الدكتور جان العلية، في حديثه لـ”المدن” أنّ “عقد الشركة الفرنسيّة لا يستجيب لمتطلبات دفتر الشروط. فعندما تضع الدولة دفتر شروط لإجراء أي ّمناقصة، على الشركة التي تتقدّم بالعرض الالتزام بتفاصيله كاملة”، كاشفا أنّ “هناك شرطان أساسيّان حالا دون توقيع لبنان عقد مناقصة البريد مع الشركة الفرنسيّة”.
ويلفت عليّة إلى أنّ “الشرط الاوّل هو أنّ دفتر الشروط كان ينصّ على التعاقد مع منتج خدمات بريديّة، وليس موزّع خدمات بريديّة، بينما عمل الشركة ينطوي تحت إطار توزيع الطرود وليس الخدمات البريديّة”، موضّحا أنّه “ربما الدولة لا تحتاج إلى منتج خدمات بريديّة، وبامكانها الاكتفاء بموزّع خدمات بريديّة، إلاّ أنّ دفتر الشروط اعتمد مصطلح “منتج” وليس “موزّع”، فلو ذكر مصطلح موزّع في دفتر الشروط من الاوّل، كان سيفسح المجال أمام شركات أخرى للتقدّم إلى المزايدة، ما يفعّل المنافسة. بالاضافة إلى أنّ دفتر الشروط ينصّ على امتلاك الشركة التي تتقدّم للعرض سندات بريديّة لتديرها، إلاّ أنّ هذا الشرط لم يتوفّر لدى الشركة الفرنسيّة “.
أمّا الشرط الثاني بحسب عليّة، فهو أنّ “عرض الشركة لم يستجب لمتطلبات دفتر الشروط الذي يقول بدفع نسبة من “الإيرادات” التي تحصّلها الشركة، فيما العرض التي تقدّمت به الشركة الفرنسيّة يطرح دفع 15.5% من قيمة أرباح الشركة السنوّية للدولة”، مفسّرا أنه “وبهكذا أنواع من الصفقات لا يمكن اعتماد صيغة “نسبة من الارباح” في العقود”.
الخطأ من لجنة التقييم
ويرى عليّة أنّ “الخطأ كان لدى لجنة التقييم، وهي لجنة مستقلّة في وزارة الاتصالات”، مبرئا الوزير من أيّ مسؤوليّة، ومشددّا على أنّ “الشركة الفرنسيّة شركة محترفة، وشفافة، ولم تقدّم أيّ معلومات مغلوطة للدولة، إنّما التقييم الخطأ جاء من قبل لجنة التقييم ولا يعكس واقع الشركة”.
ويشدّد عليّة على أنّ “العقد لم يوقّع بعد مع الشركة الفرنسيّة من قبل وزير الاتصالات جوني القرم، الذي أصرّ منذ البداية على تحويله إلى هيئة إدارة المناقصات في التفتيش المركزي، للاطلاع عليه قبل التوقيع والعمل بقرارها”.
نحو فتح مناقصة جديدة
ولعلّ الخطوة التالية برأي عليّة “ستكون بالتوجّه إلى فتح مناقصة جديدة، ما يعني فتح الباب أمام شركات جديدة للمنافسة. حيث لا يمكن توقيع عقد على مناقصة تشوبها عيوب، على الرغم من الاشادات الكبيرة بالشركة الفرنسيّة وبعملها، حرصا على المنافسة الشفافة”.
وطبعا هناك تفاصيل أخرى وأسباب أخرى حالت دون توقيع العقد سيكشف عنها كاملة تقرير هيئة التفتيش المركزي في وقت لاحق. وبناء عليه، سيتّجه لبنان مرّة جديدة إلى فتح باب المزايدات من جديد قبل انتهاء مهلة التجديد الحكوميّ الاخير لشركة “ليبان بوست” في 31 أيار.
ما موقف وزارة الاتصالات؟
تؤكد مصادر مقرّبة من وزارة الاتصالات في حديثها لـ”المدن” إلى أنّ “وزير الاتصالات جوني القرم تبلّغ سقوط عقد الشركة الفرنسيّة لمناقصة البريد في هيئة التفتيش المركزي، لوجود شرطين أساسيّين حالا دون توقيع لبنان عقد مناقصة البريد مع الشركة الفرنسيّة، لا يتطابقان مع دفتر الشروط”.
ولفتت المصادر إلى أنّ “القرم لم يتسلم التقرير النهائي لهيئة الاشراف بعد، وفور استلامه التقرير سيقوم بمراجعته بهدوء”، مشيرة إلى أنّ “ما حصل شكل صدمة للوزارة، وبعد أن تستيقظ منها، ستدرس الخطوة اللاحقة”.
فهل يجدّد لشركة “ليبان بوست” مرّة جديدة وبعد أكثر من 23 عامّا على احتكارها لقطاع البريد، وبنفس شروط العقد القديمة المجحفة بحقّ الدولة اللبنانيّة، في حال لم تتمكّن وزارة الاتصالات من إجراء مناقصة جديدة قبل الموعد.