عقود الإيجار والأزمة الإقتصادية.. المالك والمستأجر ضحايا الدولار!

أزمة تحليق سعر صرف الدولار مقابل اللّيرة اللّبنانية باتت أمراً إعتاد عليه المواطن اللّبناني، الا أنّها حطّت رحالها على واقع الإيجارات ليُصبح المستأجر في خطر المكوث دون مأوى نظراً لعدم قدرته على تسديد بدل الإيجار المرتفع الثمن…في هذه المسألة بالتحديد لا بُدّ بأنّ الطرفان مغبونان، مؤجّرٌ وجب عليه رفع تعرفة بدل الإيجار من أجل استمراريته في ظلّ الغلاء المعيشي المُتفلّت، ومستأجر غلبته الأزمة الإقتصادية فوقف حائراً بين مصيبتين، الأولى كيفية تأمين بدل الإيجار المرتفع والثانية المكوث دون مأوى… فيفقد الأمل أكثر…!

جورج. ش صاحب مبنى مؤلّف من خمس طوابق في جونية، يعتمد على المردود المادّي من خلال تأجير الشقق فيه، يقول لـ «الدّيار»: «من البديهي اليوم أن يكون الطرفين في خطر، فالمؤجّر الذي يعتمد على مدخول التأجير بحاجة ماسّة الى رفع الأسعار من أجل إمكانيته محاكاة العصر والتكيّف مع ارتفاع أسعار كافّة السلع وخاصّة تلك التي ترتبط بالصيانة، فأنا أقوم بورشة صيانة للبناية والشقق على حدّ سواء كلّ سنة، فالأسعار ارتفعت كثيراً وأصبحت مرغماً على رفع التعرفة، وفي المقابل، أغلبية المستأجرين بحاجة لإيجاد مأوى يعيشون تحت سقفه مع عائلاتهم وأنا أتفهّم الوضع خاصّة وأنّ الرواتب في لبنان فقدت قيمتها كلّياً، من هنا قررّت أن أرفع بدلات الإيجار على المستأجرين الجُدد فقط، وإبقاء القديمة على حالها تعاطفاً وتحسّساً مع بعضنا البعض».

وليد (58 عاماً) ربّ أسرة لثلاثة أطفال أصغرهم يبلغ من العمر 7 سنوات، وهو موظّف في معمل في منطقة جبيل يتقاضى راتبه بالعملة الوطنية وزوجته ربّة منزل، لم يستطع يوماً امتلاك منزل فأمضى حياته يتنقّل من منزل لآخر بحثاً عن بدل الإيجار الأوفر. اليوم يعيش وليد في منزل استأجره منذ قرابة الثلاث سنوات وأبرم عقد الإيجار مع المالك حينها بالدولار، 250$ شهرياً. بدأت الأزمة في لبنان وثابر الدولار على تحليقه حتّى فقدت 250$ التي كانت توازي 375,000 ليرة لبنانية قيمتها، فوقع الظلم على وليد المستأجر وعلى المالك الذي طالب برفع بدل الإيجار وتعديله ليشمله سعر الصرف اليومي للدولار، فستوازي حينها 250$ = 4,500,000 ليرة لبنانية، هذا إذا احتسبنا الدولار الواحد 18,000 ليرة!

بالنسبة لعقود الإيجار المتّفق عليها بالدولار، فقانونياً يؤكّد المحامي زياد عيسى لـ «الدّيار»أنّ «المسألة وعلى خلاف ما تمّ تصويره ليست متعلقة برفض المالك قبول بدلات الإيجار بالليرة اللبنانية، والمالك لا يرفض إطلاقًا تقاضي البدلات بالليرة، بل الإشكالية هي وفق أي سعر صرف سيعتمد في تسديد بدل الإيجار. فسعر الـ 1500 بات سعرًا وهميًا، ولا يُعتمد الا في المصارف ووفق تعاميم مصرف لبنان والتي تحدّد العلاقة بين المصرف والعميل بموجب قانون النقد والتسليف، واستيفاء القروض في المصارف يخضع لهذه التعاميم. بالمقابل مصرف لبنان ليس المرجع الصالح في تحديد سعر الصرف على عكس الشائع، ولم يمنحه قانون النقد والتسليف هذه الصلاحية، وبالتالي يخضع تحديد سعر الصرف إما لسوق العرض والطلب، والسعر الحقيقي لليرة اليوم هو سعر الصرف في السوق الموازية، إمّا لقانون صادر عن مجلس النواب، كقانون الدولار الطالبي الذي ألزم المصارف بالتحويل وفق الـ 1500، في حين أنّه لم يصدر قانون يحدد سعر الصرف بالنسبة للقطاعات التجارية الأخرى، ومنها بدل الإيجار في العقود المبرمة بالدولار». أمام هذا الواقع، يضيف عيسى ،»بما أنّ سعر السوق نتيجة مضاربات غير مشروعة، فالحل الوسطي هو باعتماد سعر المنصة وفق الـ 3900. فالعقد شريعة المتعاقدين يلزم طرفيه بالتقيد بأحكامه «كما أنّ العقود المبرمة بين المتعاقدين يجب أن ترتكز على مبدأ التوازن بالتعاقد المرتبط بالمنفعة الإقتصادية منه.

وتابع عيسى « لا يمكن أن يمتنع المالك أو أي أحد عن القبض بالليرة اللبنانية، التي تعتبر قوة ابرائية للدين، وفي حال تمنّع المالك عن القبض، يتم عرض وايداع بدلات الايجار فعلياً بالعملة اللبنانية وفقاً لنص المادة 43 من قانون الايجارات 2/2017 لدى كاتب العدل، الذي يعمل في القضاء أو المدينة التي يقع المأجور ضمن نطاق أي منهما، أو إرسال بدلات الإيجار بواسطة حوالة بريدية بكتاب مضمون مع إشعار بالاستلام، ضمن المهلة القانونية إلى محل إقامة المؤجر، ويصبح تسديد بدل الايجار الزامياً بإحدى هاتين الوسيلتين خلال مهلة شهرين من تاريخ تبلغ إنذار بالدفع ، اذا امتنع المؤجر عن قبض البدلات مباشرة. أما بالنسبة لبدلات الايجار الجديدة المنظمة وفقاً للقانون 159/92، فإذا تم رفض العرض والايداع لبدلات الايجار من المالك ، فعلى المستأجر زيادة على الاجراءات بأن يتقدّم بدعوى اثبات صحة العرض والايداع الفعلي لدى قاضي الإيجارات، خلال 10 ايام من تاريخ تبلّغه رفض المالك لهذا العرض والايداع».

 

مصدرجريدة الديار - باميلا كشكوريان السمراني
المادة السابقةحسن: إطلاق حملة فايزر لتغطية الفئات العمرية 1992 – 1997
المقالة القادمةالمازوت يكفي استهلاك السوق لـ3 أيام… والبنزين “كارثة الكوارث”!