بعد تآكل الرواتب وتهاوي الحد الأدنى للأجور من 450 دولاراً الى 35 دولاراً وفق سعر صرف 19000 ليرة للدولار، وانعدام القدرة الشرائية والمعيشية لدى المواطنين مع انهيار الليرة اللبنانية بأكثر من نسبة 90% من قيمتها الفعلية، فضلاً عن تفاقم أزمة هجرة الكادر البشري الكفوء، بدأ عدد قليل من مؤسسات القطاع الخاص معالجة آنية خجولة لانهيار قيمة الأجور. فعمد بعض المصارف الى رفع سعر صرف الدولار للرواتب من 1500 ليرة للدولار الى 4500 ليرة اي بزيادة بقيمة ثلاثة أضعاف، على أن تقسم طريقة تسديد الراتب الواحد الى ثلاثة أقسام: قسم يسدّد بالدولار الكاش، وقسم يحتسب وفق سعر 3900 ليرة للدولار وجزء بالليرة اللبنانية. فضلاً عن ذلك في ظلّ شحّ مادة البنزين وارتفاع سعر الصحيفة، يتم منح الموظفين 20 ليتراً من البنزين أسبوعياً.
وعلى درب ذلك المصرف بدأت تسير مؤسسات خاصة أخرى، اذ اعتمدت التسعيرة نفسها، في حين لا تزال مؤسسات أخرى تستغلّ انعدام فرص العمل والأزمة الإقتصادية والمعيشية للمواطنين للإبقاء على احتساب الرواتب وفق سعر الـ 1500 ليرة للدولار، ما لم يعد يكفي حتى لتسديد الموظف كلفة “فاتورة 5 أمبير”. ويعتبر رئيس الإتحاد العمالي العام بشارة الأسمر هذه المعالجات في إطار “مرحلي” مؤكداً أنها “ستستمرّ لحين ايجاد قاسم مشترك لمعالجة الأجور ورفع الحد الأدنى، ولا يتم ذلك الا عندما يحصل نوع من الإستقرار النقدي”. موضحاً لـ”نداء الوطن” أنّ مثل هذه المعالجات “بدأت تعتمد في القطاعات الإستشفائية والصحية والجامعية وحتى السياحية، اذ استعادت الأخيرة في الموسم الحالي بين 50 و 60 ألف فرصة عمل فقدتها خلال العام الماضي”.
لكن هل ذلك التصحيح في الأجور يكفي لتلبية متطلبات العيش التي تتصاعد وتيرتها مع عدم وجود سقف للدولار، ومع إقبال مصرف لبنان على رفع الدعم كلياً عن المحروقات وما سينتج عنه من إرتفاع قياسي في الأسعار والخدمات الحيوية للمواطنين؟ يجيب الخبير الإقتصادي والمالي د. لويس حبيقة لـ”نداء الوطن”: “ذلك التصحيح لسعر صرف الدولار في المؤسسات الخاصة طبعاً غير كاف، إنما هو حلّ آني جزئي لمعالجة مشكلة إجتماعية أساسية في ظلّ عدم وجود حكومة واستقرار في سعر صرف الدولار. إلا أن ذلك سيحسّن طبعاً وضع المستخدمين ويخفّف العبء المعيشي الملقى على عاتقهم، علماً أن المؤسسات بدورها لا تحقّق الأرباح”.