أخرجت وزارة الطاقة والمياه آخر ما عندها من حلول لمنع وقوع العتمة الشاملة، ومدّت يدها إلى الجيش ومنشآت النفط، على أمل أن تقرض هذه الجهات المعامل الحرارية بعضاً من مخزونها من مادة «الغاز أويل» بهدف منعها من الخروج التام عن الخدمة، على أن يجري مجلس إدارة المؤسسة التسوية المالية بعد عودة رئيس المجلس من إجازته صباح الإثنين. لذا، قام وزير الطاقة والمياه وليد فياض بمراسلة منشآت النفط، وطلب منها «تسليم مؤسسة كهرباء لبنان 5 آلاف كيلوليتر من مادة الديزل أويل، حوالي 4 آلاف طن»، مصدرها «الخزين الاستراتيجي للجيش، وتقوم منشآت النفط في الزهراني بإصدار فواتير بالكمية المسلّمة وكلفتها، على أن تبادر مؤسسة الكهرباء إلى دفع كل المستحقات بالسرعة القصوى». المشكلة أن هناك مخاوف من أيّ اعتراض من أعضاء المجلس بسبب خلفيات سياسية.هذا على مستوى الحل الأوّلي لمنع العتمة الشاملة. وفي حال بروز هذه الاعتراضات قبل عودة كمال حايك من الإجازة، فإن مسؤولية العتمة ستقع عليهم وستتوقف التغذية بالتيار عن كل المنشآت الحيوية التي تتغذى من «خطوط الخدمات العامة»، مثل المطار والمرفأ ومضخات المياه الرئيسية في البلاد.
كذلك تعمل الوزارة على حلحلة عقدة ثانية تتمثل في تأمين الفيول لإعادة تشغيل مجموعات التوليد الأربع في معملَي دير عمار والزهراني، عبر سلفة الخزينة التي وافق عليها مجلس الوزراء للإدارات والمؤسسات العامة لشراء «الغاز أويل». وتبلغ قيمة هذه السلفة 6850 مليار ليرة عن الفترة الممتدة من شهر تشرين الثاني عام 2022 حتى نهاية حزيران من عام 2023، أي 76 مليوناً و500 ألف دولار بحسب سعر صرف السوق. وتخطط وزارة الطاقة لاستخدامها في شراء 30 ألف طن من مادة «الغاز أويل» عبر مناقصة «spot cargo»، وهي بالفعل قامت بإجراء التلزيم المؤقت في شهر تموز الماضي، وأجّلت التلزيم النهائي، أي التحميل والتفريغ.
وبدوره، «أخذ مجلس الوزراء علماً بخطوات وزارة الطاقة، ووافق على كتابها الرقم 3665 الذي عرضت فيه خطتها لعدم الوقوع في العتمة الشاملة»، بحسب نص القرار الحكومي. إلا أنّ دون حلول الطاقة الأخرى عراقيل أيضاً، إذ لم تصرف وزارة المال من سلفة الخزينة المخصصة لدفع فواتير كهرباء الإدارات والمؤسسات العامة سوى ألف مليار من أصل 6850 ملياراً، على الرغم من أنّ مرسوم الموافقة على سلفة الخزينة الرقم 12816 صدر منذ 8 أشهر. لذا، تمهّل وزير الطاقة في التلزيم النهائي لمناقصة شراء الوقود، على الرغم من «أنّ السفينة جاهزة لتحميل الغاز أويل في مصر»، بحسب فياض، و«بإمكانها الوصول قبل تاريخ 21 آب إلى مصبات النفط الخاصة بمعامل الكهرباء للتفريغ».
ولكن خوفاً من العراقيل التي تظهر في آخر لحظة، طلب فياض تأجيل التحميل حتى تفتح الاعتمادات. «نحن دفعنا أثمان تأخير التفريغ سابقاً من خلال جعل السفن تنتظر أمام الشواطئ، ما أدى إلى تسجيل غرامات التأخير»، يقول فياض، و«لا نريد اليوم تحمل مسؤولية ما هو بيد المصرف المركزي». وحول توقع الوزارة حصول ألاعيب جديدة من المركزي للتأخير، أجاب فياض، «هذه أموال الكهرباء، وليست سلف خزينة، ولكن نعم نخشى أن يقول المركزي إنّه لا يريد صرف الأموال بالدولار مثلاً، لذا لن نطلب من الباخرة التحميل والإبحار باتجاه لبنان قبل الحصول على الموافقة بفتح الاعتماد».
وفي حال الموافقة على شراء مادة «الغاز أويل» من خارج العقد العراقي، من المتوقع أن ترتفع الطاقة الموضوعة على الشبكة حتى 600 ميغاواط، بحسب فياض، إذ «سيصار إلى تشغيل المجموعات الحرارية في معملَي دير عمار والزهراني».
وبعد تحميل النفط العراقي في 24 آب، كما هو متوقع، ولاحقاً مبادلته بـ«الغاز أويل»، أشار فياض إلى «إمكانية توليد طاقة بقدرة 1000 ميغاواط من المعامل الشغالة حالياً، فضلاً عن إدخال المجموعات العكسية في معملَي الجية والذوق إلى الخدمة، والمجموعة الرابعة في معمل الزهراني».
«الحل مخيّط»، يقول فياض. و«في حال تمرير القانون في مجلس النواب الذي يبرم الاتفاقية مع الجانب العراقي، سنبدأ بدفع الليرات للمركزي العراقي لشراء الخدمات في لبنان، ونستخدم الدولارات الموجودة في حسابات الكهرباء لشراء الوقود، ما يضاعف مخزونات المؤسسة من الوقود». ولفت فياض إلى إمكانية عقد اتفاقية مع العراق في هذا الصدد أيضاً، «تقوم على أساس شراء النفط الخام من العراق، لا الفيول ذي التركيز العالي بالكبريت، كما يجري الآن، فالعراق لا ينتج الغاز أويل المناسب لمعاملنا. ومن ثم نبادل النفط الخام بالوقود المطلوب لتشغيل المعامل الحرارية في لبنان، وهكذا ندفع للعراق بعملتين، الليرة والدولار، وهذا ما يرضي الطرف العراقي أيضاً كونه ضحّى معنا في فترة انتظار الدفع»، ختم فياض.