كسبت أسعار صرف العملات الناشئة نحو 1.5% مقابل الدولار في شهر يوليو/ تموز الماضي، حسب بيانات مؤشر” أم أس سي آي” العالمي لقياس أدوات المال والعملات بالأسواق الناشئة. واستفادت العملات الناشئة في هذا الارتفاع من تراجع الدولار وتوسع الكتلة النقدية في الاقتصادات الكبرى.
ورغم أن ضعف سعر صرف الدولار وعودة الاقتصاد الصيني للنمو ساهما في عودة الجاذبية الاستثمارية للأسواق الناشئة، إلا أن العديد منها لا تزال تعاني من التدهور. من بين العملات التي شهدت أكبر تراجع، الروبل الروسي والبيسو المكسيكي والراند الجنوب أفريقي والبيسو التشيلي.
ويقسم المستثمرون العملات الناشئة إلى نوعين، الأول، عملات الدول التي تعتمد في دخلها على السياحة والسلع الأولية، وهذه الدول سيتأخر انتعاشها الاقتصادي بسبب تداعيات جائحة كورونا وتأثيرها السالب على الدخل السياحي والطلب العالمي على السلع الأولية وأسعارها.
والنوع الثاني، عملات الدول التي تعتمد على التقنية والصناعة والمنتجات الزراعية مثل تركيا وكوريا الجنوبية وماليزيا. وعملات هذه الدول ستستفيد من صادرات الأغذية والمنتجات الصناعية، خاصة المنتجات الصحية مثل الألبسة والوقاية والكمامات.
وتعد العملة الروسية من أكبر الخاسرين خلال الشهر الماضي، إذ تراجعت إلى 73.5 روبل مقابل الدولار. وهذا أدنى مستوى للروبل منذ مارس/ آذار الماضي، وخسر الروبل 4% من سعر صرفه خلال الأسبوعين الأخيرين من شهر يوليو/ تموز. وعزا محللون ماليون بصحيفة ” موسكو تايمز” أسباب التراجع إلى ثلاثة عوامل رئيسية وهي، تراجع أسعار النفط، أحد مصادر روسيا الأساسية من النقد الأجنبي، واحتمال فرض مزيد من الحظر الأميركي على الشركات الروسية، وتوجه البنك المركزي الروسي نحو مزيد من خفض الفائدة.
ويقلص ضعف الدولار فاتورة الدول الناشئة الخاصة بتسديد أقساط الديون المصرفية التي أخذت معظمها عبر ” سندات اليورو”، أي السندات المقومة بالدولار. وحسب بيانات معهد التمويل الدولي، فإن ديون الاقتصادات الناشئة ارتفعت من ترليون دولار في العام 2005 إلى 3.2 ترليونات دولار حتى نهاية الربع الأول من العام الجاري. وتعادل هذه الديون نسبة 114% من إجمالي الناتج المحلي للاقتصادات الصغيرة “متوسطة التطور” في العالم.
ولاحظت تقارير أميركية عودة الجاذبية إلى أسواق المال بالدول الناشئة بعد أن كسبت 8.7% في شهر يوليو/ تموز مقارنة بالمكاسب المتحققة في السوق الأميركي المقدرة بنحو 4.6% وأسواق الاقتصادات المتقدمة بنحو 4.7%. وتستفيد البنوك الأميركية في زيادة استثماراتها في الأسواق الناشئة من السيولة الضخمة المتوفرة لها من تحفيزات مصرف الاحتياط الفدرالي، ” البنك المركزي الأميركي” ووزارة الخزانة. كما تدفعها مخاوف الكساد في أميركا من عمليات الاستثمار في سوق القروض الأميركية.
وتحقق المصارف الأميركية والأوروبية أرباحاً ضخمة من هوامش أسعار الفائدة بين الاقتصادات الرأسمالية الكبرى والاقتصادات النامية. إذ بينما ظلت البنوك التجارية الكبرى في أميركا وأوروبا تقترض من بنوكها المركزية بفائدة صفرية، فإنها تقرض الاقتصادات الناشئة بفائدة فوق 5% وتصل في بعض الأحيان إلى 10%.
وحسب رويترز، ظل الدولار ضعيفاً أمس الأربعاء، مع تعثر الكونغرس في إجازة حزمة إنقاذ جديدة لمواجهة تداعيات فيروس كورونا، وانخفاض عائدات السندات الأميركية، بينما يترقب المستثمرون فرص المزيد من قرارات التيسير النقدي لدعم الاقتصاد.
ويحاول مفاوضو البيت الأبيض والديمقراطيون بالكونغرس التوصل إلى اتفاق على حزمة بحلول نهاية هذا الأسبوع، وقال وزير الخزانة ستيفن منوتشين يوم الثلاثاء إن تقدما تحقق بخصوص الأجزاء الأساسية لمشروع القانون.
وجرى تداول العملة في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء بارتفاع 0.1 بالمئة عند 1.1815 دولار. وصعدت معظم العملات الرئيسية أمام الدولار، مما دفع مؤشره نحو أدنى مستوى في عامين عند 92.53 نقطة. وتم تداوله عند 93.05 مع تجاوز سعر الذهب ألفي دولار، وهو ارتفاع قياسي. واقتربت عائدات سندات الخزانة لأجل عشر سنوات من أدنى مستوى في خمسة أشهر الذي سجلته يوم أول أمس الثلاثاء.