عندما تمنع القوانين رجال السياسة من التدخّل في الأمور المالية…

من كان يتصور ان يملك لبنان اليوم 28 مليار دولار ثمنا لكمية من الذهب اشتراها ب 286 مليون دولار ايام الرئيس الراحل الياس سركيس ومن كان يتصور ان سعر اونصة الذهب التي لم يتجاوز سعرها مئة دولار اصبحت اليوم تقترب من ال 3 الاف دولار والحبل على الجرار صعودا لانه اصبح الملاذ الامن .

من كان يتصور ان السياسيين اللبنانيين لم يتركوا اي قطاع اقتصادي او اجتماعي ولم يتركوا حتى ودائع الناس المحجوزة في المصارف وأن يصدروا قانونا بمنع التصرف بالذهب الموجود في مصرف لبنان والولايات المتحدة الاميركية وهو لغاية الان محرّم على هؤلاء السياسيين بعد ان اطاحوا كل ما يملك مصرف لبنان من ودائع وعملات اجنبية ما عدا الذهب المحصن بالقانون .

ووفي مجلس النواب، صدر القانون اللبناني رقم 42، وينص على الآتي: «بصورة استثنائية وخلافا لأي نص، يمنع منعا مطلقا التصرف بالموجودات الذهبية لدى مصرف لبنان أو لحسابه مهما كانت طبيعة هذا التصرف وماهيته سواء أكان بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلا بنص تشريعي يصدر عن مجلس النواب».

وفي ضوء ذلك يحتل لبنان المرتبة الـ20 عالميا في احتياطي الذهب، وفق تصنيف مجلس الذهب العالمي، ويتصدر المرتبة الثانية عربيا بعد السعودية (لديها 323.1 طنا)، إذ يملك 286.8 طنا، أي نحو 10 ملايين أونصة تناهز قيمتها 28 مليار دولار.

إذ بدأ منذ العام 1948 باقتناء أول كمية من الذهب على أثر انضمامه إلى صندوق النقد الدولي في العام 1946 بعد الاعتراف بالليرة اللبنانية وقد عمدت الحكومات اللبنانية المتعاقبة ما بين الاستقلال وأوائل السبعينيات الى شراء الذهب لتغذية احتياطي مصرف لبنان المركزي، وذلك من فائض الموازنة والضرائب التي تأخذها.

وفي العام 1996، أقرت الحكومة اللبنانية اتفاقية عقود إصدار سندات الدين بالعملات الأجنبية (اليوروبوندز)، وتنص بأحد شروطها على أن على الدولة اللبنانية الخضوع لقوانين محاكم نيويورك لحل النزاع بينها وبين الدائنين، ويقتضي تخلي الدولة عن سيادتها على موجوداتها الخارجية، إذا تخلفت عن سداد ديونها بالعملات الأجنبية. ويعتبر الذهب أهم هذه الموجودات الخارجية وقد جرت محاولات عديدة لبيع الذهب ابان الازمة الاقتصادية الاخيرة او بيع جزء منه اًًو تأجيره لكن كل هذه المحاولات باءت بالفشل لان الذهب محمي بقانون يمنع التصرف به، حتى ان المواطنين الذين يملكون اونصات ذهب يطالبهم رئيس تجار الذهب في لبنان نعيم رزق الا يبيعوها لان القرش الابيض لليوم الاسود وانها على ارتفاع في اسعارها ولانها تعتبر اليوم الملاذ الامن خصوصا ان سعر اونصة الذهب تجاوز ال 3 الاف دولار اميركي . وان كل دول العالم تنصح باقتناء الذهب والاسباب التي تقف وراء ذلك هي الظروف التي تعيشها دول العالم وتؤدي الى ارتفاع سعر الذهب كالحروب وغيرها من ظروف غير مستقرة وعندما تولى ترامب مسؤولياته تفاجأ العالم الذي كان ينتظر حلولا اقتصادية ومعيشية بمزيد من التعقيدات وهذا ما ادى الى ارتفاع الذهب .

على اي حال فان تسييل الذهب يحتاج الى دولة قوية تتمتع بثقة مواطنيها وقادرة على فرض الاصلاحات التي يطالب بها المجتمع الدولي وان تحقق الغاية التي من اجلها تم تسييل الذهب .

مع العلم ان حاكم مصرف لبنان بالانابة الدكتور وسيم منصوري كان قد اعلن ان مصرف لبنان تلقى عروضا من مصارف اميركية من اجل استثمار الذهب اللبناني.

مصدرالديار - جوزف فرح
المادة السابقةمصالح وأطماع تؤخّر رفع الركام في الجنوب
المقالة القادمةتعاون بين الـ “هيئات” والشؤون الاجتماعية