عن ضريبة الدعم الاستثنائية: وحده “المواطن” استفاد لا “شركات النفط”

أقرّ مجلس النواب ضمن موازنة 2024، القانون المقترح من نواب “اللقاء الديموقراطي” والقاضي بـ”فرض ضريبة استثنائية بنسبة 10% على كل مَن استفاد من دعم يفوق 10 آلاف دولار أمّنه مصرف لبنان للمؤسسات والتجار”…

المُستغرَب في هذا القانون، على رغم التحفظات العديدة عليه، شمول شركات النفط بهذه الضريبة الاستثنائية! علماً أن تلك الشركات استمرت سنوات في بيع مواد البنزين والديزل أويل والغاز بالليرة اللبنانية حين كانت تسدّد ثمن شحناتها بالدولار الأميركي نقداً على وقع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار الأميركي في السوق الموازية…

هذه الوقائع فنّدها مصدر في قطاع النفط عبر “المركزية”، ليَتّضِح في ضوئها أن الشركات المستوردة للنفط كانت تلعب فقط دور الوسيط في آلية الدعم بين الدولة اللبنانية والمواطن، ويتبيّن أن المستفيد الحصري والوحيد من دعم مواد البنزين والديزل أويل والغاز، كان المواطن دون سواه.

وينطلق المصدر من بداية الأزمة المالية في العام ٢٠١٩ وتعثر الدولة اللبنانية عن الإيفاء بالتزاماتها المالية في استحقاقات سندات الـ”يوروبوندز”، مترافقاً مع ارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية في السوق الموازية، ليذكّر بأن “الشركات المستوردة للنفط طلبت آنذاك من وزارة الطاقة والمياه السماح لها ببيع مواد البنزين والديزل أويل والغاز بالدولار بدل الليرة كي تتمكّن من الاستمرار في تسديد المستحقات المتوجبة عليها للمورّدين الأجانب، وبالتالي الاستمرار في استيراد هاتين المادتين الحيويّتين وتأمينهما بشكل منتظم للسوق المحلية… لكن وزارة الطاقة والمياه رفضت ذلك، وتم الاتفاق على الاستمرار في البيع بالليرة اللبنانية بحسب جدول تركيب الأسعار الرسمي الصادر عن الوزارة، على أن يؤمّن مصرف لبنان المبالغ بالدولار الأميركي للشركات المستوردة للنفط بحسب سعر الصرف المعتمد في جدول تركيب الأسعار ضمن آلية محددة، وذلك لتخفيف عبء ارتفاع سعر صرف الدولار على المواطن في هاتين المادتين الحيويتين”.

حقيقة آلية الدعم…
وليس بعيداً، يُشير المصدر إلى آلية الدعم التي تم اعتمادها بحسب الاتفاق المذكور، حيث تقوم مديرية الجمارك اللبنانية بقياس خزانات كل شركة من الشركات المستوردة للنفط عند إصدار كل جدول تركيب أسعار، لتبيان حجم البيع من كل مادة بحسب سعر صرف الجدول السابق. وعند كل عملية من هذا النوع، تصدر مديرية الجمارك محضراً مفصّلاً بالكميات الموجودة في كل خزان ومن كل مادة بالإضافة إلى تدوين إسم باخرة الشحن… وعند الانتهاء من بيع كامل كمية الشحنة، تقوم الشركات المستوردة بتقديم ملف كامل عن هذه الشحنة إلى المديرية العامة للنفط، على أن تُمحِص المديرية العامة للنفط في هذه المستندات لمعرفة مدى مطابقتها مع المعلومات الموجودة لديها عن هذه الشحنة، وبعد مطابقة المعلومات ترسل كتاباً إلى مصرف لبنان تؤكد فيه صحة المعلومات المقدَّمة من قِبَل الشركة وتُرفق مع الكتاب كامل المستندات المقدَّمة.

توازياً، يُضيف المصدر، تُجري لجنة مختصة في مصرف لبنان العملية الحسابية لتحديد معدل سعر الصرف المُعتَمَد في عملية المبيع، وإعلام المصرف الذي تتعامل معه الشركة بمجموع المبلغ بالليرة اللبنانية المتوَجّب على الشركة التي تقوم بإرسال إجمالي المبلغ المطلوب بالليرة اللبنانية إلى مصرف لبنان بواسطة المصرف الذي تتعامل معه، ليقوم بدوره بتحويل قيمة هذا المبلغ إلى الدولار لإيفاء قيمة فاتورة المورّد حصراً.

في ضوء هذه الوقائع والحقائق، هل يمكن القول بعدها أن شركات النفط استفادت من سياسة الدعم؟ أم تنبّه المعنيون بالقرار أن مَن استفادَ من الدعم هو المواطن… وهنيئاً له ذلك في بلدٍ ذهبت حقوقه فيه دهساً تحت أقدام الشعبوية والمزايدات السياسية العقيمة!

مصدرالمركزية
المادة السابقةأرقام الموازنة “وهمية”: لا مفر من صندوق النقد وتعديل سعر الصرف الرسمي
المقالة القادمةمنصوري امام خيارين لا ثالث لهما بالنسبة لتعديل التعميم ١٥١