عوائق تقنية أمام الغاز المصري والكهرباء الأردنية: الفيول العراقي أول الحلول؟

بدا أن كل أزمة الكهرباء حُلّت دفعة واحدة. كان لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن قرب وصول باخرة المازوت الإيراني إلى لبنان مفعول السحر على السفيرة الأميركية دوروثي شيا، التي سارعت إلى تبشير رئيس الجمهورية ميشال عون بحلّ كل العوائق أمام استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر. وأكثر من ذلك سمع عون من شيا أن «المفاوضات جارية مع البنك الدولي لتأمين تمويل ثمن الغاز المصري وإصلاح خطوط نقل الكهرباء وتقويتها والصيانة المطلوبة لأنابيب الغاز».

وفي السياق نفسه، نقلت وكالة الأنباء الأردنية «بترا» عن وزيرة الطاقة والثروة المعدنية هالة زواتي أن «مساعدة لبنان والشعب اللبناني كان في مقدمة المواضيع التي طرحها الملك عبدالله الثاني خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة». وأشارت إلى أن «البحث مستمر في سبل تحقيق ذلك وسنقوم بكل ما نستطيع لمساعدة أشقائنا».

سريعاً يدعو عاملون في القطاع إلى عدم الإفراط في التفاؤل، لأسباب تقنية بالدرجة الأولى، وتتعلق بعدم جاهزية شبكات الربط. في المقابل، اعتبرت مصادر مسؤولة في كهرباء لبنان أن الشق المرتبط باستيراد الغاز المصري يعطي أملاً جدياً بإمكان حلّ جزء كبير من الأزمة. فإذا سارت الأمور كما يجب، يمكن أن يُسهم استيراد الغاز عبر أنابيب الخط العربي في تشغيل معمل دير عمار بالكامل على الغاز، بما يؤمن 460 ميغاواط من الكهرباء، التي يستفيد منها كل لبنان. وما يزيد من تفاؤل المسؤولين في المؤسسة أن الصيانة الكبرى التي تجرى حالياً لأحد التوربينين، ستضمن تشغيله لـ41 ألف ساعة، أي ما يعادل خمس سنوات، علماً أن التوربين الثاني قادر على العمل لسنتين إضافيتين، قبل إجراء الصيانة الكبرى له (يضاف إلى التوربينين، توربين يعمل على البخار). فإذا ضمنت كهرباء لبنان تشغيل هذا المعمل، ستكون قادرة على توزيع الفيول العراقي على معامل أخرى، بما يؤدي إلى زيادة ملحوظة في الإنتاج.

الإشكالية الأساسية لهذا السيناريو تتعلق بواقع أنبوب الغاز في سوريا. يؤكد مطلعون على الملف أنه فيما يمكن إعادة تشغيل الوصلة من حمص إلى البداوي (32 كلم) خلال أسبوع، فإن القسم الممتد من الحدود الأردنية إلى الداخل السوري سبق أن تعرّض لأضرار عدة، بالتالي فإن إصلاحه سيتطلب مزيداً من الوقت. علماً أن مصادر سورية تؤكد أن الأعطال تطال محطات التحويل الأوتوماتيكية، والتي يمكن تشغيلها «ميكانيكياً» (من قبَل العمال) إن اضطر الأمر. علماً أن الخط ليس متصلاً بين الحدود الأردنية والحدود اللبنانية، وعندما كان لبنان يستفيد من الخط لشراء الغاز المصري وتزويد معمل دير عمار، كان يتم إجراء مقاصة في سوريا، بحيث تحصل دمشق على الكمية المصرية المحددة، وتعطي لبنان من آبارها.

في ذلك الوقت، أظهرت سوريا استعدادها لزيادة الكمية المرسلة إلى لبنان إلى حدود 1000 ميغاواط. طبعاً لا يمكن للشبكة اللبنانية نقل هذه الكمية، بل ثمة حاجة إلى إعداد البنية التحتية لتلائمها. لكن الأهم أن 350 ميغاواط يمكن أن تصل إلى لبنان سريعاً وعبر اتفاق تجريه مؤسسة كهرباء لبنان لا الحكومة. كذلك يمكن لهذه الكمية أن ترتفع ما بين 150 و200 ميغاواط في غضون ستة أسابيع فقط، لتصل في مجموعها إلى ما بين 500 و550 ميغاواط يستفيد منها لبنان في غضون شهرين فقط. حالياً الأمر مختلف. تؤكد المصادر أن المعامل التي كانت تُزوّد لبنان بالكهرباء مطفأة بسبب نقص المحروقات. ولذلك، لا يمكن تشغيلها إلا إذا تمكّنت سوريا من تأمين المحروقات، من خلال حصولها على حصة من الغاز المصري أو ارتفعت قدرتها على الاستفادة من الغاز في البادية.

 

مصدرجريدة الأخبار - إيلي الفرزلي
المادة السابقةالنفط الإيراني… شريان للحياة
المقالة القادمة«توتال» لا توزّع خارج بيروت وجبل لبنان!