عون قدَّم عرضاً رئاسيّاً… والحزب حدَّد أصل العلَّة وحذَّر

 

 

في ظل إتّبَاع الدول والهيئات الدوليّة المانحة المُشاركة في “مؤتمر سيدر” سياسية “الجزرة بلا عصا” مع الطبقة السياسيّة الحاكمة للبنان، ليس مُستغرباً أنْ يعجز المانحون، إلى الآن، عن دفع السلطات اللبنانيّة الرسميّة إلى الإسراع في إنجاز كل الإصلاحات المطلوبة كي يتم الإفراج عن القروض وبعض المساعدات المرصودة للمساهمة في إنقاذ البلد من انهيار، “صُنِعَ في لبنان”، وبالتالي قد تصبح مقرّرات “سيدر” هي مَن تحتاج إلى الإنقاذ لغاية في نفس الأوصياء الجُدد.

وما زاد في العجز الدولي إتكال المانحين على حكومة “إلى العمل” التي تعتبر تركيبتها وأنانيّة بعض مكوِّناتها من أهم أسباب فشل الحكومة في الإلتزام بكامل شروط “سيدر”، والتي لولا التواطؤ بين المُهيمنين على السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة لَمَا أمكن تمرير بعض الإصلاحات بعد تزويدها ببعض الثغرات، التي قد تسمح لاحقاً بالتسلّل عبرها لمَحو مفاعيلها الإصلاحيّة.

من بكركي، يوم الأحد الماضي، وبعد أنْ طفح الكيل، رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون قال “مُحذِّراً”: (نمرّ في أزمة… والوضع لا يسمح بالتمادي بالوقت)، ولكنه “لم يمشِ” عملاً بالقول المأثور “قل كلمتك وامشِ”، بل أتبع تحذيره بتقديم “عرض رئاسي”، لا جزرة فيه ولا عصا، دعا عبره (مَن ليس لديه الخبرة لإنهاء الأزمة بسرعة لأنْ يتفضّل إلى بعبدا ونحن نقوم بإنهائها له).

يوم السبت الماضي، كان لافتاً أنّ مقدمّة النشرة المسائيّة لمحطّة الـ “أو تي في” تضمّنت مواصفات مَن قصد الرئيس عون بموقفه في اليوم التالي. فالمحطّة وبعد أنْ استثنَت (“حزب الله” الذي لم يكن شريكاً في المراحل السوداء)، هاجمت كل مَن (شارك لعقود في السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومنح ثقته العمياء لسياسات خاطئة… ويهوّل على الناس بالوضع الاقتصادي والمخاطر الماليّة، ويزايد بتوجّهات التقشف والحرص على المال العام). واللافت أكثر أنّ هجوم المحطّة لم يستثنِ حزب “القوّات اللبنانيّة” كونه، أيضاً، لم يكن شريكاً في تلك المراحل.

موقف “حزب الله” لم يكن بعيداً عن الموقف الرئاسي، ولكن لكلٍ أسلوبه. فقد حدَّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، يوم الجمعة الماضي، “أصل العلَّة” بقوله: (المطلوب أنْ نثبت أننا “شركاء” في هذا الوطن… ولا يمكننا أن نبقى نعمل على التصويب، وغيرنا يذهب ويعمل في مكان آخر). وبعده بيوم، أي السبت، حذّر عضو المجلس المركزي في “الحزب” الشيخ نبيل قاووق من أنّ (“حزب الله” لن يقبل و”لن يسمح” بأنْ يكون حلّ الأزمة الاقتصاديّة والماليّة في لبنان على حساب الفقراء)، ولم يتردّد في الذهاب إلى ما هو أبعد من التحذير، قائلاً: (… ومن يُفكّر بحلول للأزمة من جيوب الفقراء إنما يفتعل أزمة جديدة).

الجزرة هي الدولة والمؤسسات والسيادة والحريّة والاستقلال، وعصا المجتمع الدولي مرفوضة بما حملَت، ولا عصا إلا عصا الشعب اللبناني “السلميّة”، هذا إذا تعافت الديمقراطيّة الخاصة بلبنان.

وعلى كل مسؤول “خبير أو قليل الخبرة أو فاقد الكيمياء” إدراك أنّ أصل العلَّة يكمن في “الشراكة المفقودة”، وتفهَّم أسباب العرض الرئاسي، وتجنَّب دواعي التحذيرات وتبعات تجاهلها على البلد وشعبه “العظيم”.

بواسطةحسن سعد
مصدرليبانون فايلز
المادة السابقةمشروع الموازنة رهن بلقاء عون – الحريري
المقالة القادمةورقة الحريري: خفض الرواتب ورفع الـTVA وضريبة على البنزين.. وخصخصة