عون: لا فوائد من الخزينة لمصرف لبنان أو للمصارف

من أصل مبلغ 7600 مليار ليرة ملحوظة في مشروع موازنة 2022 لتسديد فوائد الدين العام، فإن 1200 مليار ليرة مخصّصة لتسديد ديون طويلة المدى لمؤسّسات دولية، والباقي البالغ 6400 مليار ليرة مخصّص بنسبة الثلث لتسديد فوائد على سندات خزينة بالليرة تحملها المصارف، وبنسبة الثلثين لتسديد فوائد على سندات خزينة يحملها مصرف لبنان. عملياً، الفوائد المدفوعة لمصرف لبنان وللمصارف تمثّل أكثر من 60% من عجز الموازنة قبل احتساب سلفة الخزينة لمؤسّسة كهرباء لبنان البالغة 5250 مليار ليرة (260 مليون دولار) والتي لا تكفي لتشغيل معامل إنتاج الكهرباء أكثر من شهرين، رغم الاعتراضات الواسعة غير المبرّرة عليها.

لكن الإيرادات ازدادت بنسبة 274% لتبلغ 39154 مليار ليرة، مقارنة مع 10472 مليار ليرة في مشروع موازنة 2021، أي بزيادة 28682 مليار ليرة. هذه الزيادة متأتية بشكل أساسي من الضرائب على الاستهلاك في إطار جملة أعباء ضريبية إضافية؛ على رأسها فرض رسم على الاستيراد بنسبة 3% وزيادة الدولار الجمركي. لكن هذه الزيادة في الضرائب لم تنعكس زيادات كبيرة على رواتب العاملين في القطاع العام، بل جرى الاكتفاء بمنحهم «مساعدة» تختصر عملية «إذلالهم» لأنها لا تدخل في أصل رواتبهم وتعويضاتهم، بدلاً من تصحيح هذه الرواتب وفق تضخّم الأسعار المتراكم منذ 2012 لغاية اليوم والذي يتجاوز 800% من ضمنه 700% تراكمت بين مطلع 2019 ونهاية 2021. كذلك لم تتوزّع هذه الإيرادات على الإنفاق الاستثماري البالغ بمجمله 2212 مليار ليرة، إذ إن هذا النوع من الإنفاق لطالما كان متدنّياً. فنسبة النفقات الاستثمارية في موازنة 2022 لم تزد على 4.7% وهي نفقات تعدّ ضرورية جداً وليست نفقات تنطوي على وجهة اقتصادية محدّدة.

هذا الواقع قد يكون حفّز الرئيس عون وفريقه من أجل خوض معركة سياسية في مقابل المعركة التي فتحت بوجههم على خلفية سلفة الخزينة لمؤسسة كهرباء لبنان، لكن ما دفعه إلى خوضها تشكّل اقتناع ما بأن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لم يعد في متناول اليد، بل تضاءلت إمكانية تحقيقه إلى الحدود الدنيا. فأقصى طموح الحكومة، بعد الصفعة التي تلقّتها من فريق صندوق النقد الدولي الرافض لما تضمّنته الخطّة من توزيع للخسائر عبر «هيركات» مبطّن بأسعار صرف متعدّدة وتحويل الودائع إلى الليرة على مدى 15 سنة سيتم خلالها ضخّ سيولة نقدية تفوق 700 ألف مليار ليرة (تريليون)، هو أن تتمكّن خلال أسابيع محدودة من إعادة إنتاج خطّة متوافق عليها محلياً، أي مدعومة من كل الأطراف المعنيين، ويوافق على ملامحها العامة صندوق النقد الدولي لتبدأ عملية التفاوض المتصلة بمناقشة التفاصيل والآليات وانعكاساتها. فبحسب مصادر مطلعة، «الفرصة الوحيدة المتبقية للبنان ضئيلة الحظوظ ولا يمكن التعويل عليها».

أشار عون إلى أهمية أن يترافق مشروع الموازنة مع خطّة التعافي المالي والاقتصادي التي هي قيد المناقشة والتحضير من قبل فريق العمل المكلف برئاسة نائب رئيس الحكومة. ولفت إلى ضرورة تضمين خطّة التعافي المالي والاقتصادي تحديد الخسائر وكيفية توزيعها «الدولة ومصرف لبنان والمصارف والمودعين مع إصراري على عدم المسّ بصغار المودعين»، وأن تتضمن أيضاً إعادة هيكلة المصارف، وإعادة رسملة وهيكلة مصرف لبنان، والإصلاحات الهيكلية والبنيوية، ومكافحة الفساد بدءاً بالتدقيق الجنائي.

وفي الشقّ المتعلق بالموازنة، تحدّث عون أن مشروع الموازنة «يلحظ مبلغ 7600 مليار ليرة فوائد، منها 1200 مليار ديون طويلة المدى لمؤسسات دولية، ومبلغ 6400 مليار ستعود فوائد بنسبة 1/3 للمصارف و2/3 لمصرف لبنان، مع العلم بأن مشروع الموازنة لم يلحظ فوائد على اليوروبوندز»، لافتاً إلى أنه «يفترض عدم دفع فوائد على الديون الداخلية لمصرف لبنان والمصارف أسوة باليوروبوندز، وتوزيع مبلغ الـ 6400 مليار بمعدل 2/3 للكهرباء بدلاً من السلفة الملحوظة والباقي 1/3 زيادة معاشات للقطاع العام. إن هذا الإجراء يخفّف العجز في الموازنة ويلغي سلفة الخزينة ويخفف الآثار التضخمية».

 

مصدرجريدة الأخبار - محمد وهبة
المادة السابقة“نزيف كبير”.. رقم صادم لعدد المهاجرين في سنة واحدة
المقالة القادمةجلسة ختاميّة لمفاوضات الصندوق