الرسالة التي أراد الرئيس ميشال عون إيصالها إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة يمكن تلخيصها بالآتي: «لا لإلغاء دعم» الدواء والمحروقات والقمح والسلّة الغذائية. لهذه الغاية، اجتمعا أمس في قصر بعبدا، وقد صدر بعد اللقاء بيانٌ مُقتضب يُشير إلى أنّ الرئيس بحث مع سلامة «موضوع دعم المواد الأساسية والضرورية والإجراءات الآيلة الى استمرار هذا الدعم في الظروف الراهنة». فبالنسبة إلى رئيس الجمهورية، الوضع لا يسمح برفع الدعم حالياً لأنّه سيتسبّب بمشكلة اجتماعية، بحسب المعلومات. لكنّ الاجتماع بين عون وسلامة لم يبحث بالآليات الجديدة التي ستُعتمد، ولم يُحسم من أين سيتمّ تمويل كلفة الدعم نظراً إلى عدم حسم مسألة تخفيض نسبة «الاحتياطي الإلزامي» من عدمه، مع مُمانعة أعضاء في المجلس المركزي لمصرف لبنان، مدعومين من أصحاب المصارف وكبار المودعين، لهذا الخيار. النقاش بين الرئيس وحاكم مصرف لبنان بقي في الإطار العام، عن ضرورة اتخاذ إجراءات لتخفيض عدد المواد الغذائية المدعومة، وتقليص نسبة المُستفيدين من الدعم على المحروقات، فلا يستفيد منه غير المستحقين. وفي هذا الإطار، بدأ التداول بـ«أفكار» عامة حول توجيه الدعم، لتُصبح كلفته في السنة بحدود المليار و300 مليون دولار، وتُوزّع بطاقات (لم يُحسم إن كانت تموينية أو تمويلية) على أكثر من 500 ألف عائلة باتت فقيرة. المُشكلة أنّ البيانات المطلوبة لوضع «البطاقة المدعومة» موضع التنفيذ وانطلاق العمل بها لم تجهز بعد، وهذا الأمر قد يستغرق أشهراً، نظراً إلى غياب المعايير التي على أساسها يُحدّد «الأكثر فقراً»، والافتقار إلى العدد اللازم من الموظفين لإنجاز المُهمة. بداية الأسبوع المقبل ستشهد اجتماعات بين جهات حكومية واقتصاديين وأعضاء من المجلس المركزي في مصرف لبنان لمحاولة الاتفاق على آلية جديدة للدعم، على أن يُبتّ الموضوع في اجتماع المجلس المركزي يوم الأربعاء.
هذه «الضبابية» في موضوع الدعم، تنسحب أيضاً على الملفّ الحكومي، طالما أنّ الرئيس المُكلّف سعد الحريري مُصرّ على أن يكون «الرهينة»… رهينة الخطوط الحُمر التي حدّدتها له الولايات المتحدة الأميركية. وفي هذا السياق، قال نائب الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم إنّ خطوة الحريري «بتسمية من يُريد وعدم التواصل الكافي مع بعض الكُتل، والموقف الأميركي الضاغط على لبنان بأشكال مُختلفة، سبّبا تأخير تأليف الحكومة». وأضاف قاسم في مقابلة مع قناة «المنار» إنّ الحلّ هو «الجرأة بتأليف الحكومة وتقريب المسافات البعيدة… ترف الوقت ليس في مصلحة أحد، والبعض ينتظر تسلّم الرئيس الأميركي الجديد مهماته لتكون الحكومة مُنسجمة مع التوجهات الأميركية»، مُعتبراً أنّ الأجدى في هذه الظروف أن تدعى حكومة تصريف الأعمال «إلى اجتماعات دائمة لحلّ مشاكل الناس في ظلّ غياب الحكومة الجديدة، وهذا ما يُتيحه الدستور». ماذا عن اتهام حزب الله بأنّه «مُشكلة» عدم تأليف حكومة؟ ردّ قاسم بعدم وجود مشكلة مع «الحزب» ولا منه، فـ«الأساس هو التفاهم بين الرئيسين لتأليفها. الطريقة المُثلى لتأليف الحكومة هي الحوار بين الرئيس المكلّف والكتل النيابية لتستطيع الحكومة نيل الثقة في مجلس النواب، فموافقة الكتل النيابية شرطٌ أساسي لتأليف الحكومة، وهذا ما يجب أن يفهمه الأميركي». وأكّد أنّ القاعدة لحلّ مشكلتنا في لبنان «أن نُدافع عن أنفسنا ونعمل على مصلحة لبنان أولّاَ، والأميركي لا يُخيفنا». أما في ما خصّ المبادرة الفرنسية، فأوضح قاسم أنّ «أصلها اقتصادي ونحن موافقون على ذلك في المبدأ، ولكن لا نقبل أبداً الاستقواء بهذه المبادرة»، مُجدِّداً موقف حزب الله برفض «أي مساعدات مشروطة، ونقبل بالمساعدات من صندوق النقد الدولي بعد مناقشتها لأنّنا أخبر في بلدنا».