عياش: المخاطر النقدية حقيقية في لبنان

نظمت نقابة المحامين في طرابلس، محاضرة بعنوان “المخاطر النقدية في لبنان وهم أم حقيقة” للدكتور غسان عياش، في دار النقابة في طرابلس، في حضور نقيب المحامين في طرابلس محمد المراد، النقيبين السابقين رشيد درباس وبسام الداية، عضو مجلس نقابة المحامين في بيروت الأستاذة ندى تلحوق وشخصيات حقوقية وإجتماعية ومحامين بالإستئناف ومتدرجين ومهتمين.

البداية مع النشيد الوطني، ثم كلمة للنقيب المراد تحدث فيها عن الدكتور عياش قائلا: “أستاذ ومحاضر كبير، صنعته الحياة واختبرته، ليعطي للناس وللمتخصصين هذه الخبرة العظيمة والقديمة والعريقة، إنه الدكتور غسان عياش، ونحن كنقابة المحامين في طرابلس، عقدنا العزم والإرادة أن تكون نقابة المحامين تلك الدار للحوار والنقاش في قضايا عامة، إجتماعية، مهنية وإقتصادية وقانونية، فنقابة المحامين دار وملتقى للثقافات والمفاهيم خاصة تلك المرتبطة بشكل عام بمهنتنا وثقافتنا وعلمنا، وقد أقمنا بفترة وجيزة، العديد من المحاضرات والندوات واللقاءات ببعد إقتصادي وإجتماعي وحقوقي”.

عياش
من جهته، شكر الدكتور عياش للنقيب المراد ترحيبه وكلامه، قائلا: “طرابلس بالنسبة لي نموذج الموقع الوطني السياسي الصحيح، أحببتها كمدينة للعروبة في لبنان، ومع تطور فكري السياسي، أصبحت مدركا أكثر لقيمة لبنان وكيانه، وعندما بحثت، وجدت أن طرابلس قد سبقتني الى هذه اللبنانية العربية المنفتحة، حتى أصبحت طليعية بها، لكنها مع الأسف أسيرة ومحجوزة وممنوعة من الإنطلاق الإقتصادي”.

أضاف: “والدليل على أن طرابلس تحمل هموم الوطن، موضوع الندوة التي دعيت لأجلها، وهو مخاطر النقدية في لبنان وهم أو حقيقة، فقد تساءل جميع اللبنانيون هل حقا وصلنا الى شفير الإنهيار، الى ان تشكلت حكومة الرئيس الحريري، التي اعطت نوعا من الراحة ولكن هذا لا يكفي، فيجب أن تساعد الحكومة نفسها من أجل تحقيق الإصلاحات، فإن سألنا هل هناك خطر نقدي في لبنان؟ أم هل نحن على حافة الإنهيار؟ فورا نفهم أن سعر صرف الليرة اللبنانية معرض للإنهيار، وهذا السؤال قد أصبح مبتذلا، فالمشاكل الإقتصادية تقصف لبنان من كل حدب وصوب، فنحن ننظر الى سعر الصرف معتقدين انه طالما سعر الصرف 1507.5 فالوضع الإقتصادي لا زال جيدا، وإذا تجاوز الـ 2000 فالوضع السياسي سيء، وهذا الشيء لا يمت الي الحقيقة بصلة، لأن الإصرار على سعر الصرف الثابت هو جزء من المشكلة، حيث تعمل الدولة وسياساتها ومصرفها لتثبيت سعر الصرف، مما يؤثر على كل نواحي الإقتصاد اللبناني”.

وسأل: “ماذا يعني إن كان سعر الصرف ممتازا وثابتا، بينما الدين العام يفوق قدرة الإقتصاد على إحتماله؟، فلا بأس أن يكبر الدين العام ولكن المهم الا يتغير سعر الصرف، فالحالة في لبنان اصبحت مالية عامة عقيمة لا تستطيع أن تقوم بأي شيء سوى محاولة ضبط عجز الموازنة، فأزمة القطاعات الإقتصادية الحقيقية كالزراعة والصناعة تعاني جميعها من مشاكل عديدة، بالإضافة الى تراجع الدخل الفردي، وتراجع النمو الإقتصادي، وإرتفاع البطالة وغيرها”.

وتحدث عن إحتياطي مصرف لبنان بالدولار، وعن الودائع بالليرة اللبنانية، موضحا “دور الذهب الهامشي في حماية سعر الصرف، الذي لا يجوز التصرف به الا بقانون صادر عن المجلس النيابي”. كما تناول “ميزانية القطاع العام بالعملات الأجنبية، وعن توظيفات المصارف بهذه العملات، حيث وزعت على الشكل التالي: 30% 40 مليار دولار من الودائع للقطاع الخاص المقيم وغير المقيم، 13% 16 مليار دولار للدولة، 51% 65 مليار لمصرف لبنان، أي أن القطاع العام يستحوذ على مايعادل 65% من الودائع بالعملات”.

وأوضح بالأرقام تراجع التدفقات بالعملات منذ عام 2011، “حيث شهدت الصادرات اللبنانية إنحدارا كبيرا، فقد كانت تمثل عام 2008، 78% من الناتج الى 36% من الناتج عام 2017، بينما إرتفع متوسط العجز التجاري من 20% قبل الأزمة ( 2002-2010)، الى 24.3% في فترة الأزمة(2011-2019) ، كما انخفض صافي الإستثمارات الخارجية من 10 الى 3.4%”.

وخلص الى أن الإصلاح أمر لا بد منه، والإصلاح في لبنان يجب أن يكون إصلاحا ماليا، مما يعني تخفيف العجز، فالدولة اللبنانية تعهدت خلال مؤتمر سيدر، ان تخفض عجز الموازنة كل عام 1% من الناتج المحلي القائم، مما يعني أقل 500 مليون دولار كل سنة، وهذا يقتضي من الدولة زيادة الإيرادات وتخفيض النفاقات”.

وختم قائلا: “نعم المخاطر النقدية حقيقية في لبنان، لأن الوضع الإقتصادي في لبنان ضعيف جدا، ولأن دعم الليرة اللبنانية يستند فقط الى إحتياطي مصرف لبنان، ولكنني لا أقول ان هذه المخاطر آتية حتما، فما زال لدينا وقت للإصلاح”.

حوار
ثم فتح المجال امام الحاضرين لطرح الأسئلة على الدكتور عياش ، فسأل النقيب المراد إن كان سيدر يسهم بمكان معين بتخفيف العجز إذا ما طبق، وجعل الوضع الإقتصادي أكثر إستقرارا، أو هل يمكن أن يسهم بتنمية معينة سواء في زيادة معدل النمو وتخفيف العجز؟

ورد عياش موضحا أن “سيدر يمكن أن يحضر على مدى 8 سنوات حوالي 11.2 مليون دولار لنفقات الإستثمار، وما يمكن أن يقوم به سيدر هو مساعدة لبنان في النمو الإقتصادي، وزيادة عدد الوظائف في حدود معينة، وبالتأكيد مصرف لبنان يدعم سيدر بشكل كبير، كي تأتي هذه الأموال ويحتفظ بها في إحتياطه”.

وردا على سؤال عن الإستدانة بالدولار، اعتبر عياش ان “هذا ما أدى الى الكارثة الكبيرة، فنحن نستطيع ان نطبع قدر ما نريد من الليرات ولكن لا نستطيع أن نطبع دولارا واحدا.

وفي سؤال للنقيب السابق رشيد درباس عن الهندسة المالية وتفاعلاتها، رد عياش: “الهندسة المالية هي شراء الوقت بسعر غال”.

وإلى أي مدى يمكن عزل الوضع النقدي عن الوضع الإقتصادي، قال: “إن استمر الإعتماد على إحتياطات مصرف لبنان، لدعم النقد اللبناني وتدخلات سوق القطع فهذه كارثة، والنقد اللبناني يستطيع أن يقف على قدميه فقط إن كان الوضع الإقتصادي سليم، عندما تكون صادراتنا توازي قسما مهما من الواردات ، فالإقتصاد هو فقط الذي يدعم الليرة”.

وعن كيفية مكافحة الفساد ووقف الأموال المهدورة قال: “أعتقد شخصيا أنه لا يمكن القضاء على الفساد، فهناك فساد صغير كفساد الموظفين وهذا يمكن القضاء عليه، وفساد كبير بنيويي فساد طوائف، حيث تقسم المنافع الشرعية وغير الشرعية بين زعماء القوى السياسية”.

مصدرالوطنية
المادة السابقةهل يسحب الفرنسيون أيديهم من “سيدر” “بتهذيب”؟
المقالة القادمةالعجز التجاري المغربي يرتفع 8.6%