عياط: شركتان للكهرباء يتملّكهما صغار المودعين لإسترداد أموالهم

ليس صدفة أن يتكرر عدة مرات طرح اسم كارول عياط وزيرة للطاقة. فهي مثال التكنوقراط المستقل المحايد. لديها خبرة دولية في المصارف الاستثمارية العالمية لا سيما في تمويل مشاريع للطاقة تقدر كلفتها المتراكمة بنحو 24 مليار دولار. عملت سابقاً في بنك غولدمان ساكس العالمي في نيويورك ولندن ودبي، ثم انتقلت الى لبنان وهي الآن باختصاصها وخبرتها في بنك عوده. قدمت مساهمات عديدة لمشاريع الطاقة في لبنان ابرزها مشروع مع معهد عصام فارس في الجامعة الأميركية. مشروع قائم على التمويل المبتكر. إلتقت “نداء الوطن” الخبيرة كارول، وأكدت أن «فكرتها» وصلت الى المجتمع الدولي المتابع الشأن اللبناني من ضمنه البنك الدولي، وأدخلت بعض الملاحظات البناءة في الدراسة المنشورة على موقع المعهد، لأنها فكرة تقنية بحتة لا سياسية ولا مصرفية وتقوم على حل ابداعي للتمويل.

– الخطة جيدة تشمل خطوات إصلاحية ضرورية، وهي تستند على الدراسة الأقل كلفة لتوليد الطاقة التي أعدتها كهرباء فرنسا والقانون 462/2002، الذي لحظ تشكيل هيئة ناظمة للقطاع وامكانية اشراك القطاع الخاص بالانتاج والتوزيع، على أن يبقى النقل على عاتق مؤسسة كهرباء لبنان. ولكن المشكلة كانت ولا تزال في التنفيذ وبالأخص في تأمين التمويل وتنفيذ القرارات الإصلاحية.

– لا يكفي الحديث فقط عن الانتاج، بل هناك أيضاً وضع شبكة النقل والتوزيع ووضع الجباية. في الدراسة الأولية التي انجزناها بالتعاون مع معهد عصام فارس في الجامعة الاميركية، قدرنا الحاجة للاستثمارات في التوزيع بنحو 400 مليون دولار على الأقل، في المرحلة الأولية لتخفيض الخسائر واصلاح الشبكة. وأنا أنصح بالنظر الى ما ما قامت به دول مجاورة. على سبيل المثال، كان لدى مصر في 2015 نفس مشكلتنا في لبنان. عندما وصل الرئيس عبدالفتاح السيسي الى سدة القرار، جاؤوا بشركة سيمنز لبناء معامل، ونقلوا معظم التوزيع الى تقنية البطاقات المسبقة الدفع على طريقة دفع فواتير الهاتف الخلوي. اذا اعتمدنا ذلك مع عدادات ذكية، وانتقلنا إلى لامركزية في التوزيع، هذا غير ملحوظ في الخطة الحكومية لكني أحبذه، فاننا سنحصل على افضل النتائج.

تقوم شركات خاصة في المناطق، وتستعين ربما بأصحاب المولدات والعاملين معهم وعددهم نحو 9 آلاف، نستفيد من خبراتهم المتراكمة في مدى 20 سنة أو أكثر. لا ننسى أن قطاع المولدات نجح في الجباية وخفض الخسائر على شبكاته، في المقابل يمكن أن نتحدث كثيراً عن سيئات المولدات لكنها ملأت الفراغ بشكل أو بآخر.

بالعودة الى شركات للتوزيع في المناطق، فهذه الشركات، التي تعرف الواقع الذي تعمل فيه على الارض، تشتري من كهرباء لبنان، ثم تبيعها للمستهلكين بموجب بطاقات مسبقة الدفع. بهذه الطريقة نعالج مشكلة عدم قدرة كهرباء لبنان على الجباية كما يجب. واذا أرادت بلدية ما دعم الكهرباء لسكان منطقتها، تشتري من كهرباء لبنان وتوزع مجاناً إذا أرادت ذلك.

ترتفع أرباح شركات التوزيع في موازاة تخفيض الخسائر لديها. وفي العقود معها، نضع كل الحوافز المؤدية الى خفض الهدر.

نحتاج طاقة مولدة بالغاز لزوم الاستقرار على الشبكة، تسمى الطاقة الأساس، تضاف اليها الطاقة المتجددة. هذا هو النموذج للبنان.

بالنسبة لطاقة الأساس، فالحديث هو عن 3 معامل مع تحديد لأنواعها (في الزهراني ودير عمار ومنطقة ثالثة في الشمال) العاملة بـ3 أنواع من الفيول. قبل استخراج الغاز من لبنان، هناك شركات ستقدم عروضاً مدمجة كما فعلت شركة سيمنز لمحطة الزهراني: الشركة تتكفل بجلب الغاز والانتاج ثم بيع الكهرباء.

أنا كنت أفضل ان تعتمد المعامل على نوعين من الوقود وليس 3، لأن الثالث هو الفيول الثقيل وهو ملوث جدا حتى لو انه ارخص. ما اقترحه يحتاج الى تكبير المعملين من دون مشاكل تذكر خصوصا مع توفر الأراضي والبنى التحتية والشبكة اللازمة، على أن يصار لاحقاً الى الاتفاق على أين نبني المعمل الثالث.

باعتماد 3 انواع وقود، المعامل أصغر لأن التوربينات أصغر، والانتاج 820 ميغاوات في كل من الزهراني ودير عمار، اما اذا اعتمدنا معامل تنتج بنوعين من الوقود فيمكن الوصول الى 1100 ميغاوات في كل معمل كما ورد في دراستنا الخاصة بمعهد عصام فارس. الى ذلك، نضيف استثمارات شبكات النقل والتوزيع.

نحن نتحدث عن نموذج عمل جديد، يحتاج الى نحو سنتين للتنفيذ، بخطط متوازية للانتاج والتوزيع والنقل. المعمل هو عبارة عن جزأين: الأول قائم على توربينات الغاز، والثاني يضمن انتاج طاقة ثلثها من دون كلفة. الجزء الاول ينجز في 18 شهراً، وثم الجزء الثاني من 6 أشهر الى سنة. بعد هذه الفترة لدينا معامل تخدم لبنان 40 سنة، علما بان الملكية تنتقل الى الدولة بعد 20 سنة اي بعد استرداد المودعين لاموالهم. في المقابل، ما يطرح من خطط حكومية هو انتظار 4 الى 5 سنوات للحصول على التمويل والتنفيذ وفي الانتظار نحتاج الى طاقة موقتة.

عن الطاقة المتجددة وأهميتها تتحدث كارول عياط باسهاب وحماس وتقول: ارتفعت كلفة المحروقات بشكل كبير وهي تهدد اليوم أمن الطاقة في لبنان، وبالتالي يجب الحديث عن استراتيجية لتركيب محطات طاقة متجددة بسرعة علماً ان الخطة الحكومية تلحظ مساهمتها بنسبة 30% في عام 2030. الجدوى المالية لانتاج الطاقة المتجددة الآن أضعاف ما كانت عليه قبل سنوات و لا تعتمد على استيراد النفط لإنتاج الكهرباء.

تقول كارول عياط أن القانون 462 لحظ قيام هيئة ناظمة، منافعها كثيرة ابرزها الإشراف على كل العلاقات بين كل الأطراف المتصلة بقطاع الطاقة، لا سيما مع اشراك القطاع الخاص. ترعى الهيئة كيفية طرح التراخيص ومنحها وفق أي دفاتر شروط، والحصول على أفضل العروض والأسعار التنافسية وزيادة التنافس في القطاع بما يؤدي الى خفض التعرفة وتخفيف الأعباء على المستهلك والاقتصاد عموماً. كما انها تحدد جدول التعرفة للكهرباء. وتجدر الإشارة إلى أن رؤية واستراتيجية القطاع وحسن تطبيق القوانين تبقى في يد الوزير.

كلما انخفضت التعرفة تزيد تنافسية الاقتصاد، وما إلى ذلك من نواح أخرى مثل التوازن المالي وتحديد التعرفة العادلة لخدمة جيدة للمواطن.. والأهم هو أن عمل الهيئة يفترض إبعاد هذا القطاع عن السياسة، وضمان الاستقرار فيه حتى لو تغير الوزير. ففي الهيئة فريق تقني يتابع كل تلك الأهداف والأطراف ذات الصلة بمهنية عالية ومن دون تسييس. نحتاج هذه الهيئة اليوم أكثر من أي يوم مضى، لأننا نعاني من فقدان الثقة. لذا وضعها المجتمع الدولي كشرط مسبق للتمويل.

مصدرنداء الوطن - منير يونس
المادة السابقة“الليلرة” و”الهيركات” لتذويب الودائع واطفاء الخسائر!
المقالة القادمةوزارة الاقتصاد شاهد زور على الغلاء وفوضى التسعير