عيتاني: لبنان حافظ على قابليته للإستثمار

هي اوقات عصيبة مرت على لبنان، بعد ان فرض عليه قدره التنقل بين حالة فراغ واخرى انهكت اقتصاده وفرملت تقدمه. فكان عليه تحمل التداعيات السلبية لازمات السياسة الداخلية اضافة الى تبعات الاضطرابات في المنطقة والعالم.
الا ان لبنان بلداً، يعانى الكثير ولكنه لا يسقط. بل على العكس تمكّن من تسجيل انجازات تشهد على مناعته في وجه الازمات، اذ “.
واعلن عيتاني ان “الاستثمارات الاجنبية الوافدة الى منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا تراجعت من 61 مليار دولار عام 2010 الى 25 مليار دولار عام 2017 ، اي بنسبة قاربت الـ65% جراء مجموعة من الاحداث والمتغيرات”.
وشدد على ان “لبنان جزء من هذه المنطقة والعالم ويتأثر بما يحيط به من مسائل سياسية وامنية واقتصادية، وبالتالي هو يرزح اليوم تحت تأثير مجموعة عوامل مختلفة، فإضافة الى التداعيات الامنية في المنطقة هناك التداعيات الاقتصادية كإنخفاض اسعار البترول الذي اثر بشكل سلبي على بعض الصناديق الاستثمارية، وتداعيات الازمة المالية العالمية التي حصلت بين عامي 2008 و2010، ولا تزال تداعياتها مستمرة على بعض الدول بشكل او بآخر. كما هناك تداعيات الازمات السياسية العالمية والتي كان لها تأثيرات سلبية في عمليات الاستثمار والتبادل الاستثماري في مناطق مختلفة في العالم ومنها منطقة الشرق الاوسط”.

امكانيات كبيرة للنهوض
واكد عيتاني ان “لبنان بقي محافظاً بشكل جزئي على قابليته للاستثمار، لهذا تراجع الاستثمار من 4.9 مليار دولار سنة 2010 الى 2.7 مليار دولار سنة 2017. اي ما يقارب الـ40%، الامر الذي يعد انجازاً مقارنة بنسبة التراجع العالمية (65%)”.
واعتبر ان “تراجع الاستثمارات في لبنان يأتي نتيجة تداعيات الازمات التي كان لها تأثير سلبي مباشر على الاقتصاد اللبناني وعمليات الاستيراد والتصدير والتبادل التجاري. فلبنان كان يستورد في عام 2010 ما يقارب الـ17 مليار دولار، ويصدّر بحدود 4.5 مليار دولار. وكان عجز الميزان التجاري يقارب الـ13 مليار دولار. لكن في عام 2017، تراجع التصدير الى 2.8 مليار دولار وارتفع الاستيراد الى 20 مليار دولار، فارتفع العجز الى الـ17 مليار دولار. وهذا العجز في الميزان التجاري اثر على النمو، اضافة الى تراجع الاستثمارات والصادرات”.
واعتبر ان “انخفاض النمو الى 1% في لبنان خلق مؤشرين خطيرين، وهما ارتفاع معدلات البطالة التي وصلت الى 25%، اضافة الى تزايد الفقر لا سيما في المناطق النائية”.
واذ ذكّر ان “لبنان حقّق في 2008 نسبة نمو 8.5% ابان الازمة المالية العالمية”، اكد ان “لبنان يملك امكانيات للنهوض خصوصا على مستوى القوى البشرية والقطاع المصرفي والسياسات المصرفية وتواصله مع العالم خصوصا عبر الانتشار والاغتراب اللبناني اضافة الى موقعه الجغرافي في وسط العالم”.

هروب الاستثمارات
وفي رد على سؤال حول هروب الاستثمارات نتيجة الازمات السياسية التي يشهدها لبنان، اعتبر عيتاني ان “اي مستثمر يعتبر أن لبنان هو البلد الوحيد الذي يعيش في ازمة يكون على الخطأ، فالمشكلة اليوم ان العالم كله يعيش في ازمة، ولربما لبنان يتمتع بمميّزات عدة وتحديداً على الصعيد الامني حيث يعد من اكثر الدول اماناً في المنطقة ككل، كما يتميز بسياسات الانفتاح والتبادل التجاري. والمستثمر اللبناني او الاجنبي يتعرض في اي بلد كان لمجموعة من الضغوطات، ويقيّمها، وبناء عليه يتخذ قراره بالإستثمار. لكن ما نؤكده اليوم ان لبنان لا يزال من الدول التي تحقق انجازات ووضعه افضل من غيره”.
وفي اطار حديثه عن عمل ايدال، اكد انها واجهت تحديات عديدة في السنوات الاخيرة، اذ ان الجو العام لم يكن مساعداً للترويج للإستثمار في لبنان، فالازمات الموجودة في المنطقة تؤثر على ما يسمى الصورة الاجمالية للمنطقة بعين المستثمر الاجنبي الذي كان ينظر اليها في السابق كمنطقة مستقطبة للاستثمارات”.
واوضح ان عوامل عديدة رسمت صورة ايجابية في ذهن المستثمرين عن المنطقة كتنمية الاستهلاك والمواد الاولية والثروات المالية والموقع الجغرافي. وقال: “هذه الامكانيات كانت تستقطب الكثير من المستثمرين الاجانب الذين كانوا يعتبرون المنطقة منطقة واعدة للاستثمار. ولبنان في هذه المنطقة كان يلعب دور مهم لا سيما في قطاع الخدمات حيث كان يوزع الخدمات على كل الشركات الاجنبية والشركات المتعددة الجنسيات التي كانت تعتبر بدورها لبنان مركز اساسي للعب هذا الدور . لكن للأسف اليوم هذه القابلية غير موجودة، اي ان الجو العام لا يساعد على بناء الصورة الايجابية عن واقع الاستثمار والمقومات الاساسية، ولذلك لاحظنا تراجع للإستثمارات”.
واضاف: “هناك عوامل جعلت من الصعب ترسيخ صورة ايجابية في ذهن المستثمر الاجنبي او المستثمر الداخلي، الامر الذي وضع تحديات كبيرة امام عملية تشجيع الاستثمارات. طبعاً، هذا لا يعني ان هذه العملية اضحت مستحيلة، انما هناك صعوبة بفعل الترهّل على صعيد مواكبة التسارع الاقتصادي في العالم. فهناك اولويات بنيت عليها السياسات اللبنانية كمواجهة التحديات الامنية والسياسية والنقدية. وهذا اذا ما اخذنا الواقع اللبناني نجد انه مبرر، لكن ايضاً لا يمكننا التغاضي عن التحديات الاقتصادية التي لم يواجهها احد بالشكل المطلوب”.

معالجة الثغرات الداخلية
واذ اعتبر عيتاني ان “العام الماضي شهد وضع خطة للإقتصاد (خطة ماكنزي) عكست نوايا الدولة اللبنانية في مقاربة السياسات الاقتصادية”، قال: “منذ عام 2011 حتى عام 2017 لم يقارب احد الملفات الاقتصادية، لذلك هناك ثغرات يجب العمل عليها لتتم معالجتها. هناك قضايا مهمة لا سيما سياسات تمويل القطاعات الانتاجية. وهذه المسألة يجب دراستها وهيكلتها بشكل يسهّل ويشيّع ريادة الاعمال، فلن نستطيع ان نطوّر اعمال القطاعات الاقتصادية اذا بقي الوصول الى التمويل والبحث والتطوير امر صعب”.
ولفت الى انه “في لبنان جامعات مهمة، ومن المهم ان ندرس كيفية بناء شخصيات تبني اعمال في سوق العمل، وبالتالي من الضروري فتح ملف ريادة الاعمال وتكريس ثقافته، فحتى هذه اللحظة لا تلحظ المناهج التعليمية كيفية تكوين هذه الشخصيات، كما لا تلحظ اي ربط بين سياسات التعليم وسوق العمل. هذه فجوة مهمة يجب العمل هليها، تضاف الى فجوات اخرى كحماية اصحاب المهن وتنظيم عملهم”.
واكد على ضرورة النظر الى الواقع اللبناني ومعالجة هذه الفجوات في الاقتصاد ان كان على مستوى التمويل او البحث او التطوير او حماية المهن. فصحيح هناك ازمات خارجية تؤثر علينا، لكن هناك مسائل عديدة على لبنان ايلائها الاهتمام اللازم للنهوض بإقتصاده، انطلاقا من مفهوم ان المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وريادة الاعمال هم هي مستقبل لبنان.
وشدد على ان ” اقتصاد لبنان قادر على النهوض بسهولة ومواجهة التحديات لا سيما انه يملك طاقات مهمة. كما ان الخصام بين الفرقاء اللبنانيين لا يتمحور حول مفهوم الاقتصاد الحر او ممارسة سياسات الانفتاح، ما يسلط الضوء على ضرورة تشكيل لوبي يذهب الامور بالاتجاه الصحيح لنتمكن من تحقيقها”.

ايدال وخطة ماكنزي
وفي رد على سؤال حول دور “ايدال” في اعداد تقرير ماكنزي، اكد عيتاني ان ايدال شكلت احد المصادر المهمة للخبراء في عملية جمع المعلومات الاقتصادية، كما انها تملك رؤية اساسية جاء التقرير على ذكرها، الا وهي عملية التجمعات الاقتصادية التي تختلف عن عملية المناطق الاقتصادية او المدن الصناعية، حيث تتضمن وسائل لتحفيز المناطق النائية الى عملية ريادة الاعمال.
وكشف ان تقرير ماكنزي لحظ لدور ايدال في عدة عمليات لا سيما في قطاعات تكنولوجيا المعلومات التي هي احدى القطاعات الاساسية التي اوصت بها ماكنزي لتكون قطاعات اساسية وتحويل لبنان الى مركز اساسي لها في منطقة الشرق الاوسط. كما اكد التقرير ان ايدال مؤهلة للقيام بعمليات الاستثمارات المتعلقة بالتكنولوجيا، اضافة الى موضوع الاستثمار العام.

بواسطةوعد ابوذياب
مصدرالصناعة والاقتصاد
المادة السابقةبزّي: برّي يرى ان المعركة هي معركة اقرار الموازنة
المقالة القادمة“مركز الوساطة والتحكيم”: خبرة قانونية واسعة