عين العالم على اللقاح، لكن المنافسة التجارية على أشدها

مدراء عدد من المختبرات الأميركية العاكفة على تطوير لقاحات كورونا تمكنوا من تحقيق أرباح مالية عقب بيع أسهم مقابل مبالغ تفوق مئة مليون دولار.

في وقت تواكب فيه البشرية بحذر تطورات لقاح مضاد لكورونا ينهي كابوس الوباء، تزداد المنافسة احتداما بين كبرى شركات الأدوية التي باتت تسابق الزمن من أجل تحقيق الربح الوفير الذي سيترتب عن بيع الملايين من الشحنات لإنقاذ الإنسانية، حيث حققت أسهم هذه الشركات مبيعات ضخمة.

يكشف تراجع سهم شركة فايزر بعد إعلان شركة موديرنا عن تطوير لقاح مضاد لكورونا أقل كلفة وأكثر فاعلية، عن حجم المنافسة التي تمثلها صناعة مصل في عالم شركات الأدوية، حيث تسعى جميعها إلى الهيمنة على سوق الأدوية الذي يزداد زخمه مع اقتراب اللقاح.

وحقق مدراء عدد من المختبرات الأميركية العاكفة على تطوير لقاحات ضد كوفيد – 19 بأموال حكومية، أرباحا مالية في المدة الأخيرة عقب بيع أسهم، ما طرح أسئلة حول مدى ملاءمة هذه العمليات في ظرف يشهد هكذا أزمة صحية.

وفي اليوم نفسه الذي أعلن فيه عملاق صناعة الأدوية مجموعة فايزر أنّ اللقاح الذي تعمل مختبراتها عليه فعّال بنسبة 90 في المئة طبقا لنتائج أولية، باع مديرها العام البير بورلا أسهما بـ5.6 مليون دولار.

ولكن وبعدما أعلنت مختبرات فايزر الأميركية وبيونتيك الألمانية الأسبوع الماضي عن تطوير لقاح فعال بنسبة 90 في المئة، أكدت موديرنا أن فعالية لقاحها تصل إلى 94.5 في المئة.

وتبعا لهذه المستجدات اتجه سهم شركة فايزر الأميركية إلى خسارة مكاسبه المحققة خلال الشهر الجاري، والتي جاءت بعد إعلان مشترك مع شركة بيونتيك الألمانية.

ويعود سبب فقدان المكاسب المحققة لسهم الشركة، إلى إعلان شركة موديرنا الأميركية عن لقاحها. وقالت فايزر عن عملية البيع “لا شيء يخالف القانون في المبدأ. فهذه العملية، تمت بالاستناد إلى قواعد تتيح لمدراء الشركات القيام بشراء أسهم أو بيعها في ضوء معايير محددة مسبقا، في موعد أو بسعر محددين، تجنبا في الواقع لأي شبهة حول الشروع بنشاط في السوق المالية غير قانوني”.

واستنادا إلى هذه القواعد نفسها، باع عدد من مسؤولي موديرنا أسهما في الأشهر الأخيرة مقابل مبالغ تفوق مئة مليون دولار.

ولم تطلق المجموعة أي منتج في السوق منذ تأسيسها عام 2010، غير أنّ الحكومة التزمت بمدّها بما يصل إلى 2.5 مليار دولار في حال تمت المصادقة على لقاحها. وهذا ما جعل سهمها يقفز من 19 دولارا بداية العام إلى 90 دولارا.

أما مدير نوفافاكس، فباع من جانبه أسهما بـ4.2 مليون دولار في 18 أغسطس، بعد شهر تقريبا من إعلان تمويل حكومي لمشروعها بـ1.6 مليار دولار.

وقدّرت منظمة الدفاع عن دافعي الضرائب أنّه بين بداية النشاط الأميركي لتنسيق عمليات تطوير لقاح في 15 مايو و31 أغسطس كسب المسؤولون في خمس مجموعات لصناعة الأدوية أكثر من 145 مليون دولار من خلال بيع أسهم.

واستعان المسؤولون في فايزر وموديرنا بآلية تسمى “10ب5-1” التي ينبغي إنشاؤها قبل أن تكون في حوزة هؤلاء معلومات من شأنها تحريك أسعار البورصة. وبعد إنشائها، لن يكون بالإمكان تعديلها من دون سابق إنذار، حتى ولو كان الأمر عرضة للتشكيك من قبل الرأي العام.

ووفق الأستاذ المساعد في كلية التجارة “وارتون” دانيال تايلور الذي يتابع أعمال المختبرات منذ بداية الأزمة الوبائية، فإنّ الخطط الأخيرة ضمن فايزر وموديرنا طبقا لآلية 10ب5-1، تبدو “قابلة للنقاش قانونيا”.

وهو يتساءل حول ما كان يعرفه أولئك المسؤولون حين لجأوا إلى الآلية. وتؤكد فايزر أنّ مديرها، بورلا، هيكل مجددا في 19 أغسطس آلية سبق أن أنشأها في فبراير “حسب الصيغة نفسها للأسعار والكمية”. وفي اليوم التالي أصدرت المجموعة بيانا يعلن أنّ النتائج الأولية لتجاربها السريرية “إيجابية”.

وفي موديرنا عدّل مسؤولون على مدار العام خططهم لـ”10ب5-1″ التي كانوا وضعوها سابقا. ويقول تايلور إنّه من الطبيعي، وحتى أنّه محبذ، تشجيع المسؤولين على تطوير لقاح آمن وفعال في أسرع وقت.

لكنّه يضيف “حين يبيعون أسهمهم، فعليهم التثبّت من أنّهم يتحركون وفق القواعد نفسها السارية على بقية المستثمرين، من خلال عدم الاستفادة من معطيات يعرفونها وحدهم”. وعلاوة على ذلك، يقول تايلور “لا أعتقد أنّ هذه المجموعات راعت المخاطر حول سمعتها” حين أقرّت بيع أسهم في الوقت الذي لا يزال وباء كوفيد – 19 يخنق العالم.

وأضاف “حين يضطر مدير عام إلى تصفية بضعة أسهم لشراء يخت أو منزل جديد أو توفير الإمكانات المالية لدراسة أولاده، فإنّ هكذا عمليات تمرّ عادة من دون ملاحظتها. إلا أنّ المختبرات في دائرة الضوء حاليا”.

ويرى الأستاذ المتخصص في إدارة الشركات في جامعة كولورادو سانجاي بهاغات، أنّه ببساطة لا ينبغي أن يكون بمقدور المدراء بيع أسهم طالما أنّهم في المنصب، ويذهب إلى أن ذلك يجب أن يظل ساريا إلى ما بين عام أو عامين بعد مغادرتهم لعملهم.

ويقول “إذا كانت لديهم الكثير من الأسهم أو خيارات أسهم، فسيكون من مصلحتهم رفع السعر قدر الإمكان، بما يشمل ألا يكونوا بالضرورة صادقين مع المستثمرين”.

وبالنظر إلى الظرف القائم حاليا، يتوجب على مجالس الإدارات تجنب هذه النزعات. ويوضح بهاغات أنّ “عدم القيام بشيء غير قانوني لا يكفي إذ أنّ الناس تنتظر تصرفات تحكمها روح المسؤولية”.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقةحيدر: ذاهبون إلى عملية ترشيد الدعم
المقالة القادمةأكبر اتفاقية تجارية تهدد النفوذ الاقتصادي للولايات المتحدة