تسرب في الأيام القليلة الماضية نسخة جديدة من خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي أعدها فريق رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي .
هذه النسخة الأحدث من خطة إعادة هيكلة القطاع المصرفي التي أعدّها مستشار ميقاتي نقولا نحاس، تستكمل مسار الخطة السابقة و يطرح نحاس عنواناً أساسياً لخطته هو “إعادة كامل الودائع لـ85% من المودعين”، من منطلق أنّ عدد المودعين الذي تبلغ ودائعهم 100 ألف دولار أو أكثر لا يتجاوز 153 ألف مودع، من أصل مليون مودع تقريباً. ويزعم أنّ هؤلاء سيحصلون على حقوقهم “بالكامل”، بشرط أن تكون ودائعهم “مؤهّلة”، لكن بالتقسيط الشهري على مدى 11 عاماً. فيما يحصل الآخرون على جزء من ودائعهم بمزيج من “هيركات” قاسٍ و”ليلرة” وتحويل الودائع إلى أسهم في البنوك أو سندات بلا فائدة.
و في قراءته لهذه الخطة المسرّبة تحدث كبير الإقتصاديين في بنك بيبلوس نسيب غبريل عن تفاصيل مقترحات هذه الخطة ومدى إيجابياتها وسلبباتها ومساهمتها في إعادة اموال المودعين .
غبريل قال في حديث “للديار” :لغاية هذه اللحظة لا يوجد خطة تقدمت رسمياً بديلة عن خطة ٨ شباط وهي مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف وتحديد مصير الودائع والذي توزع على مجلس الوزراء معتبراً ان ما سرب في الفترة الأخيرة عن خطة حكومية مجهولة المصدر وغير رسمية ” ولكن هي إجراءات مقترحة لتحديد مصير الودائع “.
وإذ لفت غبريل ان مشروع قانون ٨ شباط لم يناقَش لغاية اليوم في مجلس الوزراء، أشار أن التسريبات الأخيرة هي في نفس منحى مشروع قانون ٨ شباط إذ لا يوجد تغيير جذري في توجهاته بل هناك بعض التعديلات ،موضحاً ان الإجراءات المقترحة في الورقة الجديدة هي أولاً توزيع الودائع بين مؤهلة وغير مؤهلة ،وثانياً تجميد الودائع غير واضحة المصدر، وثالثاً استرداد فائض الودائع المدفوعة أي الفوائد الأكثر من ١% ( شطبها او استردادها )،ورابعاً الودائع المؤهلة المضمونة التي هي لغاية ١٠٠ ألف دولار ،وخامساً الودائع الغير مؤهلة التي تصل إلى ٣٦ ألف دولار ،وسادساً تحويل جزء من الودائع التي تفوق المئة ألف دولار ولكن تحت سقف معين إلى الليرة اللبنانية وفقاً لسعر صرف أقل من سعر السوق وهذا السقف لم يتحدد بعد ،وسابعاً المبالغ المتبقية من الودائع تُحوّل إلى أسهم عادية او تُحوّل إلى سندات دين مرؤوسة من قبل المصارف، وثامناً تسوية جزئية للودائع الكبيرة عن طريق الإستثمار بسندات تحمل فائدة صفر بالمئة، وتاسعاً تسوية جزئية للودائع الكبيرة من خلال صندوق استرداد الودائع .
وفي التفاصيل يقول غبريل: المئة الف دولار المضمونة تُسدَد على ١١ سنة بينما في مشروع ٨ شباط تسدد على ١٥ سنة والمبلغ الشهري يبدأ بـ ٣٠٠ دولار و من ثم يرتفع والمبالغ المضمونة الغير مؤهلة اي ٣٦ ألف دولار أيضاً تُسدَد على ١١ سنة بدلاً من ١٥ سنة إبتداءً من ٢٠٠ دولار ومن ثم يرتفع تدريجياً ،مشيراً أن هذه المبالغ تعود لحسابات المودع في كل المصارف ومجموع هذه الودائع يبلغ ١١مليار و ٨٠٠ مليون دولار للمؤهلة و٧ مليارات لغير المؤهلة مجموعها حوالي ٢١% من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية ،”وهذه الودائع ستُرد من دون هيركات على فترة ١١ سنة “.
والنقطة الثانية التي تحدث عنها غبريل الودائع غير معروفة المصدر التي تقدر بأربعة مليارات دولار اي ما يوازي ٤ ونصف بالمئة من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية، كما تُقدَر الفوائد التي دُفِعَت بين عامي ٢٠١٥ و ٢٠٢٠ والتي تتخطى ١% و وفقاً للمشروع المسرّب سيتم استردادها وشطبها تبلغ ٩ مليار دولار أي تقريباً ١٠ و نصف% من مجموع هذه الودائع .
أما بالنسبة للودائع التي يجب أن تتحول إلى الليرة اللبنانية فهي وفق التقديرات ٢١ مليار دولار تقريباً اي ما يوازي ٢٤ ونصف % من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية، والودائع التي تُحوّل إلى أسهم في المصارف تبلغ ٥ مليارات دولار تقريباً ،والودائع التي تُحوّل إلى سندات في المصارف ٤ مليارات و ٥٠٠ مليون دولار أي حوالي ١٠ مليارات اي ١٢% من مجموع الودائع بالعملات الأجنبية التي تحول إما إلى اسهم او إلى سندات في المصارف ،ويبقى موضوع السندات ذات القسيمة الصفرية فهناك حوالي ١٩ مليار دولار من الودائع تُحول إلى سندات ذات قسيمة صفرية و تُرحّل إلى صندوق استرداد الودائع لكن يعتبر غبريل أن كل هذه الأرقام تقديرية لأنها من مصدر غير رسمي، مشيراً ان هناك منهجية معينة عند احتساب الـ ١٠٠ ألف دولار المضمونة من الودائع المؤهلة و٢٦ الف دولار المضمونة من الودائع الغير مؤهلة كخصم السحوبات والتحويلات ،” والمئة ألف دولار المضمونة التي ستُرَد على مدى ١١ سنة تُدفع بدايةً 300 دولار شهرياً إلى ان تصل لغاية ٨٠٠ دولار شهرياً لاحقاً أ،ما الـ ٣٦ ألف دولار المضمونة من الودائع الغير مؤهلة فيُدفع ٧٥% منها بالدولار و ٢٥% بالليرة اللبنانية “.
وبالنسبة لكيفية تحديد الودائع التي يعتبر مصدرها غير واضح أشار غبريل إلى أنه سيتم أخذ المبالغ التي تتخطى الـ ٥٠٠ ألف دولار لكل مودع في كل القطاع المصرفي إن كانت مؤهلة أو غير مؤهلة و هذا المودع سيخضع لتجديد ( إعرف عميلك) و (العناية الواجبة) على مصادر هذه الودائع منذ أوائل العام ٢٠١٥، وكذلك سيخضع جميع الأشخاص المعرضين سياسياً الذين لديهم ودائع تتخطى ٣٠٠ ألف دولار في كل القطاع المصرفي لتجديد ( إعرف عميلك) و ( العناية الواجبة) ، كما يتم تحميل المودع مسؤولية تجديد البيانات عن إعرف عميلك وتقديم كل المعلومات اللازمة عن العناية الواجبة في غضون ثلاثة أشهر من التبليغ رسمياً بهذا الموضوع.
أما في موضوع فائض الفائدة من الحسابات التي تتخطى ١% منذ اوائل كانون الثاني ٢٠١٥ إلى أواخر العام ٢٠٢٠ فيشير غبريل إلى أن فائض هذه الفوائد المدفوعة تُشطب عن طريق تخفيض رصيد الوديعة في المصرف .
والمشكلة كما يرى غبريل من اين ستتأمن السيولة سيما وأن المشروع يقول بان المصارف ستذهب إلى مصرف لبنان وتستخدم ودائعها لديه من أجل تسديد الـ ١٠٠ الف دولار المضمونة وال ٣٦ ألف دولار الغير مضمونة وإذا لم يكن لديها سيولة كافية في مصرف لبنان فستبحث في أماكن أخرى .
ووفقاً لغبريل يجب على الدولة أن تعيد الودائع تدريجياً إلى مصرف لبنان كي تتمكن المصارف من إعادة كل الودائع للمودعين وليس فقط ١٠٠ الف دولار او ٣٦ الف دولار .
وبالنسبة للودائع التي تتخطى ١٠٠ ألف دولار المؤهلة وغير المؤهلة وأقل من ٥٠٠ ألف دولار لفت غبريل إلى ان المشروع الأخير المسرّب يعطي للمودع خيار أعتماد التسوية بالتحويل إلى الليرة اللبنانية على سعر صرف ٤٥% من سعر صرف السوق للودائع المضمونة وعلى سعر ٣٠% من سعر صرف السوق للودائع الغير مضمونة و على فترة ١١ سنة .
اما بالنسبة لموضوع تحويل الودائع إلى أسهم او إلى سندات في المصارف فيقول غبريل أن هذا الإقتراح يعتبر ان مجموع الودائع لكبار المودعين الخاضعة للتحويل إلى أسهم و هي بحدود ٣٣% من الأسهم العادية الجديدة التي سيصدرها المصرف بينما ٦٧% من الأسهم العادية الجديدة عن إعادة الرسملة سيكون من قبل المساهمين الحاليين.