ما بعد تفجير مرفأ بيروت ليس كما قبله، والنتائج السلبية لن تنحصر في التداعيات الاقتصادية، بل يحتمل حدوث عواقب سياسية وجيوسياسية في الأسابيع والأشهر المقبلة. هذا ما خلص اليه تقرير لمؤسسة الخدمات المالية والاستثمارية “غولدمان ساكس” Goldman Sachs. التقرير أشار بوضوح إلى ان الوضع الاقتصادي في لبنان أعجز من أن يحتمل النتائج السلبية المترتبة عن التفجير من دون دعم خارجي كبير. فالكلفة الاجمالية ستتجاوز تقديرات محافظ مدينة بيروت التي تراوحت بين 3 و5 مليارات دولار، لأنها تستثني خسارة إيرادات المحلات التجارية والشركات التي اضطرت إلى الإغلاق نتيجة للأضرار. هذا فضلاً عن تدمير مستودعات وصوامع تحتوي على معدات طبية ومخازن قمح إستراتيجية في المرفأ.
التقرير قدّر نسبة الخسائر إلى الناتج المحلي الاجمالي جراء التفجير بـ 10 في المئة، وان الأضرار المباشرة طالت 50 في المئة من المنطقة الحضارية لمدينة بيروت، وتركت ما يصل إلى حدود 300 الف شخص من دون مأوى. كما أدت إلى تدمير أجزاء كبيرة من الميناء ما جعله غير صالح للعمل، وأثّر على مخزون البلاد الاستراتيجي من الحبوب والإمدادات الطبية، وغيرها من الأصناف المستوردة.
الآمال المعقودة على تحويل العمل إلى مرفأ طرابلس تصطدم بحسب التقرير بعدم وجود تقييم رسمي لقدرة الميناء على التعامل مع حركة المرور الإضافية. إلا أنّ تقرير “بلومبرغ” يفيد بأنّ مرفأ طرابلس كان يعمل بنسبة 40 في المئة قبل الانفجار. وهو ما قد يسمح له باستيعاب التدفقات التجارية، لا سيما بعدما شهدت انخفاضاً كبيراً في الأشهر الأخيرة بسبب انهيار الليرة اللبنانية.
الخطير في التقرير هو ترجيحه تأخير امكانية حصول لبنان على دعم دولي لبرنامج التعافي الاقتصادي، بما في ذلك حزمة صندوق النقد الدولي بقيمة 10 مليارات دولار، والإفراج عن أكثر من 11 مليار دولار تعهدت بها الدول المشاركة في مؤتمر “سيدر” وذلك بعد تجلي الفساد بشكل واضح وتقاذف المسؤوليات في ما خص تفجير المرفأ، وغياب التزام أعمق بالإصلاحات الهيكلية.