غياب السياسات الإصلاحية يُفاقم التضخّم

إعتبر بنك أوف أميركا (BofA) في تقريره الاخير، والذي كانت “نداء الوطن” قد تناولته الأسبوع المنصرم، أن انهيار قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأميركي في السوق السوداء يرجع إلى تدهور الميزان المالي في لبنان، بالإضافة إلى ضعف العرض بالدولار وسط استمرار انعدام تدفق العملة الأجنبية.

وأشار التقرير إلى أن الإيرادات المالية انخفضت بنسبة 9.1% على أساس سنوي تحديداً في الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري. اما الإنفاق العام فلم يسجّل أي تغير يُذكر. وأشار بنك أوف أميركا ايضاً الى أن العجز المالي بلغ 2.6 تريليون ليرة لبنانية، أو 1.8 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف الرسمي. هذا وينذر التقرير من ان يلامس العجز المالي حدود الـ5.3 مليارات دولار (حسب سعر الصرف الرسمي 1515)، ليتخطى بذلك العجز المتوقع في قانون موازنة 2020 (4.6 مليارات دولار).

الى ذلك، انخفضت احتياطيات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية بمعدل شهري بلغ 0.6 مليار دولار في الأشهر الأربعة الأولى من العام 2020، بسبب النزيف الحاد الذي يعاني منه الحساب الجاري والأرصدة المالية. من هذا المنطلق، فان ارتفاع تدفقات التحويلات المالية بعد إعادة فتح المطار في تموز سيدعم توريد الدولار في السوق المحلية.

على خطّ موازٍ، توقفت المحادثات بين السلطات اللبنانية وصندوق النقد الدولي بسبب إحجام الطبقة السياسية عن الاتفاق على تطبيق إصلاحات جدية. في هذا السياق، اعتبر”بنك أوف أميركا” أن تكاليف تقاعس السياسة في لبنان سترتفع ويمكن أن تعرض الاستقرار الاجتماعي والسياسي في لبنان لمخاطر جمّة.

وبحسب التقرير ايضاً فان الاعتماد على الاقتصاد النقدي (الكاش) قد ازداد بوتيرة غير مسبوقة خصوصاً بعد الاحتجاجات التشرينية، والتي تظهر حجم سحب الودائع من القطاع المصرفي. وأشار إلى أن العملة المتداولة نمت من 3.7 مليارات دولار قبل الاحتجاجات إلى 11.6 مليار دولار حتى اواخر حزيران 2020، وهو ما يمثل زيادة شهرية متوسطية قدرها 0.9 مليار دولار بين تشرين 2019 وحزيران 2020.

بالإضافة إلى ذلك، انخفضت قيمة الودائع بالليرة اللبنانية بمتوسط شهري قدره 2 مليار دولار إلى 28 مليار دولار.

هذا واشار التقرير إلى أن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية في السوق السوداء يدل على الافتقار للسياسات المالية والشلل السياسي اللذين يزيدان من خطر تسارع التضخم. وقال التقرير إن التطورات الحالية تشبه تلك التي حدثت في أواخر الثمانينات عندما شهد لبنان انهياراً سريعاً في سعر الصرف وارتفاعاً في معدل التضخم. وأضاف أن ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات مرتفعة من المرجح أن يزيد من سرعة تدهور سعر الصرف، الأمر الذي سيزيد بدوره من التضخم ويفاقم اضعافاً الليرة اللبنانية.

وفي موازاة ذلك، اعتبر BofA أن سعر صرف ضعيفاً نسبياً من شأنه ان يضيّق عجز الحساب الجاري من 21.9% من الناتج المحلي الإجمالي في الـ2019 إلى 10.4% في الـ 2020، بافتراض أن متوسط سعر الصرف المرجح هو 4000 ليرة لبنانية.

وأضاف التقرير أن استمرار انخفاض سعر الصرف يمكن أن يؤدي إلى حساب جارٍ متوازن، لكن في الوقت عينه من المحتمل أن تكون التكلفة الاقتصادية الناجمة عنه مرتفعة. على المنوال عينه، من المرجّح ان يكون نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في لبنان متسقاً مع بلد متوسط الدخل المنخفض، مقارنة مع وضعه الحالي كدولة ذات دخل متوسط أعلى. كما توقع أن يؤدي ضعف العملة إلى ارتفاع كبير في نسب الدين العام، وسيقلل قيمة استرداد سندات اليوروبوندز، الأمر الذي سيعقد مفاوضات الحكومة مع دائنيها.

 

المصدر: نداء الوطن

المادة السابقةإعادة هيكلة المصارف… ولكن!
المقالة القادمةسجال عميق حول “التدبير رقم 6”