انتعشت بورصة الدار البيضاء في نهاية الأسبوع الماضي. تلك حركة رأى فيها مراقبون نوعاً من التفاعل مع قرار الولايات المتحدة الأميركية بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء والحصول على تمويل من السوق الدولية في حدود 3 مليارات دولار.
ذلك نوع من الأثر النفسي السريع الذي أنعش بورصة الدار البيضاء، إذ يرى فيه الخبير الاقتصادي المغربي، إدريس الفينا، خلال حديثه مع “العربي الجديد” تجاوباً أكثر للمستثمرين مع الإعلان الصادر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء.
ويتصوّر خبراء اقتصاد أن الإعلان الأميركي بالاعتراف بسيادة المغرب على الصحراء، جاء في سياق كان فيه السوق المالي في حاجة ماسة لأخبار تشي بانفراجة محتملة على مستوى الاستثمارات في المستقبل.
وحسب هؤلاء فإن خطوة ترامب، ستفضي إلى استثمارات في المنطقة، وستشجع بلداناً أخرى على أن تحذو حذوها، مثل بريطانيا، خاصة في حال انتهى مسلسل الخروج من الاتحاد الأوروبي ” بريكست”.
وكشفت الولايات المتحدة عن التوجه نحو فتح قنصلية بمدينة الداخلة، ستكون ذات طابع اقتصادي بالأساس، من أجل تشجيع الاستثمارات الأميركية والمساهمة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لا سيما لفائدة سكان الأقاليم الجنوبية.
ورجح أستاذ العلاقات الدولية والباحث بالجامعة الحرة ببروكسل سباستيان بوسوا، في مقابلة مع إذاعة فرنسا الدولية، أن يكون الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء محكوماً، في جانب منه، بالرغبة في التصدي لطموحات الصين في أفريقيا، خاصة في ظل الحضور الذي أضحى للمملكة في القارة السمراء في الأعوام الأخيرة.
ويرتبط المغرب مع الولايات المتحدة الأميركية باتفاق للتبادل الحر، إذ استفادت من الجانب المغربي قطاعات مثل الصناعات الغذائية والتجهيزات والنسيج والألبسة، بينما تمكنت الولايات المتحدة من الاستفادة في توطين شركاتها بالمملكة.
وذهب الاتحاد العام لمقاولات المغرب إلى أن “افتتاح قنصلية أميركية ذات بعد اقتصادي بمدينة الداخلة نبأ سار، إذ ستساهم في استقطاب الاستثمارات الأميركية في هذه الجهة التي تزخر بإمكانيات لا حصر لها، خاصة بحكم موقعها الجغرافي الاستراتيجي المتعارف عليه”.
وقال الاتحاد الذي يمثل مصالح رجال الأعمال إنه “سيواصل عمله إلى جانب فاعلي القطاع الخاص الأميركي لتعزيز الشراكة الاقتصادية الثنائية، وتطوير مشاريع ذات تأثير كبير لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة”.
ويتصور الخبير الاقتصادي إدريس الفينا أن الطاقات المتجددة ستكون من بين القطاعات التي ينتظر أن تجذب استثمارات الأميركيين إلى الصحراء، بالإضافة إلى بناء محطات لتحلية المياه واستغلال الثروات البحرية والمنجمية.
ويرى أن ذلك سيفضي إلى خلق دينامية تجاه أوروبا وأميركا وأفريقيا، خاصة أن الحضور الاقتصادي للولايات المتحدة في الصحراء سيجذب استثمارات بلدان أخرى، ما سيرفع حجم الاستثمارات الخارجية المباشرة بالمملكة.
وأخبرت إدارة الرئيس الأميركي الكونغرس بأنها عقدت العزم على بيع أسلحة أربع طائرات مسيرة وأسلحة موجهة بدقة للمغرب، بقيمة مليار دولار. وكان ذلك بعد يومين على إعلاني العاهل المغربي والرئيس الأميركي.
وكانت الشركة الأميركية الناشئة “سولونا تكنولوجي وإي إم ويند” قد كشفت، يوم الأربعاء الماضي، عن “بناء مزرعة رياح بقدرة إنتاجية تبلغ 900 ميغاواط في الداخلة المغربية الواقعة بالصحراء على مساحة 11 ألفاً و313 هكتاراً”.
ويراد من هذه المزرعة الرياحية التي ستكلف استثماراً في حدود 1.5 مليار دولار تزويد خوادم مخصصة لتكنولوجيا سلسلة الكتل، حيث ينتظر أن يرى النور خلال الستة أعوام المقبلة، بحسب المدير العام لشركة “سولونا تكنولوجي”، جون بيليزير.
وتزامناً مع الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء، أعلنت الرباط عن توجه رسمي نحو استئناف العلاقات مع إسرائيل.
وفي الوقت الذي لا يشير مكتب الصرف الحكومي الذي يتتبع تفاصيل المبادلات التجارية للمغرب مع بقية دول العالم إلى ما يشي بوجود علاقات تجارية بين المملكة وإسرائيل، أكدت تقارير إسرائيلية استيراد المغرب منتجات كيميائية وميكانيكية، وأجهزة إلكترونية وآلات موجهة للزراعة.
ودأبت الحكومة المغربية، في ظل تنديد دعاة مقاطعة إسرائيل بالتطبيع الاقتصادي، على نفي أن تكون للمملكة أية علاقات تجارية مع إسرائيل، مؤكدة أنها لم يسبق لها أن سلّمت رخصاً من أجل استيراد منتجات إسرائيلية المنشأ.
وأوضح وزير الشؤون الخارجية، ناصر بوريطة، أن استئناف العلاقات مع إسرائيل لا يعني التطبيع، موضحاً أن المغرب كان يتوفر على مكتب اتصال بإسرائيل بين 1994 و2002. واعتبر أن الأمر يتعلق بإعادة بعث مكتب الاتصال.
وأعاد التأكيد على ما جاء في إعلان العاهل المغربي محمد السادس، عند الكشف عن إعادة مكتب الاتصال وإطلاق خطوط رحلات جوية مباشرة، والتي يمكن أن تقل يهوداً مغاربة وسياحاً إسرائيليين.
وكانت تقارير تشير إلى حلول سياح إسرائيليين بالمغرب عبر رحلات غير مباشرة، فهم يأتون عبر بلدان اخرى، إذ يجرى اعتماد بطاقتي سفر واحدة من إسرائيل إلى بلد أوروبي، وأخرى من ذلك البلد إلى المغرب.
ويترقب فاعلون في السياحة تحدثت إليهم “العربي الجديد” أن يتدفّق السياح الإسرائيليون الذين تعود جذورهم للمملكة على المغرب بعد استئناف العلاقات وإطلاق رحلات جوية مباشرة.
وكشفت شركتا “Israir Airlines” و”العال” عن استعدادهما لإطلاق رحلات يومية بين المغرب وإسرائيل، علماً أنهما كانتا قد بذلتا في السابق مساعي لدى السلطات المغربية المختصة من أجل تحقيق ذلك.