فرنسا تطلق تحفيزاً بـ100 مليار يورو لإنعاش الاقتصاد

أكدت الحكومة الفرنسية الخميس أنها تضع الوظائف في رأس أولوياتها، وذلك بينما تستعد لإطلاق خطة إنفاق ضخمة لدعم الاقتصاد، والتغلب على الأزمة التي تسبب فيها وباء «كوفيد- 19».

ووعد رئيس الوزراء جان كاستيكس بخلق 160 ألف وظيفة جديدة في 2021، في إطار خطة لإنعاش الاقتصاد بقيمة 100 مليار يورو (120 مليار دولار) بهدف دعم النمو والوظائف، في وقت عاودت أرقام الإصابات بالفيروس الارتفاع مجددًا.

وقال مسؤول إن حزمة التحفيز تعادل 4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يعني أن فرنسا تضخ المال العام في الاقتصاد أكثر من غيرها من الاقتصادات الأوروبية الكبيرة، كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي. وذكر مسؤولون أن حزمة التحفيزات تخصص 35 مليار يورو لزيادة القدرة التنافسية للاقتصاد، و30 ملياراً لسياسات طاقة أكثر مراعاة للبيئة، و25 ملياراً لدعم الوظائف، بحسب «رويترز».

وقال كاستيكس في تصريحات لإذاعة «آر تي إل»، إن «خطة الانتعاش تهدف إلى حماية الاقتصاد من الانهيار والحيلولة دون تفاقم البطالة»، مضيفاً: «آمل أن تؤدي خطة الإنعاش إلى خلق 160 ألف وظيفة في 2021، هذا هدفنا».

وقال كاستيكس حسبما ذكرت قناة «فرنس 24» إن هدف الحكومة الفرنسية هو العودة إلى مستويات نشاط ما قبل أزمة «كورونا» بحلول عام 2022، والبدء في رؤية انخفاض البطالة عندما انخفضت 800 ألف وظيفة هذا العام. وسجل الاقتصاد الفرنسي أسوأ تدهور له منذ 1945، إذ تراجع إجمالي الناتج المحلي بنسبة 13.8 في المائة في الربع الثاني، بعد انخفاضه أكثر من 5 في المائة في الربع الأول. وتتوقع الحكومة أن يسجل إجمالي الناتج المحلي في 2020 انكماشاً نسبته 11 في المائة، وخسارة ما مجموعه 800 ألف وظيفة خلال العام.

وخطة الدعم التي تتضمن مزيجاً من إنفاق جديد وإعفاءات ضريبية، تفوق بأربع مرات المبلغ الذي أنفقته فرنسا قبل أكثر من عقد لمواجهة الأزمة المالية العالمية، بحسب الحكومة.

والمبلغ منفصل عن خطة للاتحاد الأوروبي بقيمة 750 مليار يورو، تم الاتفاق عليها بعد مفاوضات شاقة في يوليو (تموز) الماضي، وتأتي إضافة إلى مئات المليارات التي أنفقت في الأشهر الأولى لأزمة الوباء.

وتعهدت الحكومة في الأمد المتوسط استخدام الأموال لتحفيز الاستثمار في تكنولوجيا مراعية للبيئة، ومساعدة بعض قطاعات الاقتصاد، مثل الرعاية الصحية، كي تصبح أكثر تنافسية. وقال كاستيكس لصحيفة «لوفيغارو» إن «هذه الخطة ليست مصممة فقط لمداواة الجروح الناجمة عن الأزمة… إنها تحضر الأرضية للمستقبل». وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قال خلال فترة وضع خطة التحفيز، إنها ستحضر «لفرنسا عام 2030» مع تركيزها على اقتصاد خال من انبعاثات الكربون، وتحسين تنافسية الشركات والوظائف.

ورحب خبراء الاقتصاد بالانتقال من تدابير التقشف التي طبقت بعد الأزمة المالية عام 2008، والتي كانت «خطأ هائلاً» بحسب فيليب مارتن رئيس مركز الأبحاث «سي إي إيه» الذي يقدم المشورة للحكومة. وهذه المرة «التركيز ليس على الدين العام» وفق رئيس معهد الاقتصاد «أو إف سي إي» كزافييه راغو، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وسجل الاقتصاد انتعاشاً قوياً لكن وجيزاً بعد وقت قصير على إلغاء تدابير الإغلاق في منتصف مايو (أيار)؛ لكنه يظهر منذ ذاك الحين مؤشرات مقلقة على التراجع مجدداً، بينما أرقام الإصابة بالفيروس آخذة في الارتفاع. ويعتبر كثيرون أن إجراءات الحد من تفشي موجة ثانية للفيروس، مثل جعل الكمامات إلزامية في أماكن العمل، تقوض الثقة لدى الجهات الاقتصادية الفاعلة التي تسعى الحكومة جاهدة لاستعادتها.

وبعكس الإجراءات في فترة ما بعد أزمة 2008، فإن جزءاً كبيراً من الخطة الجديدة يطال جانبي العرض والاستثمار في الاقتصاد، تحديداً الأنشطة التجارية. وكانت المنظمات غير الحكومية قد ذكرت أن تلك الإجراءات قليلة جداً، ودعت الحكومة إلى مطالبة الشركات بالتزامات بيئية مقابل مساعدة حكومية. ورفضت الحكومة دعوات إلى اتخاذ تدابير محددة لتعزيز إنفاق المستهلك، مثل خفض ضريبة القيمة المضافة على غرار ألمانيا، وقالت إن تمويلها الكبير لإجراءات البطالة الجزئية، ساهم بشكل كبير في الحفاظ على القدرة الشرائية للمستهلك. وجمعت العائلات الفرنسية 80 مليار يورو بشكل مدخرات متراكمة منذ مارس (آذار) الماضي، وهو ما يمثل قدرة هائلة في حال تم حث الناس على الإنفاق، بحسب محللين.

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةالجزائر.. تسرب نفطي في خط أنابيب
المقالة القادمةحسن: مستمرون في مسار تنيمة القطاع الصحي العام