فصل سابع مالي

منذ 2016 قمنا نحن ومجموعة من الاقتصاديين النزهاء بمهاجمة ما يسمّى بالهندسات المالية التي قام بها رياض سلامة، واستفاد منها رؤساء ووزراء ومصارف وسياسيون ونواب. فحاولوا إسكاتنا بأننا نهدّد الوضع الاقتصادي والمالي، فيما كان نوّاب الحاكم واقتصاديون مأجورون يطبّلون للهندسات، ومدير عام وزارة المال ومفوّض الحكومة يغضّان النظر عن أكبر عملية بونزي في التاريخ.

وبعد ثورة 17 تشرين انتشرت الأخبار في كلّ مكان عن حساب «أصول أخرى» يخفي فيه حاكم مصرف لبنان خسائر تجاوزت 76 مليار دولار، وهو رقم مرعب يشكل ثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد اللبناني!

البعض يقول خسائر، والبعض الآخر يقول أموالاً منهوبة. ولكنّ الحقيقة الثابتة أن أموال المودعين لم تعد موجودة بل أصبحت حبراً على ورق، حتى ان الحبر جفّ حيث ان بعض المصارف لا تطبع كشوفات الحسابات لمودعيها محاولة تجنّب الدعاوى في المحاكم.

اليوم جاء تقرير «ألفاريز اند مارسال» ليؤكّد ما قلناه. وقد ثبّت اين ذهبت معظم الأموال، ولو ان برأينا التقرير ناقص، وقد عمل المدققون بما أعطاهم رياض من معلومات، ولم يتمكّنوا من الحصول على جميع المعلومات، وخاصة الداتا من المصارف التي برأيي تخفي أين ذهبت الأموال للأشخاص والقطاع الخاص. فيما تمكّن التقرير من الاطلاع على الأموال التي صرفت على القطاع العام والمؤسسات العامة والأموال التي صرفها رياض على ملذاته وعلى شراء ضمائر إعلاميين ونافذين، علماً انه اذا تمّ التدقيق في حسابات كازينو لبنان وطيران الشرق الاوسط وإنترا سيجدون العجائب.

فإذا تمكّن التقرير من تفنيد 47 مليار دولار صرفت على وزارة «اللاطاقة» والدعم، فيوجد أكثر من 30 مليار دولار يفترض وجودها في المصارف تمّ تهريبها الى الخارج لمصرفيين وسياسيين ونافذين، فيما حرم المودعون من أموالهم.

القضاء لم ولن يتحرّك وذلك لسببين: الأوّل الفساد، والثاني أن القضاة الشرفاء يخافون على حياتهم من الإغتيال. فإذا كان القاضي والمحقق العدلي في جريمة تفجير المرفأ مكبّلاً ومهدّداً، فكيف بالأحرى القاضي الذي سيحكم على طبقة سياسية فاسدة سرقت ودائع الناس؟

الحلّ برأيي لن يأتي من لبنان بل من الخارج. وقد رأينا كيف قامت وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على عائلة سلامة ومساعدته بعدما كان يعتقد معظم الناس بأن الادارة الاميركية تحمي رياض سلامة، وهو ما تبيّن بأنه غير صحيح.

برأيي كانوا يريدون فرض عقوبات عليه منذ مدة، ولكن تمّ تأخير ذلك لأنهم لا يريدون وضع عقوبات على مصرف لبنان وتعريض الشعب اللبناني لمزيد من الأذى بعد الذي تعرّض له من هذه الطبقة السياسية الفاسدة.

العقوبات ستستمرّ، وبرأيي ستطال نواباً ووزراء وأصحاب مصارف وقضاة… الفرصة الأخيرة ستكون بانتفاضة قضائية للبدء بالمحاسبة، والا من بعدها سيتمّ وضع البلد تحت فصل سابع مالي يتمّ فيه وضع لبنان على اللائحة السوداء ليتوقف التعامل مع المصارف في لبنان وتتوقّف معها كلّ التحويلات… الوقت ثمين لا بدّ من التصرّف!

مصدرنداء الوطن - ميشال قزح
المادة السابقةلبنان ينزل عن عرش السيغار الكوبي
المقالة القادمةأقساط المدارس الخاصة تتضاعف مرتين إلى 5 مرات