فوضى الوقود البريطانية تفضح أزمة إمدادات عميقة

سعى رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، لتهدئة مخاوف شعبه بعدما أدت عمليات شراء بدافع الذعر إلى نفاد الوقود من المحطات في المدن الكبرى، وقال إن الحكومة تجري استعدادات لضمان جاهزية سلاسل الإمداد قبل عيد الميلاد. وأكد جونسون أن الوضع في محطات الوقود يتحسن، على الرغم من أن مئات المحطات في مناطق كثيرة ظلت مغلقة، وقضاء أصحاب السيارات ساعات في البحث عن الوقود أو الجلوس في ضجر في طوابير بانتظار ملء خزانات سياراتهم.

وأضاف في تصريحات نقلها التلفزيون: «بدأنا نرى الآن أن الوضع يتحسن. نسمع من الصناعة (صناعة الوقود) أن الإمدادات تعود إلى المحطات بالشكل الطبيعي، وأرغب في الواقع في مناشدة الجميع ممارسة أعمالهم بشكل عادي»، مشيراً إلى أن حالات مماثلة لنقص الوقود «تؤثر على الدول في مختلف أنحاء العالم».

وكانت تصريحات جونسون هي الأولى له منذ أن ظهرت مشكلات إمدادات الوقود في مطلع الأسبوع، عندما أوردت شركات النفط تقارير عن صعوبات في نقل البنزين والديزل من المصافي إلى المحطات. واتهم كير ستارمر، زعيم حزب العمال المعارض، جونسون وحكومته بالتخبط من «أزمة إلى أخرى»، وقال بلهجة مستنكرة: «نحن في وضع جعلت فيه الحكومة البلاد في حالة من الفوضى بسبب حالة تامة من عدم الاستعداد».

ولا تكف الحكومة عن التأكيد على أن المملكة المتحدة لا تعاني نقصاً في الوقود، ولكن النقص ناتج عن الطلب الاستثنائي الناجم عن اندفاع المستهلكين القلقين من نفاد الوقود لشرائه، كما كانت الحال مع ورق التواليت أو بعض المنتجات الغذائية في بداية الجائحة.

وحمل وزير النقل، غرانت شابس، على سائقي السيارات الذين يملأون زجاجات بالبنزين، بقوله: «ما إن نسرع في العودة إلى عادات التسوق العادية حتى تعود الأمور إلى طبيعتها». وارتفعت الأصوات المطالبة بإعطاء أولوية للأطباء والممرضات والعاملين الأساسيين الآخرين في ملء خزانات سياراتهم لضمان استمرار عمل المستشفيات وخدمات الرعاية الاجتماعية، لكن جونسون قال إن من الأفضل «تحقيق الاستقرار بالطريقة العادية».

واجتاحت رياح الفوضى بريطانيا، خامس أكبر اقتصاد في العالم، في الأسابيع الأخيرة، بعدما أُصيبت سلاسل الإمداد بالإجهاد تحت وطأة نقص سائقي الشاحنات، فيما أدت زيادة أسعار الغاز الطبيعي بالجملة في أوروبا إلى إفلاس شركات الطاقة. وتعقدت مشكلة ندرة سائقي الشاحنات بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بفعل توقف اختبارات منح رخص قيادة الشاحنات في فترة العزل بسبب جائحة كورونا، وكذلك لخروج سائقين من مجال صناعة النقل. وأدى ذلك إلى غرس بذور الفوضى في سلاسل الإمداد، وأثار أشباح النقص على نطاق واسع، وزيادة الأسعار قبل عيد الميلاد، وارتفاع التضخم على مدى أطول.

ولمعالجة النقص في عدد السائقين، اضطرت الحكومة لاتخاذ إجراءات كانت تستبعدها في السابق، مثل إصدار تأشيرات مؤقتة لخمسة آلاف سائق أجنبي. كما وضعت عدداً محدوداً من سائقي الناقلات العسكرية في حالة تأهب للاستعانة بهم في توصيل الوقود إذا لزم الأمر.

وقالت شركات النقل ومحطات الوقود وتجار التجزئة إنه لا توجد حلول سريعة لأن النقص في سائقي الشاحنات المقدر بنحو 100 ألف شديد للغاية، ولأن نقل الوقود يتطلب تدريباً ورخصاً إضافية. ويريد الوزراء من الشركات أن تقدم رواتب أفضل، وتهيئ أوضاعاً أفضل لسائقي الشاحنات، بدلاً من الاعتماد على العمالة الأجنبية الرخيصة. وقال جونسون: «الشيء الذي لا أعتقد أن الناس يريدونه هو إصلاح كل مشكلاتنا عن طريق الهجرة غير المنظمة مرة أخرى؛ لقد جربنا ذلك لفترة طويلة، وفي نهاية الأمر يرى الناس النتيجة؛ أجور متدنية ومهارة أقل».

وفي وسط الأزمة، أظهرت بيانات أصدرها «كونسورتيوم» متاجر التجزئة البريطانية، الأربعاء، تراجع أسعار المنتجات بوتيرة أبطأ خلال شهر سبتمبر (أيلول) الحالي. وتراجعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة على أساس سنوي خلال الشهر الحالي، بعدما انخفضت بنسبة 0.8 في المائة في أغسطس (آب) الماضي. وقالت هيلين ديكنسون، الرئيسة التنفيذية للكونسورتيوم: «هناك دلالات واضحة على أن الضغوط المستمرة منذ أشهر بسبب ارتفاع تكاليف النقل، ونقص العمالة، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وتكاليف السلع، بدأت تتراجع». وقد ارتفعت أسعار الأغذية بنسبة 0.1 في المائة، وأسعار المنتجات غير الغذائية بنسبة 1 في المائة، على أساس سنوي.

 

مصدرالشرق الأوسط
المادة السابقةتسريع التحول الرقمي المستدام للقطاعات الحكومية السعودية
المقالة القادمةيلين تحدد «اليوم إكس» لإعلان فشل الخزانة الأميركية