لا حدود للتفلّت في لبنان ما دام الشعب اللبناني يشعر بأنّه لا توجد دولة ستُحاسبه على ما يفعله، ولكنّ مَن يدفع الثمن هو المواطن الذي “لا ناقة له ولا جمل”، وأبرز الأمثلة على هذا الأمر الفوضى التي تعمّ تعرفة “السرفيس” أو “التاكسي” في لبنان، في ظلّ غياب ملحوظ للمعنيين في هذا الإطار.
كما تضرب الفوضى والتفلّت عدداً من القطاعات في لبنان، فإنّ قطاع النقل يشهد فوضى غير مسبوقة حتى يكاد يكون “حارة كل مين إيدو إلو”، إلّا أنّ التنصّل من المسؤوليّة يطال اليوم النقابات ويرمي الكرة في ملعب الدولة غير الموجودة في كثير من المواضيع، فمَن يضبط هذا الفلتان ومتى يتحرّك المسؤولون؟ لا سيّما الوزارات المعنيّة للحدّ من تسلّط أصحاب المركبات العموميّة على رقاب المواطن الأعزل؟
ردّاً على سؤال حول الفرق في التسعيرة بين سيارة أجرة وأخرى، وأنّ البعض يتقاضى الأجرة بالدولار الأميركي، يعتبر رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البرّي في لبنان بسام طليس أنّ “التعرفة التي وُضِعت مع وزير الاشغال كانت بالليرة اللبنانيّة، إنما في حال أراد البعض الدفع بالدولار فهذا شأن آخر. النقابات غير مسؤولة عن الفوضى في القطاع أو عن لجمها أو قمعها. في النهاية هناك قوانين وأنظمة وجهات معنيّة تطبّق القانون وتلاحق المخالفات. النقابة ليس لديها شرطة سير أو قوى أمن داخلي أو وزارة اقتصاد أو مصلحة حماية المستهلك. مثلاً في حال لم يدفع المواطن رسوم الميكانيك وفقاً لما ينصّ عليه القانون فإنّ الجهة المخوّلة ملاحقته أو محاسبته وتوقيفه وتسطير محضر ضبط هي قوى الأمن وليست النافعة (هيئة إدارة السير والآليات والمركبات). وفي مخالفة المواطن أيّ مادة منصوص عنها في القانون فإنّ الجهات الأمنيّة المختصّة هي من تُلاحقه وتُحاسبه”.
“مسؤولية الداخليّة”
يضيف: “عقدنا كاتحادات ونقابات مع وزير الأشغال العامة في حكومة تصريف الأعمال علي حمية بصفته السلطة الرسميّة اجتماعات عديدة، وبعد دراسة معمقة ومطولة أصدرنا التعرفة الجديدة، لكن الوزير حميّة لا يملك جهازاً أمنياً لضبط السائقين العموميين في حال المخالفة، بل هذه مسؤولية وزارة الداخلية وقوى الأمن الداخلي ومصلحة حماية المُستهلك ووزارة الاقتصاد لقمع المخالفات”.
ويشير طليس لـ “نداء الوطن”، إلى أنّ “التعرفة الموحّدة لـ”السرفيس” هي 150 ألف ليرة لبنانية، قابلة للتعديل إنما بقرار”.
دعوةٌ لـ “عدم الانصياع”
وعن عدم قبول بعض السائقين بالتعرفة، يُجيب طليس: “بدل السائق هناك مئة وألف، وبالتالي المطلوب من المواطن عدم الانصياع وانتظار سيارة أجرة ثانية يقبل سائقها بالتعرفة الموحدة، وعندها يتعلم أصحاب سيارات الأجرة الدرس وأن هناك بديلاً منه فيلتزم بالتعرفة”، مؤكّداً أنّ “هذا القطاع يحتاج إلى دولة ترعاه وتنظّم أموره وتضبط أوضاعه. كنقابة ليس لدينا أجهزة أمنية لنشرها على الطرقات وقمع المخالفات، وفي حال قمنا بذلك سنُحاسَب من قبل القوى الأمنية لمخالفتنا القانون. دوري كرئيس نقابة التوجيه وتقديم النصائح للسائقين والدفاع عن مصالحهم لكن في الوقت عينه من واجباتي الدفاع عن السائقين والمواطنين الذي سيرتادون السيارة معه أيضاً. ومن يرتاد سيارة الأجرة مواطن من عامة الشعب تماماً كسائق سيارة الأجرة لهذا عليه مراعاة ظروفه. وفي حال وجد المواطن أن السائق لا يلتزم بالتعرفة فليفتش عن غيره”. وسأل: “لماذا باصات النقل المشترك تلتزم بالتعرفة عكس سائق الأجرة؟ عندما افتتحنا النقل المشترك مع وزير الأشغال طالبنا بأن يكونوا عبرة لغيرهم وأنْ يُنظّموا أمورهم بحيث تكون المنافسة شريفة”، لافتاً إلى أنّ “التعرفة ليست منزلة وهي قابلة للتعديل وفق الظروف والمعطيات، وفي حال تطلب الأمر ذلك سنقوم برفعها”.
أزمة الـ “توك توك”
يعتبر طليس أنّ “على وزارة الداخلية أنّ تساعد على تطبيق القانون. مثلاً في القانون أُدخِلت الـ”توك توك” إلى لبنان كدرّاجات ناريّة بثلاثة دواليب ومسجلة ومجمركة على هذا الأساس لكنها تُستَعمل لنقل الركاب خلافاً للقانون. من المفترض أن يتم تسجيلها في النافعة على أنها دراجة بثلاثة دواليب ومن ثم إبلاغها من قبل قوى الأمن الداخلي بأنه ممنوع عليها نقل الركاب. القانون ينصّ بأنه من غير المسموح للآليات “الخصوصية” العمل، فكيف تعمل؟”.
يتابع: “في القانون ممنوع على المزوّر والمكرّر العمل. ففي حين نجد في القانون أنّ هناك 4250 فان ميني باص مُسجّلة رسميّاً بشكل قانوني، نجد أنْ عددها الفعلي على الطرقات يتجاوز الـ16 ألف فان “عمومي”. فكيف تعمل؟ على القوى الأمنية أن تقمعها”.
“المُخالفة السوريّة”
أمّا عن السوريين الذي يعملون كسائقي تاكسي يقول طليس: “يعملون خلافاً للقانون لأنهم لا يحملون رخصة سوق “عمومي” وبالتالي على الأجهزة الأمنيّة توقيفهم. السيارة السورية العموميّة تعمل في لبنان من دون حسيب أو رقيب وتتنقل بين المطار والحمرا وجبيل وصور وبعلبك وتنقل الركاب، في حين أنّ السيارة اللبنانية العمومي عندما تدخل الشام تركن في الموقف وممنوع عليها التحرّك متراً واحداً. على مَن تقع المسؤولية؟ النقابات أم الدولة؟ عندما نتحدّث عن فوضى في القطاع فثمّة مَن هو مسؤول عنها ومن المفترض أن يكون هناك من يقمعها، وهذا ليس دور النقابات. أتحدّى أنْ نجد رئيس نقابة أو عضو نقابة أو رئيس اتحاد يُغطي حالات كهذه. وفي حال وجِد، نطلب أن يُصار إلى التشهير به. لا يجوز أنْ أخضع للقانون وأطبّقه بينما غيري يُخالفه”.