في حال تم تعديل التعميم 151 وسحوبات 150 دولارا شهريا…

في بلد الحق فيه ضائع والحقيقة تائهة، في بلد العدل فيه وجهة نظر والعدالة مفقودة، في بلد تُحتجز فيه أموال الناس دون أي وجه حق وجنى العمر مصيره مجهول دون أي عذر مقبول.

في سابقة لم تحصل في أي دولة من دول العالم ودائع تحتجز في المصارف منذ اكثر من أربع سنوات وسط مراوحة من السلطة لعدم إيجاد الحلول والاستمرار في الحلول الترقيعية عبر تعاميم صادرة عن مصرف لبنان و آخرها ما يتم الحديث عنه بأن المركزي في صدد إصدار تعميم جديد يتضمن تعديلاً على التعميم ١٥١ والذي من المتوقع أن يسمح بسحب 150 دولاراً من الحسابات الدولارية (اللولار).

في هذا الإطار يقول الكاتب والباحث في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة البروفسور مارون خاطر في حديثه للديار : من المتوقَّع أن يعلن مصرف لبنان عن التّعديلات التي ستتناول التعميم 151 الذي بقي دون تجديد منذ نهاية العام 2023 وتضج الأوساط الإعلامية والشعبية بما يتم تداوله من معلومات تتعلق بالتعديل الموعود ، وتؤكد المعلومات المتداولة التَسديد عبر المصارف لأقساط شهرية بالدولار للمودعين من أصحاب الحِسابات المقومة بالعملات الصَّعبة.

ويوضح خاطر أنَّه وعلى الرغم من عدم تصنيف الودائع “مؤهلة” و “غير مؤهلة” يبدو أن التعميم سيحصر الاستفادة بحساب واحد لمن يملك أكثر من حساب في المصرف نفسه أو في مصارف متعددة. كذلك، تشير المعلومات إلى أن المستفيدين من التعميم 158 لن يتمكنوا من الاستفادة. ووفقاً للبروفسور خاطر يَطرح التعديل المنتظر للتَّعميم 151 اسئلةً كثيرةً تتعلق بتوقيته وباستدامته إذ يقع زمنياً في فترةٍ تُستَعجَلُ فيها العلاجات الموضِعية لنتائج الأزمة في ما يشبه التسليم بانسداد الأفق. زمنٌ تحولت فيه الموازنات خشبية ودون سعر للصرف لتحل مكان خطط النهوض الحقيقية معتبراً أن الكلام عن توحيد سعر الصرف معاكس للنظريات الاقتصادية ومقدمة لتسعير الودائع ولإطلاق منصة بلومبرغ.

إلَّا أنَّ الأهَمَّ من كلّ ذلك وفق خاطر هو أن تعديل التَّعميم 151 يأتي في الوقت بَدَل الضَّائع الفاصل بين المراوحة القاتلة التي طبعت مصير الودائع وبين إعادة هيكلة المصارف المؤجلة كما إعادة تفعيل المؤسسات وإطلاق يد العدالة لمحاسبة كل من ألحق الاذى بالمودعين. تعويضاً عن كل ذلك.

ويضيف خاطر من المتوقع أن يحصل المودعون على مبلغ 150 دولارا شهرياً فيمكنهم بذلك سحب 100 ألف دولار بعد أكثر من 55 سنة! ومن يَثبت إلى النهاية يخلص على ما يقول القديس متى الرسول ، إلا أنَّ كثيرين لن يكون لهم أن يثبتوا.

في سياق متصل اعتبر البروفسور خاطر أنه وفي غياب الحلول الجذرية يُربَط مصير الودائع بالمنتهى ويُسَلَّم المودعون إلى الزَّمن الذي يَمُر ويَمحي الأثر!

بالعودة إلى تعديل التعميم 151 يبدو السؤال عن مصادر التمويل مشروعاً يقول خاطر وكذلك السؤال عن ثمن التقارب المستجد بين المركزي والمصارف والدولة “إذ انهم لم يلتقوا يوماً على مصلحة المودعين”. إلا أن السؤال الأهم يبقى حول إمكانية أن يكون هذا التعديل مستداماً مما يعيدنا مرة أخرى إلى السؤال عن مصادر التمويل.

أما ما يخشاه البروفسور خاطر فهو أن يكون التعديل المرتقب مرحلياً بانتظار اختيار واعتماد سعر رسمي للصرف يتوقف بعده الدفع بالدولار، ويرى ان ما يعيشه لبنان اليوم هو محاولة للسير بتدابير موضعية ترتكز على الاستقرار الذي أرسته السياسة على سوق القطع بعد منعها المضاربة وهو استقرار لا يمتلك مقومات الثبات والاستدامة وهذا ما ستكون عليه التدابير المرتبطة به.

في المحصلة يختم خاطر، “لا يمكن أن تشكل التدابير العلاجية حلاً لمشكلة لبنان. الحل يجب أن ينطلق من عقد سياسي وطني ينعكس على الاقتصاد والمال والنقد. في الانتظار تخبط ووعود وعهود وشراء لوقت مكلف لا يَصحُّ أن يهُدر”.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةطريق ضهر البيدر أولوية اقتصادية وحياتية
المقالة القادمةجلسة مناقشة الموازنة: من لم يشارك منكم في تعديلها… فليرجمـها بحجر!