في زمن الإنهيارات: اللجوء إلى المولدات الصغيرة أكثر كلفة أيضاً

أزمة أصحاب المحلات والمصالح والمؤسسات الصغيرة في طرابلس وعكار ومناطق الشمال هي الأخرى، لا تقلّ أهمية أو تنفصل عن أزمات كل الناس. هؤلاء بين لحظة وضحاها وجدوا أنفسهم بلا كهرباء بفرعيها (دولة وإشتراك)، وبات عليهم تأمين التيار الكهربائي لتشغيل مصالحهم أو التوقف عن العمل والجلوس في بيوتهم. ولأن لكل من هؤلاء عائلة بحاجة إلى إعالة، فكان لا بد من العمل وتأمين الأوضاع بما تيسّر. هنا من كان يملك مولداً صغيراً في بيته عاد ونفض الغبار عنه لتشغيله، اما من ليس لديه فبدأ البحث عن شراء مولد جديد أو مستعمل.

ويتراوح سعر المولد الكهربائي 1000 شمعة حالياً في السوق بين 300 و 500 دولار أميركي، وكلما زادت كفاءة المولــد بالكيلوواط كلما زاد سعره. ويؤكد أصحاب محلات بيع المولدات أن “هناك هبّة أو فورة من المواطنين إن صحّ التعبير، وذلك إما للإستعمال المنزلي أو للأعمال والمصالح. وهناك من يشتري المولدات الصغيرة المعروفة بـ (الشنطة) بشكل كبير، ولو كانت أسعارها أقل لوجدت كل الناس تشتريها اليوم”.

وتنتشر المولدات الصغيرة على شرفات المنازل في مدينة طرابلس وأمام المحلات في الأسواق، ولا تُسمع إلا أصواتها وهي تهدر. في هذا الصدد لا تقتصر معاناة الناس مع تأمين المولد أو تأمين المبلغ لشرائه، إذ إن هناك معاناة أخرى لا تقل أهمية وتتمثل في تأمين المازوت أو البنزين له.

الأهالي الذين لجأوا إلى هذا النوع من المولدات في منازلهم يعانون هم أيضاً من تأمين المحروقات لها. يقول عمر حسين: “أحتاج كل ليلة إلى غالون أو اثنين.. حتى هذا الخيار صعب جداً. لا أدري ماذا أفعل، ولسنا قادرين في نفس الوقت، على المكوث في البيوت بلا كهرباء أو تكييف أو برادات”.

هذه أحوال المواطن اللبناني اليوم وتلك هي يومياته في زمن الإنهيار، زمن كل شيء فيه صار بالسوق السوداء. يحاول أن يخرج من مشكلة أو أزمة ليقع في أزمة أخرى أقسى منها، وعليه بين الأزمة والأخرى أن يستنزف وقته وحياته وماله في دولة تركت مواطنيها يواجهون مصيرهم الأسود بأيديهم.

مصدرنداء الوطن - مايز عبيد
المادة السابقةالدعم يسرّع “القضاء” على الأُسر… بعدما قتل الإقتصاد ببطء
المقالة القادمةإنضمام الدخان والمعسّل وجوازات السفر إلى طوابير الانتظار