توجّه رئيس الجمهورية جوزاف عون بطلب مباشر الى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لتوجيه إيعاز إلى شركة “توتال” بالعودة لمواصلة عمليات التنقيب عن النفط في البلوكات النفطية البحرية.
يُعتبَر هذا الطلب بمثابة الإعلان الرسمي عن الاستمرار بعمليات الاستكشاف والحفر بحثاً عن النفط والغاز، بعدما كان أُحبط اللبنانيون عقب إعلان “توتال” منتصف تشرين الأول 2023 إنتهاء الحفر في البئر في البلوك رقم 9 بعدما وصلت إلى عمق 3900 متر تحت قعر البحر ولم تجد سوى الماء.
لم يصدّق اللبنانيون يومها هذا الإعلان، وأثيرت شكوك كبيرة حول حقيقة عدم وجود نفط بعد الآمال الكبيرة التي عقدوها على البلوك رقم 9، على ضوء المسوحات والكشوفات التي كانت شبه جازمة بالوصول إلى نتائج إيجابية.
ومع طلب الرئيس جوزاف عون الأخير، على هامش زيارة الرئيس الفرنسي للبنان، يعود الملف إلى الواجهة ومعه الحلم بتحوّل لبنان فعلاً إلى بلد نفطي، واكتشاف هذا الكنز الأسود الذي سيكون كفيلاً بنقل لبنان من زمن إلى آخر، لا سيما في ظل المرحلة التغييرية الجديدة التي دخل فيها البلد.
وتعليقاً على مستقبل الملف بناء على المستجدات الأخيرة، كشفت المتخصصة بقوانين النفط والغاز لما حريز، في حديث لموقع mtv، عن 3 مسارات أساسية لا بد من التوقف عندها لفهم الخطوات المستقبلية المطلوبة.
يرتبط المسار الأول بالبلوك رقم ٩، والقرار الذي يجب أن تتخذه شركة “توتال” و”الكونسورتيوم” إذا كانت تريد القيام بحفر بئر جديد في البلوك المذكور قبل شهر أيار أم لا، لا سيما وانها إذا قررت الحفر مجدداً سيستغرق الأمر بين ٦ أشهر وسنة كي تبدأ. وتذكّر حريز “أننا الآن في المرحلة الثانية للإستكشاف، والتي تتطلب تحديد الخيارات لجهة حفر بئر ثان من عدمه. ففي حال قرّر الكونسورتيوم ترك البلوك، حينها يُعرَض ضمن دورة التراخيص على البلوكات الأخرى”.
أما المسار الثاني، فيتعلّق بدورة التراخيص التي لا تزال مستمرة وتنتهي في ١٧ آذار المقبل، وهي مفتوحة على البلوكات كلّها، بما فيها بلوكَي 8 و10، باستثناء البلوك رقم ٩. وتكشف حريز أنه “حتى الآن لم تتقدم عليها أي شركة، رغم استعداد أكثر من شركة في السابق للمشاركة. وتضيف “بعد تشكيل الحكومة الجديدة، نتوقع أن تتطوّر الأمور بشكل سريع”، مشددة على وجوب فتح الباب أمام “كونسورتيوم” مختلف عن “الكونسورتيوم السياسي” السابق، وهو عبارة عن ٣ شركات محكومة بالسياسة. في حين هناك الكثير من الشركات التي تملك الخبرة اللازمة وبإمكانها المشاركة.
ويبقى المسار الثالث على خط المسوحات في البلوك رقم ٨، الذي كان خاضعاً للعدو الإسرائيلي عندما أُجريت المسوحات الزلزالية، وبالتالي لم تُجر المسوحات اللازمة له. وتشير حريز إلى أنه لُزّمت أخيراً شركة بهذه المهمة، أمّنت ٥٠ في المئة من المبلغ المطلوب بانتظار تأمين المبلغ المتبقي من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ورأت أن هذه المسألة سياسية أكثر منها مالية، ويجب أن تعالَج اليوم، كي نتمكن من القيام بأعمال استكشافية في هذا البلوك، موضحة “أننا لن نحصل على نتائج قبل شهري أيلول وتشرين الأول المقبلين”.
بالتوازي، تكشف حريز أن “ما يمكن فعله خلال هذين الشهرين، هو قيام شركة توتال باستكمال الحفر في البلوك رقم ٩، والأهم تسليم تقريرها الرسمي لعملية الحفر التي قامت بها، بعدما تأخرت أكثر من سنة ولم تسلّمه. أمّا المهمة الثانية السريعة فهي تلزيم البلوكات الأخرى”.
تكبر الآمال المعقودة على العهد الجديد، ومنها التنقيب عن النفط والغاز، وحسن الاستثمار في عائداتها إذا نجح لبنان باستخراجها فعلاً، كي تكون نعمةً على البلد لا نقمة، ومدخلاً جديداً للهدر والسرقة والفساد.