قانصو: القطاع المالي يترقب بحذر قرار تصنيف لبنان

اكد حاكم مصرف لبنان بالإنابة الدكتور وسيم منصوري في آخر تصريحاته على أنه يعمل جاهداً لمنع إدراج مجموعة العمل المالي (فاتف) للبنان في الخريف المقبل على القائمة الرمادية للدول الخاضعة لرقابة خاصة”.

وشدد على حاجة لبنان إلى وضع خطة عمل تشاركية مع الجهات المحلية المعنية كافة بدعم من السلطة التشريعية لمعالجة الثغرات وتعزيز فعالية نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.”.

ولا شكّ في أن مصير تصنيف لبنان من قبل مجموعة العمل المالي “فاتف” خلال شهر أيلول لناحية مخاطر تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وتعزّز احتمالات تخفيض هذا التصنيف وإدراج البلاد على اللائحة الرماديّة، يشكل في حدّ ذاته استحقاقاً محورياً قد يضع البلاد والقطاع المالي على مفترق طريق خطر بعد حوالى خمس سنوات من الانهيار المصرفي والمالي وعدم المضي بأي خطة لإعادة هيكلة القطاع المالي بشكل عام.

في الواقع يرى الأمين العام المساعد لاتحاد أسواق المال العربية الدكتور فادي قانصو ان المخاوف تبدو جدّية هذه المرة من أن يتمّ إدراج لبنان على اللائحة الرمادية لجهة عدم الالتزام بمبادئ مكافحة تبييض الاموال، “وهو ما يعود بنا إلى بداية التسعينات حين صُنّف لبنان بالفعل في المنطقة الرمادية، ولكن تمّ إخراجه فيما بعد من المنطقة الرمادية بفضل ورشة تشريعية لإقرار كافة قوانين الالتزام مكافحة تبييض الاموال وتمويل الارهاب”.

ويشير قانصو في حديثه ” للديار” إلى أن وفق التقرير الاخير لمنظمة “فاتف” والذي دفع المنظمة الى طلب إعادة تقييم تصنيف لبنان، تعتبر المنظمة أن الملاحقات القضائية في لبنان لا تتمشى مع التهديدات والمخاطر وتحديداً كل ما يتعلق بالملاحقات الجمركية ومكافحة التهريب والتهرب الضريبي، والأهم على هذا الصعيد يقول قانصو ما يتعلق بغياب أي آليات واضحة في لبنان لناحية تحديد مصادر الجريمة المالية وعائداتها وكيفية تجميدها ومصادرتها وفقاً لتقرير منظمة “فاتف” الذي أشار أيضاً إلى أن السلطات القضائية في لبنان لم تنجح في إيجاد الآليات المناسبة لمصادرة عائدات هذه الجرائم. ويضاف الى ذلك غياب أي آليات واضحة لاسترداد الأصول التي حُجزت أو نُقلت إلى الخارج.

وبالتالي يتابع قانصو فإن هكذا خطوة قد تضع النشاط المالي والمصرفي بشكل عام تحت وصاية مالية دولية، تكون مخوّلة إخضاع جميع عمليات تحويل الأموال من لبنان إلى الخارج للتدقيق في مصدرها، وأهداف تحويلها، بما فيها عمليات التحويل التي تجريها الدولة والمصرف المركزي، بالإضافة إلى خطر وقف تعامل المصارف المراسلة مع المصارف اللبنانية، وقطع الطريق على دخول أي استثمارات وأموال جديدة إلى السوق اللبنانية، ما يعزّز من فرص تفشي تبييض الأموال وعزل لبنان وإخراجه بشكل تدريجي من السوق المالي العالمي.

ولكن يلفت قانصو إلى أن الإجراءات والخطوات التي يقوم بها مصرف لبنان والمصارف مؤخراً على صعيد الالتزام بالقوانين الدولية وضوابط معايير الشفافية النقدية تتماهى فعلياً مع مطالب “فاتف”. وبالتالي يستبعد قانصو أن يتمّ التعاطي مع مصرف لبنان والمصارف اللبنانية على أساس قرار إدراج لبنان على اللائحة الرمادية في حال أصرّت منظمة فاتف عليه، لا سيما في ظلّ اقتناع المنظمة بأن الخلل الجدّي يمكن لدى الحكومة والسلطات القضائية، ومع اقتناع المصارف المراسلة أيضاً بضرورة الاستمرار بفي العمل مع لبنان حتى في حال إدراجه ضمن اللائحة الرمادية، ما من شأنه أن يحيّد العمليات المصرفية والتحويلات من والى لبنان وإن قد تخضع الى إجراءات أكثر تشدّداً وتتطلب وقتاً أطول لإتمامها، “ناهيك بتحمّل كلفة إضافية لعمليات التدقيق والمراجعة لكل عملية مصرفية تقوم بها مع المصارف المراسلة”. و أشار قانصو هنا إلى أن حاكم مصرف بالإنابة وسيم منصوري يسعى جاهداً في لقاءاته مع المعنيين إلى نيل الموافقة على تأجيل قرار وضع لبنان على اللائحة الرمادية مرة أخرى، وإن لم تظهر أي مؤشرات جدّية حتى الساعة حول إمكان تأجيله.

ومن هنا يذكٍر قانصو بأن إصلاح القطاع المصرفي بجهود إعادة الهيكلة لتعزيز وضعيته المالية وحوكمته وقدرته على مواجهة الضغوط، يشكل مطلباً أساسياً، “إذ ان فقدان الثقة في القطاع المصرفي اللبناني، الركيزة الأساسية لأي اقتصاد وطني، يعني فقدان الثقة في النظام المالي اللبناني ككلّ، ناهيك بأن سلامة القطاع المصرفي لها تأثير ملحوظ في المخاطر السيادية وبالتالي في أي تصنيف سيادي محتمل للبنان”. غير أنه وبعد مرور 5 سنوات على اندلاع أسوأ أزمة اقتصادية في تاربخ لبنان الحديث ياسف قانصو لأنه لا يزال التأخير المفتعل في معالجة الخسائر المالية سيد الموقف، نتيجة التجاذبات السياسية الداخلية المستمرة. “على سبيل المثال، فإن المماطلة في إقرار مشروع قانون الكابيتال كونترول أفقدته اليوم فعلياً الدور الأساسي الذي كان يجب أن يؤديه مباشرةً بعد نهاية العام 2019، ألا وهو ضبط حركة الأموال من لبنان إلى الخارج للحفاظ على حقوق المودعين، بحيث كان يجب أن يقرّ المشروع إجراءات وتدابير استثنائية ومرحلية مباشرةً بعد 17 تشرين 2019، تهدف إلى وضع ضوابط مؤقّتة تشكّل في الوقت نفسه حمايةً لحقوق المودعين وتعزيزاً لقدرات المصارف على القيام بواجباتها، مع حرية التصرف بالتحويلات الجديدة الواردة من الخارج من دون أي قيود، ما يعيد الثقة تدريجياً في القطاع المالي اللبناني”.

مصدرالديار - أميمة شمس الدين
المادة السابقةمنصوري: البنوك المراسلة ستُبقي تعاملها مع لبنان
المقالة القادمةمنصوري يُطمئن: الأولوية ملف المودعين