أحال رئيس مجلس النواب نبيه بري قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية إلى لجنة الإدارة والعدل لمناقشته مجدّداً، بناءً على ملاحظات الحكومة التي ردّت القانون مع قانونيْن آخريْن إلى مجلس النواب لإعادة النظر فيها. حجم المعارضة من المستأجرين بشكل أساسي، وقسم من المالكين ممن لم يرضهم القانون، إلى جانب الضغط السياسي، وتحذير وزارة التربية من خطورته على مصير تلامذة في أكثر من 300 مدرسة رسمية تندرج ضمن الإيجارات القديمة، دفعت كلها إلى التحوّل من الإجماع على إقرار القانون في الجلسة التشريعية في 15 كانون الأول الماضي إلى الإجماع على «ضرورة تصحيح الخطأ».ويرتكز «الخطأ» في قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية، بحسب ملاحظات مجلس الوزراء، على «عدم استناد القانون إلى دراسة فعلية تتعلق بالعقود المشمولة بأحكامه، تأخذ في الاعتبار مؤشرات غلاء المعيشة والتضخم الحاصل، وخلوّه من معطيات تبيّن تداعياته على النشاط الاقتصادي والأوضاع الاجتماعية في البلاد»، إضافة إلى «عدم منح المستأجر مهلة معقولة لترتيب أوضاعه قبل الإخلاء أو ضمان حقّه في الحفاظ على المأجور في حالات معينة». عدا أنّ القانون «يشرّع الإثراء على حساب الغير لأنه لم يميز بين مالكين قدامى ومالكين جدد اكتسبوا ملكية بأسعار زهيدة لأنها مثقلة بعبء الإجار القديم».
يقول عضو لجنة الإدارة والعدل النائب حسين الحاج حسن إن «اللجنة ستدرس هذه الملاحظات وتناقش المقترحات لإيجاد مخرج ينصف المالك من دون إرهاق المستأجر ويحفظ المصلحة الاقتصادية الوطنية»، وهذه المهمة «ليست سهلة أبداً نظراً إلى مصالح المالك والمستأجر المتضاربة والتي، على أحقيتها، تصعّب مهمة إرضاء كلا الطرفين بالمطلق». وسيكون النقاش «حامياً» بين الطرفين على ثلاث نقاط أساسية هي: مهلة تحرير عقود الإيجارات المحدّدة بأربع سنوات، وبدل المثل الذي يوازي 8% من قيمة المأجور، وبدلات الخلوّ التي دفعها المستأجر الأساسي للمالك.
وفيما يبدي رئيس نقابة مالكي الأبنية المؤجّرة باتريك رزق الله انفتاحه لمناقشة مهلة تحرير العقود و«تمديدها سنة إضافية أو سنتين، وخفض قيمة بدل المثل إلى 6% مثلاً»، يرفض أي نقاش حول مسألة بدلات الخلوّ، إذ إنّ «المالك غير معنيّ بالتعويض عن شراء مؤسسة من غير صاحبها الأساسي». وعن بدلات الخلوّ التي حصل عليها مالكون، يجيب بأن «المستأجر استردّها بعدما ظلّ 40 سنة يستثمر في المؤسسة من دون دفع بدلات الإيجار الفعلية، وإلا فمن حقنا أن نطالب أيضاً بالتعويض عن 40 سنة من الخسائر عن تأجير مؤسسة مقابل دولار واحد في الشهر».
رغم «التنازلات» التي تقدّمها نقابة مالكي العقارات والأبنية المؤجّرة، إلا أنها ترفض النقاش في «قانون نافذ»، مطالبة «بنشره، ثم لكل حادث حديث». وعليه، تقدّمت بشكوى، الثلاثاء الماضي، إلى مجلس شورى الدولة ضدّ الدولة اللبنانية، وخصوصاً رئاسة مجلس الوزراء ممثّلة برئيس هيئة القضايا في وزارة العدل، على خلفية قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي عدم نشر قانون الإيجارات للأقسام غير السكنية وردّه إلى مجلس النواب. و«المطلوب ليس إبطال القرار، وإنما إعلان بطلانه واعتباره كأنه لم يكن لعدم الاختصاص المطلق، خاصة أننا نتحدّث عن حكومة تصريف أعمال محدودة الصلاحيات»، كما يشدد وكيل النقابة المحامي رولان إسبر.