قراءة في الموازنة: صفحات مفقودة

 

في خضم البلبلة التي أثارها مشروع قانون موازنة 2019 والتخوّف من الاجراءات التي ستعتمدها الحكومة في المرحلة المقبلة والتي لا تزال مبهمة حتى اليوم، هناك أكثر من علامة استفهام حول مخاطر ما هو وارد في هذه الموازنة.

تساءل رئيس الجمعية اللبنانية لحقوق المكلفين كريم ضاهر إذا ما كان سيتم من حيث الشكل الالتزام بإقرار مشروع قانون موازنة 2019 مع قطع الحساب أو بمعزل عن قطع الحساب. وهل سيتم الالتزام بالمهل التي تمنّى رئيس الجمهورية أن تنتهي قبل نهاية الشهر الجاري، أي مع انتهاء العمل بما سبق لمجلس النواب أن أقرّه بالصرف على القاعدة الإثني عشرية؟ أم أنّ المخالفات المسجّلة في السنوات الماضية سوف تتكرّر؟

وأوضح لـ«الجمهورية» أنه يُفترض بالحكومة إنجاز قطع الحساب أقله عن العام 2018، لافتاً الى أنّ في قانون موازنة 2017 حُدّدت مهلة لإنجاز الحسابات المهمة وقد احترمت الوزارة المهلة وأنجزت قطع الحساب قبل تشرين الأول وارسلتها أخيراً الى ديوان المحاسبة، لكن السؤال هل سيتمكن ديوان المحاسبة من إعطاء رأيه بالحسابات في مهلة قصيرة؟

ونحن اليوم امام 3 احتمالات: إما أن تُقرّ الموازنة مع تحفّظ على رأي ديوان المحاسبة وبالتالي تمرير قطع الحساب كما هو، عدم إقرار الموازنة في انتظار انتهاء ديوان المحاسبة من درس قطع الحساب والتدقيق فيه، وفي هذه الحالة ستتخطى الحكومة المهلة المحدّدة بـ 31 أيار 2019 لإقرار الموازنة وبالتالي ستطلب مجدداً السماح لها بالإنفاق على القاعدة الإثني عشرية، إما تضمين قانون الموازنة الجديد بنداً يسمح فيه ولمرة واحدة استثنائية بتمرير الموازنة من دون قطع الحساب شرط أن يتمّ إنجازُه من قبل ديوان المحاسبة في مهلة معيّنة.

أما من حيث المضمون، فقد لاحظ ضاهر أنّ في مشروع قانون الموازنة الموزع والمتضمّن 136 صفحة هناك صفحات مفقودة، أي أنّ هناك اختفاءً للصفحات من 39 الى 49، كذلك هنالك تغييب للمواد من 43 الى 59، مشيراً الى أنّ هذه المواد المغيَّبة تتضمّن الفصل الرابع أي بنود متفرقة وهي ما تُعرف بفرسان الموازنة وتشكّل البنود الشائكة والخلافية لأنها تتعلق بالتعويضات، وهذا ما يبرّر قول وزير المال بأنّ كل الأقاويل الواردة في الصحف عن رواتب الموظفين غير موجودة، لكن بالنظر في قانون مشروع الموازنة بدءاً من الصفحة 31 الى 85 تظهر ضمن جداول المقارنة بين موازنة 2018 وموازنة 2019 الأرقام المغيّبة والتي تؤكد حقيقة التدابير التي ستُتّخذ وتخفض من المخصصات والرواتب، فهناك بند يؤكد حسم 50 في المئة من مخصصات رواتب النواب والوزراء والرؤساء، وتحديد سقف لا يتجاوز الحدّ الأدنى للأجور للمبالغ التي يتقاضاها القضاة، تجميد طلبات الإحالة على التقاعد لمدة 3 سنوات، وفي حال اصرّ احد الموظفين أن يُحال الى التقاعد يحسم من تعويضه 25 في المئة، وضع حدّ أقصى لمجموع التعويضات وملحقات الراتب بما لا يتجاوز الراتب الاساسي، لا يجوز أن يتجاوز أيّ راتب اساسي بدلات رئيس الجمهورية أي 10.5 ملايين ليرة…

وتعليقاً على هذا التدبير يتساءل ضاهر: هل قامت الحكومة بدراسة واقع أثر اقتصادي على الأجير، فالمدراء العامون أو مَن يتجاوز راتبهم راتب رئيس الجمهورية هل سيقبلون بخفض رواتبهم الى أقل من 6 آلاف دولار، وهم في غالبيتهم تركوا مراكزهم في شركات خاصة كبرى في الخارج قد لا يقبلون بهذا الخفض، ولا يقبلون الاستمرار بهذا المركز وبالتالي قد يتركون وظيفتهم في المرحلة المقبلة.

كما لحظ احد الجداول بند اقتطاع على رواتب ومعاشات تقاعد العسكريين إذ إنّ الايرادات المقدّرة هي 40 مليار ليرة في حين هذا البند لم يرِد في السنوات الماضية.

مشروع قانون الموازنة

أما أبرز ما ورد في مشروع قانون موازنة 2019، فيمكن إيراد ما يلي:

  • في موضوع الكهرباء (المادة الثالثة عشرة): إعطاء مؤسسة كهرباء لبنان سلفة خزينة طويلة الأجل بقيمة 1706 مليارات ل. ل (الف وسبعمئة وستة مليارات ليرة لبنانية) لتسديد عجز شراء المحروقات وتسديد فوائد وأقساط القروض لصالح مؤسسة كهرباء لبنان، على أن تؤدَّى السلفة بأمر من محتسب المالية المركزي بعد موافقة وزير المالية وتسدَّد نقداً، على أن يُعتبر مجرد استعمال الجهة المستلفة لهذه السلفة إقراراً منها بالقدرة على التسديد وفق الأسس المنصوص عليها في هذه المادة.

في التعديلات الضريبية:

  • نصت المادة الخامسة عشرة من مشروع القانون على إلغاء المادتين 401 و402 والاستعاضة بالنص التالي: «بصورة استثنائية وخلافاً لأيّ نص آخر عام أو خاص، تُعتبر حصيلة الغرامات الناتجة عن مخالفات السير المستوفاة بموجب طوابع مالية او من الأحكام القضائية، حقاً عائداً بكامله وبتمامه لصالح الخزينة العامة”.
  • نصت المادة السابعة عشرة على فرض غرامة جديدة على الشركات السياحية التي تستقدم وفودَ أجانب عن كل شخص في عهدتها يتخلّف عن المغادرة غرامة مالية بقيمة 3,000,000 ل. ل (فقط ثلاثة ملايين ليرة لبنانية).
  • تضمّنت المادة التاسعة عشرة تعديلاً في مدة صلاحية جواز السفر والرسوم المتوجبة بحيث اصبحت:

– يُعطى جواز السفر لمدة ثلاث سنوات او خمس سنوات او عشر سنوات وفقاً لطلب المستدعي، ويُبدّل لقاء رسم جديد. تحدّد رسوم إصدار جواز السفر كما يلي: 200 الف ليرة لمدة ثلاث سنوت، 300 الف ليرة لمدة خمس سنوات، و500 الف لمدة عشر سنوات.

  • ألغت المادة الخامسة والعشرون بعض الاعفاءات الممنوحة لبعض الاشخاص والجهات على رسوم تسجيل وسير جميع المركبات والآليات، باستثناء الإعفاءات المعطاة للجهات التالية: ذوو الاحتياجات الخاصة، الدولة والمؤسسات العامة والبلديات واتحادات البلديات وسائر اشخاص القانون العام، الهيئات الدبلوماسية والقنصلية، منظمة الأمم المتحدة والوكالات المنبثقة عنها.
  • فرضت المادة السادسة والعشرون رسماً إضافيّاً على رسوم السير السنوية المتوجبة على السيارات السياحية الخصوصية من جميع الفئات التي تحمل لوحات من ثلاثة او اربعة او خمسة ارقام. وفقاً لما يلي:
  • 500.000 ليرة عن كل سيارة تحمل لوحة من ثلاثة ارقام، 250,000 ليرة عن كل سيارة تحمل لوحة من اربعة أرقام، وكل رقم مميّز بقرار يصدر عن وزير الداخلية والبلديات، و100,000 ليرة عن كل سيارة تحمل لوحة من خمسة ارقام.
  • تنص المادة الثلاثون على تعديل الفقرة أولاً من المادة 51 من القانون بحيث تصبح كما يلي:

أولاً: خلافاً لأيِّ نصٍّ آخر، تخضع لأحكام قانون ضريبة الدخل (المرسوم الاشتراعي رقم 144/59 وتعديلاته) ولضريبة الباب الثالث منه بمعدل عشرة بالمئة (10%):

1- فوائد وعائدات وإيرادات الحسابات الدائنة كافة المفتوحة لدى المصارف بما فيها حسابات التوفير (الادخار)، باستثناء الحسابات المفتوحة باسم الحكومة والبلديات واتحادات البلديات والمؤسسات العامة لدى مصرف لبنان، وحسابات البعثات الدبلوماسية والقنصلية الاجنبية في لبنان:

2- فوائد وعائدات الودائع وسائر الالتزامات المصرفية بأيّ عملة كانت بما فيها تلك العائدة لغير المقيمين، باستثناء الودائع بين المصارف الخاصة (interbank deposits).

3- فوائد وإيرادات وعائدات حسابات الائتمان وإدارة الأموال.

4- عائدات وفوائد شهادات الإيداع التي تصدرها جميع المصارف وسندات الدين التي تصدرها الشركات المغفلة.

5- فوائد وإيرادات سندات الخزينة بالعملة اللبنانية.

بواسطةايفا ابي حيدر
مصدرجريدة الجمهورية
المادة السابقةهذا ما فعله باسيل في مجلس الوزراء
المقالة القادمةموازنة تجميع أرقام بلا رؤية إصلاحية مالياً واقتصادياً