سيكون يوم غد اختباراً لموقف أساتذة الجامعة اللبنانية من الإضراب المفتوح. من هؤلاء منسيصر على أن الإضراب مستمر وقانوني طالما أن الهيئة العامة لم تجتمع للبت به، ومنهم من سيمتثل لقرار الهيئة التنفيذية بفك الإضراب. فهل يفرض رئيس الرابطة يوسف ضاهر خيار العودة إلى الهيئة العامة لحسم الجدل، وهو العنوان الذي رفعه لتبرير العودة عن استقالته؟
عودة رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة المتفرغين في الجامعة اللبنانية يوسف ضاهر والأعضاء بشير عصمت وجورج قزي ونبيل بو نصر الدين عن استقالاتهم، أمس، كان لها وقع إيجابي على الأساتذة والطلاب والمتضامنين المحتشدين أمام مقر الرابطة أمس. إقرار ضاهر بأنّ الهيئة العامة هي المرجع الوحيد للبت بمصير الإضراب المفتوح وبأنه سيسعى إلى فرض انعقادها، وبأنّه شخصياً مع استمرار الإضراب، أعطى انطباعاً بأنّ قرار أحزاب السلطة بفك الإضراب قد اهتز بالحد الأدنى. وقد أيّد خيار العودة إلى الهيئة العامة ستة أعضاء من الهيئة التنفيذية حضروا أمس وهم ضاهر وعصمت وقزي وبو نصر الدين وعلاء غيث وماهر الرافعي. تعهد السلطة بحماية صندوق تعاضد القضاة مقابل المس بصندوق أساتذة الجامعة اللبنانية بدا العنوان الأبرز في الجولة الجديدة من الإضراب، إذ أعلن ضاهر، على وقع هتاف «دكاترة طلاب مكملين بالاضراب» أن الصندوق خط احمر والموازنة يجب مضاعفتها، وحقوق الطلاب قبل حقوق الأساتذة، داعياً الطلاب إلى بناء صلات مع كل زملائهم لإعادة إحياء الاتحاد الوطني لطلاب الجامعة اللبنانية.
إلاّ أن طريق دعوة الهيئة العامة للانعقاد ليس معبّداً تماماً. فالهيئة التنفيذية هي الجهة الداعية وليس رئيسها، والأمر يحتاج إلى تصويت أكثرية الأعضاء، ما يمكن أن يعيد الوضع إلى المربع الأول الذي كان عليه السبت الماضي عندما اتخذت الهيئة قرار فك الإضراب. لذا بدأ التداول في خيارات أخرى مثل جمع تواقيع ثلث أعضاء الهيئة العامة والتداعي لعقد الجلسة من أجل تجاوز الوقوع تحت ضغوط أحزاب السلطة وقدرتها على تعطيل نصاب جلسة الهيئة التنفيذية. وإذا تحقق النصاب، هناك كلام عن أنه يمكن توفير 8 أصوات (من أصل 15) تؤيد خيار العودة إلى الهيئة العامة. ويتوقع أن تجري الدعوة لعقد جلسة اليوم عشية العودة إلى الصفوف غداً. وفي حين طرحت بعض القوى الحزبية في الساعات الأخيرة عدم قانونية جلسة الهيئة العامة التي عقدت في 6 أيار الماضي وقررت الإضراب المفتوح، جاء رد الأساتذة بأن رئيس مجلس المندوبين علي رحال الذي ترأس الجلسة أعلن في أكثر من مناسبة أنّ تحديد قانونية الجلسة من صلاحياته وهو يعتبرها قانونية.
وبحسب مصادر مطلعة على حيثيات الاستقالة، فإنّ ما حصل على الأرض، أمس، لم يكن معداً، بل إنّ المشاورات لانضاج صيغة تسوية تقود إلى عودة الرئيس والأعضاء عن الاستقالة سارت في اتجاه مختلف، منها مثلاً أن تجتمع الهيئة التنفيذية في منزل رئيسها. إلاّ أنّ عناصر قوة ميدانية فرضت على ضاهر إعلان الموقف أمام الأساتذة والطلاب بصورة عفوية «ولعيونهم». هذه «الشرعية» التي استمدها المستقيلون من القواعد ستعوّم بلا شك، كما تقول المصادر، حضورهم داخل الهيئة التنفيذية. ومن هذه العناصر، اصرار 75% من الجمعيات العمومية في الكليات على الاستمرار في الإضراب وإقفال مركز الرابطة أمام 70 مندوباً منتخباً حضروا أمس لعقد جلسة استثنائية اعتبروها قانونية، بحسب المادة 17 من النظام الداخلي التي تجيز لثلث أعضاء مجلس المندوبين الدعوة للاجتماع، ووصفها رحال بأنها موجهة ضده، لكونه دعا هو الآخر إلى جلسة استثنائية السبت المقبل. ومما جاء في الرسالة التي وزعها على المندوبين «إنّ ما يحصل من بعض المندوبين هو مخالفة نظامية ومس بوحدة الرابطة وسأدرس إمكانية اتخاذ قرار بمنع هؤلاء من مشاركة أهل الرابطة اجتماعاتها وشجونها، على أن يطبق هذا الأمر انطلاقاً من نهار السبت».
هذه الرسالة – التهديد كما سماها بعض المندوبين استفزت الكثيرين. وسألت الأستاذة في كلية العلوم – الفرع الأول وفاء نون: «أي حقوق وأي قوانين ندرسها لطلابنا أمام هذا المشهد؟».
وخلال الاعتصام الحاشد أمام مقر الرابطة ذهب البعض بعيداً في التفاؤل إلى حد وصف ما حصل بـ«إنجاز تاريخي» و«يوم مفصلي» في تاريخ الجامعة. أما المندوبون الـ70 الذين فرضوا في دعوتهم للجلسة الاستثنائية كل هذا الاحتضان، فقد عقدوا لقاءً تداولوا فيه مسألة الجمعيات العمومية المنعقدة في الكليات والفروع واتفقوا على توحيد التوصيات ورفعها إلى رئيس مجلس المندوبين، وطلب إدراجها على جدول أعمال جلسة مجلس المندوبين المقررة السبت لارتباطها المباشر بالبند المقرر في دعوة الجلسة الموجهة أصولاً (نقض قرار الهيئة التنفيذية). وبناءً عليه اتفق المندوبون على دعوة أساتذة الجامعة اللبنانية إلى استمرار الإضراب المفتوح التزاماً بقرار الهيئة العامة الصادر بتاريخ 6/5/2019، الإصرار على نقض قرار الهيئة التنفيذية بتعليق الإضراب لمخالفته النظام الداخلي وتحديداً المادة 6، اعتبار كل المطالب المدرجة في الجمعيات العمومية السابقة والتي صدر بشأنها بيان مجلس المندوبين مطالب محقة وأساسية يجب الإسراع في انجازها، لا سيما رفض التخفيضات التي ستطال صندوق تعاضد الأساتذة، والطلب من القيمين مواكبة جلسات لجنة المال والموازنة خلال مناقشة بند صندوق التعاضد.