أثارت التطوّرات الأمنية التي تسارعت في اليومين الماضيين، عقب انطلاق «طوفان الأقصى»، وإعلان إسرائيل بدء الحرب وما لذلك من تداعيات على الساحة الداخلية، تساؤلات حول تأثير هذه الأحداث على عمليات الحفر التي تحصل في المياه الإقليمية اللبنانية، وتهديد استمرارها وإعلان النتائج المرتقبة خلال شهر والتي قد تجعل من لبنان بلداً نفطياً، والانتقال الى مرحلة استخراج النفط. حول ذلك، جزم وزير الطاقة والمياه وليد فياض لـ»نداء الوطن» أن «لا تأثير لتلك الحرب على عملية الحفر التي تجري حالياً».
ويعود سبب عدم تأثير الحرب على عمليات الحفر في البحر، كما أكّد خبير اقتصادات النفط والغاز فادي جواد لـ»نداء الوطن» الى «وجود قرار دولي إقليمي بتحييد منصات النفط في كلا الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وهذا كان أحد شروط اتفاقية ترسيم الحدود الخفية لموافقة الـ»كونسورتيوم» على العودة الى التنقيب في البلوكات اللبنانية». لذلك يضيف: «نرى توتال بفريق عملها المؤلف من 140 مهندساً وفنياً يواصلون العمل ليلاً نهاراً والتنقّل كل أسبوعين بحراً وجوّاً باتجاه لبنان أو باتجاه قبرص».
وانطلاقاً من تلك المعطيات، تُعتبر قبرص كما لفت جواد «الخطة باء التي وضعت لتكون القاعدة اللوجستية البرية لـ»توتال إنرجيز» وحلفائها لإكمال الحفر والتنقيب بشكل آمن إذا تطوّرت الأوضاع وخرجت عن السيطرة».
وبالتالي هناك ضمانة دولية وإقليمية للاستمرار في الحفر في ظلّ جميع الظروف وخصوصاً أن الـ»كونسورتيوم» قد تكلّف حتى اليوم نحو 200 مليون دولار في كل من البلوكين 4 و9». الى ذلك، أعلنت شركة الطاقة الأميركية «شيفرون» Chevron، استمرارها في عمليات الحفر في حقل تمار الذي تديره، وهو مقابل حقلي «قانا» و»كاريش» في المنطقة نفسها ويبعد عشرات الكيلومترات عنهما. وهذا الأمر يؤكّد التوقّعات بعدم تأثير الحرب المندلعة بين إسرائيل وكتائب القسّام على نفط لبنان.
أين أصبحت عمليات الحفر ومتى من المرتقب أن يخرج الدخان الأبيض؟
أعلن فياض نهاية الأسبوع المنصرم أن «الحفر هو اليوم على عمق 1700 متر تحت سطح المياه وعلى عمق 1800 متر تحت قعر البحر، ما يعادل 3500 متر تحت سطح المياه. والأسبوع المقبل سيشهد لبنان المرحلة الأخيرة في عملية الاستكشاف الحالية حيث سندخل في تماس مع طبقات «المكمن المحتمل».
في هذه المرحلة سنتوقّع وجود صخور هيدروكاربونية يمكننا عندها وعبر أجهزة القياس وبواسطة المعدّات المتطوّرة ولوج العمق المحتمل أي 4300 متر لقياس خصائص الصخور وطبيعة المواد الموجودة في العمق الجديد. وفي حال وجود مواد هيدروكاربونية ذات اعتبار ننتقل إلى مرحلة الاستخراج التجريبي بناءً على النتائج الأولية المتوقع صدورها نهاية تشرين الأول 2023 حول الاكتشاف أم عدمه».
الفترة التي ستستغرقها فترة الحفر
هذا التاريخ لا يوافق عليه جواد إذ يعتبر أن الفترة التي ستستغرقها عمليات الحفر، «قد تطول بعض الشيء». والسبب يعود الى نقل البئر المنوي حفرها من الموقع المحدّد سابقاً نحو 31 متراً، الى موقع داخل المياه اللبنانية باتجاه لبنان شمالاً. وبالتالي فإن تغيير الإحداثيات والحفّارة من مكان الى آخر يتطلّب بعض الوقت لإعادة تمركزها وتثبيتها وإعادة تموضع الأمور اللوجستية الخاصة فيها. وبدء الحفر في مكان جديد يستغرق الوقت، وسيستغرق أكثر من 30 يوماً، وبرأيه ستتوفّر المعلومات حول نتائج الحفر في نهاية تشرين الثاني وبداية كانون الأول».
ماذا عن الرقعة المتقاسمة بين لبنان وإسرائيل؟
وفي ما يتعلق بالرقعة التي يتمّ تقاسمها بين لبنان وإسرائيل، قال جواد إن «اتفاقية ترسيم الحدود ستبقى ولن يتغيّر شيء فيها مهما حصل من أعمال حربية. فهناك حصّة من حقل قانا لإسرائيل لكنها ليست من بنود الإتفاقية الموجودة بين لبنان والـ»كونسورتيوم» بقيادة شركة «توتال إنرجيز» وحلفائها بل ستأخذها اسرائيل من حصّة الـ»كونسورتيوم» بناءً على اتفاقية جانبية بينها وبينه.
وبلغة الأرقام للبنان حصة بنسبة 62% وللكونسورتيوم (ويضمّ «توتال إنيرجيز» الفرنسية و»إيني» الإيطالية و»قطر» للطاقة) حصّة الـ 38% المتبقية والتي يعطي إسرائيل منها.
وبذلك يقول جواد إن إسرائيل غير «موجودة» فعلياً في الاتفاقية ما بين لبنان والـ»كونسورتيوم»، ولكنها مذكورة باتفاق جانبي مع «توتال إنرجيز» وُقّع في فرنسا بعد اتفاقية ترسيم الحدود، حيث اتفقت «توتال إنرجيز» على إعطاء إسرائيل حصّة لتسريع عملية الترسيم وإرضائها والمسارعة في إنهاء اتفاقية ترسيم الحدود».