تؤكد مصادر تولت المفاوضات ان البنك الدولي سبق ووافق على الملاحظات التي ابداها النواب على اتفاقية القرض التي اقرت في عهد حكومة حسان دياب، لكنه تراجع عن التزاماته مع تشكيل الحكومة الجديدة وعاد إلى الصيغة الأساسية للاتفاقية، مصرّاً على صرف القرض بالشكل الذي يراه مناسباً. مجرد انه لم يرفضها يعني الموافقة.
لكن البنك الدولي ينفي موافقته على التعديلات مبرراً ذلك بالقول ان الحكومة اللبنانية السابقة لم ترد على مراسلته المؤرخة في 21/5/2021، علماً بأن وزارة المالية قد ردت على كتاب البنك الدولي بتاريخ 8/6/2021، مع جداول تفصيلية بكل ما طلب من إيضاحات ومعلومات وقد رد بمراسلة مؤرخة في 15/6/2021 تفيد بأنه استلم رد الدولة اللبنانية وأخذ علماً بذلك، وبأنه سيتم تزويدها بأي تعديلات إن وجدت مشترطين أن يكون دفع قيمة البطاقة التمويلية بالدولار الأميركي حصراً. وهو ما فهم من الجانب اللبناني على كونه موافقة بدليل متابعة اجتماعاته مع المسؤولين لإستكمال بحث الآلية التنفيذية. انتظر أكثر من ثلاثة أشهر ولم يرسل أي إشارة لعدم التزامه بنص القانون رقم 219 الصادر في 15/4/2021 الى حين تشكيل الحكومة الجديدة.
بتأكيد المصادر ان المدير الإقليمي لدائرة المشرق في مجموعة البنك الدولي ساروج كومار سبق ووافق على تعديلات الحكومة ومجلس النواب بعد 8 اجتماعات عقدت مع الجانب اللبناني، الذي اشترط تلقيه طلباً رسمياً من وزير المالية واعداً باعلان إقرار القانون مباشرة بعد استيفاء الشروط لكنه لم يف بوعده.
حققت الحكومة السابقة وفراً في خطة المشتريات وآليات التشغيل من أجل زيادة عدد العائلات التي تستفيد من المساعدات قدره 21 مليون دولار أميركي، انخفض المبلغ إلى وفر يتراوح بين 6 إلى 7 ملايين دولار، على ان يقوم البنك الدولي بمساعدة الحكومة اللبنانية بالحصول على هبات إضافية عند توفرها.
نقطة ثانية وهي العودة الى خيار دفع رواتب الموظفين بالدولار الاميركي بدل الليرة اللبنانية وفق النص القديم، فتصبح الحاجة الى ما يزيد على مليون دولار ستدفع من حساب العائلات الفقيرة، وبدل ان تنتهي مهلة عقود التوظيف مع انتهاء تنفيذه بعد عامين، صارت تنتهي بعد ثلاث سنوات كما ورد قبل التعديل. وبعد أن تم تصغير المبلغ عادت الصيغة الاولى من الاتفاقية والتي تنص على رصد مبلغ مليون دولار بدل شراء معدات للمراكز.
ولجهة قواعد البيانات وبعد ان كانت الصيغة القديمة تنص على فتح التسجيل على قاعدة بيانات حديثة لمدة شهر واحد وضمن معايير شفافة ومحددة من وزارة الشؤون الاجتماعية، استبعدت الشؤون واستعيض عنها بمنصة التسجيل impact لتحديد الاسر التي تستفيد من البرنامج. والغريب أن البنك الدولي ابلغ وزير الشؤون في الحكومة السابقة وقبل اسبوع من الاعلان عن الاتفاقية عن منح مبلغ 600 ألف دولار من القرض الى impact ليفرضه كأمر واقع خلافاً للاصول.
وبعيداً من التعديلات التي تحتاج موافقة رسمية من البنك الدولي ومن مجلس الوزراء فإن الآلية التنفيذية للمشروع تستلزم وقتاً قد يزيد على ثلاثة اشهر بالنظر الى المراحل التي سيقطعها والتي ستأتي على الشكل التالي: مجلس النواب، وزير المالية، البنك الدولي، منصة impact والتفتيش، ومن ثم التسجيل على قاعدة بيانات حديثة خلال مدة شهر، وبعدها سيتم اختيار الاسر المستوفية للشروط والتي تُحول اسماؤها الى برنامج الاغذية الذي يجري المسح على الارض ويبعث النتائج الى الشؤون، ومنها الى السراي وهناك سيتم تمرير كل الاسماء على برنامج خاص يظهر العائلات التي تستفيد، فتبلغ بشأنها وزارة الشؤون ليتم تعميم الاسماء على مراكزها قبل توزيعها، من دون ان ننسى شرط نشرها مسبقاً في الجريدة الرسمية. والى ان تقر كل تلك المراحل من دون عقبات، وهذا مستبعد، تكون البلاد قد دخلت فعلياً في حمأة الانتخابات النيابية ما يهدد بتحويل البطاقة الى بطاقة انتخابية فيفتح شهية الاحزاب عليها منذ اليوم.
وفيما تأمل مصادر معنية بالملف ان يضغط النواب لعدم إقرار القرض طبقاً لشروط البنك الدولي، يستعجل الفرنسيون اقراره وليس رئيسا الجمهورية والحكومة اقل حماسة. وزير في الحكومة عبّر عن ارتياحه لوعد قطعه البنك الدولي بأنه سيقرض لبنان كل ما يطلبه لتغطية حاجاته. مسؤول سياسي آخر قال لا يهم كم نخسر من القرض كمصاريف تشغيلية او شروط البنك الدولي، المهم ان يدخل القرض حيّز التنفيذ.