لبنان الذي لطالما سمح نظامه لأبنائه بأن “يتدّينو ليتّزينو”، أصبح بحاجة إلى قرض دولي من أجل تأمين لقمة الخبز لمواطنيه. ففراغ رفوف المحلات من الخبز العربي، واستعطاء المواطنين أمام أبواب الأفران للحصول على ربطة واحدة لا تكفي لوجبة عائلية سيطول على ما يبدو، لأنّ الدعم بمئات الملايين من الدولارات “نفخ” خزائن المحتكرين ومن يدعمهم من السياسيين، وترك بطون مئات آلاف العائلات اللبنانية “ملتصقة بظهورهم”، بحسب مصدر متابع، موضحاً أنّ “تخصيص الحكومة في جلسة 20 أيار الأخيرة مبلغ 12.5 مليون دولار لشراء 35 ألف طن من القمح لصناعة الخبز العربي، كان يجب أن يكفي لمدة شهر على أقل تقدير، أي لغاية 22 حزيران، ولكن هذا ما لم يحصل بعدما تعاضد المتضررون لافتعال أزمة رغيف، والضغط من خلال إذلال المواطنين لزيادة كميات الدعم بغية الاستمرار في تحقيق أرباحهم الخيالية”.
عندما صُرف على دعم القمح مبلغ 80 مليون دولار في الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي لم تكن هناك مشكلة، مع العلم أن المبلغ كان يفوق ضعف الحاجة إلى صناعة الرغيف العربي المدعوم والمقدرة بـ 12.5 مليون دولار شهرياً، إلا أنه في المقابل يسمح هذا المبلغ بصناعة “الكرواسون” و”الباتيسيري” و”الخبز الافرنجي”… وغيرها من المنتجات بالدولار المدعوم، وبيعها على أساس سعر الصرف في السوق السوداء وتحقيق الأرباح الكبيرة. مشكلة أخرى يضيفها المصدر وهي “تتمثل في توزيع بونات الطحين المدعوم في الفترة الماضية من قبل مديرية الحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد بشكل استنسابي، حيث استفادت منه افران على حساب أخرى”، بينما تدعي الافران تقليص الكميات المسلمة لها من الطحين منذ نهاية أيار الماضي، حتى قاربت في منتصف الشهر الحالي “الصفر” في الكثير من المناطق. الامر الذي دفع بعضها للأقفال فيما اضطر القسم الآخر إلى تخفيض الانتاج والبيع مباشرة من الفرن وبمعدل ربطة خبز واحدة لكل مستهلك.
الاقتراح باستعمال جزء من حقوق السحب الخاصة SDR لشراء القمح بكميات تكفي السوق من الطحين، ريثما يتأمن قرض البنك الدولي ليس في مكانه، إذ إنّ قرار التصرف بهذه الحقوق لا تستطيع حكومة تصريف الاعمال اتخاذه، بحسب المصدر، كما أن صرف ما يكفي لشراء 35 ألف طن قمح شهرياً لن يحل المشكلة كونه لا يلائم المطاحن والافران على حد سواء، وعليه سيستمر التقنين ووقوف المواطن بالصف أمام الافران. أما في ما يتعلق بقرض الـ 150 مليون دولار الموعود من البنك الدولي فهو “قمة اللامسؤولية” لأنه وأمام ما بلغته مستويات الهدر والفساد وانعدام الرقابة في القطاع “لن يكفي القرض لأكثر من 6 أشهر ومن بعدها نعود إلى الأزمة نفسها”.