قرم: نحن حالياً في «شبه إفلاس»

بين شارعٍ منتفضٍ يحلم شبابه بوطنٍ جديد، وفراغٍ حكوميّ مستمرّ منذ أكثر من عشرة أيام، حلّ شبح الانهيار الاقتصادي ضيفاً ثقيلاً ليزيد منسوب القلق بين الناس. هل يملك لبنان مزيداً من الوقت لإنقاذ الوضع المالي؟ هل أصبح الإفلاس محتَّماً؟ وماذا بعده؟ هل من حلول؟ ما دور الحكومة الجديدة، إذا تألفت؟ وماذا عن سعر صرف الليرة؟

الخبير الاقتصادي والمالي وزير المال السابق جورج قرم، حذّر في حديث الى «الجمهورية» من أنّ الأزمة ستدفع الى «تدخّل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليفرضا وصفاتهما التي نعرفها على لبنان»…

• يُحكى عن انهيار اقتصادي قريب، كيف وصل لبنان إلى هذه الحال؟ وهل يمتلك الوقت الكافي للخروج من الأزمة؟ وما هي الحلول؟

ـ دخلنا في مرحلة صعبة للغاية من الناحية المالية والمصرفية، وهي نتيجة تراكم سياسات خاطئة في الماضي وبشكلٍ خاصّ سياسة التقشف التي اعتمدتها الحكومة في الأشهر الأخيرة، بينما كان الوضع الاقتصادي يتطلّب عكس ذلك، أي إعادة تنشيط الوضع الاقتصادي من أجل زيادة إيرادات الدولة. هذه السياسة الانكماشية جعلت إيرادات الدولة تتدنّى بدل أن ترتفع، فأدّى سوء الإدارة المالية في السنوات الأخيرة الى هذا الوضع. هناك دائماً حلول، ويستطيع المرء إيجادها، والقيام بإصلاحات إذا عرف أوّلاً الأخطاء التي ارتكبها. المطلوب اليوم أن تدخل البلاد في ثورة صناعية إنتاجية، من خلال تعزيز القدرات التصديرية الكبيرة المتوافرة في لبنان، وعلى الحكومة أن تشجّع تعزيز الصادارت.

• في حال الإفلاس، ماذا بعده؟
نحن حالياً في «شبه إفلاس»، وعلى الأرجح أنّ هذه الحالة ناتجة من سوء تصرف الحكومة والبنك المركزي والمصارف التجارية. والسؤال اليوم، هل انّ السياسات المالية التي اتبعاها حتى الآن سليمة؟ جوابي كلا. أعتقد أنّها لم تكن سليمة، وبدلاً من تشجيع النهضة الاقتصادية، قضت على الوضع الاقتصادي، وبالتالي المالي.

•ما هو تعليقك على تعميم المصرف المركزي المتعلّق بزيادة رسملة المصارف وعدم توزيع أرباحها؟
– هذا التعميم إيجابي وجيّد.

• كيف تنظر إلى الدعوات للجوء لبنان إلى طلب خطة إنقاذ من صندوق النقد؟
ـ إذا لم يتحسّن الوضع الاقتصادي اللبناني، سيأتي صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ليفرضا وصفاتهما التي نعرفها على لبنان، والتي فشلت في كلّ الدول التي قرّرت الخضوع لها، فهي تضيف على الانكماش انكماشاً آخر.

أنا لست من أنصار هذه الوصفات، ومعها تنعدم حرية الحكومة في اتّخاذ أيّ قرار من دون موافقة صندوق النقد، بسبب وصايته على الاقتصاد، خصوصاً أنّه لا يشجّع إلّا الإجراءات التقشفية، وهي «تزيد الطّين بلّة».

• إلى أيّ مدى يمكننا الاتّكال على الحكومة التي ستؤلّف من أجل إنقاذ الوضع؟
ـ مع أنني لا أتوقع أن تتمكن الحكومة الجديدة من ابتداع الحلول، لكنني أسارع الى القول إنّ ذلك يعتمد على الوجوه الجديدة التي سنراها في هذه الحكومة. لكنّ المشكلة أنّه سيكون وراء كلّ تكنوقراط في الحكومة طرف سياسي.

• هل القلق من الـ«Haircut» في مكانه؟ وما هي توقّعاتك؟
– لا أملك أيّ توقّع في هذا الشأن. قرأت مقالات عدّة، وقالت إحداها أنّ الـ«Haircut» ستكون على الودائع التي تتخطّى المليون دولار.

كريستينا جبر-جريدة الجمهورية
المادة السابقةأبو سليمان خلفا لرياض سلامة؟
المقالة القادمةإرتفاع أسعار السلة الغذائية كاملة نتيجة تفاوت الأسعار