بعدما وصل “موس” انقطاع الأدوية إلى “رقبة” آلاف المرضى، أعطت السلطة السياسية مصرف لبنان موافقة إستثنائية لتسديد الإعتمادات الجديدة التي تتعلق بالأدوية المزمنة تحديداً، وفقاً لأولويات تحددها وزارة الصحة. “المركزي” أذعن مرة جديدة، وأعلن التزامه بسقف لا يتعدى 400 مليون دولار يغطي إلى جانب الدواء مستوردات أخرى مثل الطحين. في المقابل يصر مستوردو الأدوية على قبض متأخرات بقيمة 600 مليون دولار عالقة في مصرف لبنان لاستئناف العلاقة مع المصانع والشركات المصدرة، قبل الحديث عن أي اعتمادات جديدة، مؤكدين أن مستودعاتهم “فارغة من الأدوية، وقد أصبحت تصلح ملاعب لكرة القدم”.
هذه الهوة بين المطلوب من مواد حياتية حيوية، والمعروض من دولارات تتسع يوماً بعد آخر، مهما “رمي” فيها من التوظيفات الإلزامية. ففي ظل “غياب أي خطة موقتة ومنطقية لترشيد الدعم تسبق الخطة الإقتصادية العامة، فان الهوة تتحول إلى “بالوعة” تشفط الدولارات مما تبقى من حسابات المودعين، و”ترميها” في جيوب بعض المستفيدين من دون أن تؤدي إلى أي حل يذكر”، يقول أحد المتابعين لملف الدعم، “والسياسة المتبعة اليوم لا تهدف إلى حماية المواطنين كما يدّعون، ولا إلى تخفيف الأعباء كما يصرّحون، إنما إلى تأجيل الإنفجار الإجتماعي الشامل في وجههم”. والموافقات الإستثنائية التي أعطيت للكهرباء والمشتقات النفطية، ومؤخراً للدواء ستستمر بجرعات صغيرة خلال الأشهر المقبلة وستتوسع إلى الإنترنت وغيرها الكثير من الأمور الأساسية… حتى نفاد آخر دولار ومن بعدها “الطوفان”. والدليل أن خطة ترشيد دعم الدواء التي أصبحت بحاجة إلى ترشيد، لم توضع موضع التنفيذ منذ بدء العمل بها في تموز 2020، أي قبل عام من اليوم. أمّا ترك “حبل” دعم الدواء على “جرار” التوظيفات الإلزامية، فما هو إلا ترك لقطاع الدواء على “أجهزة التنفس الصناعي”، وإطالة عمره من دون أن يكون له أمل بالحياة في ظل هكذا نظام.