كشفت تقديرات حديثة، عن أن قطاع الطاقة المتجددة في السعودية سيكون أحد المولدات الرئيسية للوظائف في البلاد العقد المقبل، وسط تعزيز الاستثمارات اللازمة بالاعتماد على توليد 50 في المائة من الطاقة بحلول 2030.
وتوقع مجلس الأعمال السعودي – الأميركي، أن مستوى الاستثمارات الحالية في قطاع الطاقة المتجدِّدة في السعودية سيوجِد نحو 75 ألف وظيفة على مدار الأعوام الـ10 المقبلة، مؤكداً في الوقت ذاته أنه سيصبح أحد القطاعات المهمة في تطوير قدرات الكفاءات السعودية وتنميتها.
واستشهد مجلس الأعمال السعودي – الأميركي في تقرير أصدره أخيراً، بالجهود التي تبذلها المملكة في توطين قاعدتها الصناعية بصفتها المولِّد الرئيسي لفُرص العمل، وذلك في إطار سعي المملكة لتوطين القطاع بنسبة 40 في المائة إلى 45 في المائة بحلول عام 2028 وما يليه.
من جهته، قال البراء الوزير، الاقتصادي الرئيسي في المجلس، لـ«الشرق الأوسط»، إنه من المتوقع أن يوفر قطاع الطاقة المتجددة الكثير من فرص العمل بصفته جزءاً من الهدف الأوسع نطاقاً لـ«رؤية 2030»، مؤكداً أن «معدل الاستثمارات المتزايدة في القطاع حسبما أوضحت المراحل الثلاث الأولى، وفقاً لمكتب تطوير مشاريع الطاقة المتجددة؛ ستقوم على ذوي الخبرة من المواطنين السعوديين من أجل المساعدة في تنفيذ هذه التطويرات باحتياج قوامه 750 ألف وظيفة على مدار العقد المقبل».
وأضاف الوزير، أن وفرة الطاقة الشمسية والتعرّض للرياح جعل المملكة في مكانة تخوِّلها أن تصبح رائداً إقليمياً في الطاقة المتجددة. وتحتل المملكة المرتبة السادسة عالمياً في مجال الطاقة الشمسية، كما تحتل المرتبة الـ13 عالمياً في طاقة الرياح. إلى مزيد تفاصيل في التقرير التالي:
خطط مستقبلية
يستهل تقرير مجلس الأعمال السعودي – الأميركي، «على الرغم من أن قطاع الطاقة المتجددة في المملكة لا يزال في مراحله الأولى، فإن الخطط المستقبلية لتعزيز قدراته ستزيد من خطط السعودية المتعلقة بتنويع مصادر الطاقة عن طريق تخفيض الاستهلاك المحلي من النفط الخام والغاز، وتوفير فرص عمل كثيرة للمواطنين».
ووفق البراء، معد التقرير، يعد كلّ من إتاحة التمويلات اللازمة وتقديم الامتيازات من قبل الحكومة والبنوك الخاصة أحد أهم العوامل الأساسية في مساعدة قطاع الطاقة المتجددة على تحقيق مستقبل مشرق، موضحاً أنه في ضوء الأهمية التي توليها المملكة لتطوير قطاع الطاقة المتجددة، قدمت الحكومة آليات تمويل جيدة لمساعدة المنظمات المحلية كدعم صندوق التنمية الصناعية الذي يبلغ رأس ماله 105 مليارات ريال (28 مليار دولار).
وأضاف أن البنوك التجارية عززت التوجهات الإقراضية تجاه مشاريع الطاقة المتجددة المعدَّة إعداداً جيداً من خلال تقديم قروض طويلة الأمد بمعدلات فائدة منخفضة.
قروض طويلة الأجل
وبحسب التقرير، تجتذب مشاريع الطاقة المتجددة في المنطقة قروضاً طويلة الأمد تمتد لعشرين عاماً، بمعدل 70 إلى 80 في المائة من نسبة الدَّين إلى رأس المال السهمي (حقوق الملكية)، بمعدل فائدة منخفض يتراوح بين 120 و200 نقطة أساس فوق سعر الفائدة السائد بين المصارف في لندن، في وقت يبلغ معدل نسبة الدين إلى رأس المال السهمي لمشاريع الطاقة الشمسية الفولطاضوئية على مستوى العالم قرابة 60 في المائة.
ولتحقيق أهداف الخطة السعودية الطموحة لتوليد 50 في المائة من الطاقة عبر المصادر البديلة بحلول 2030، عززت المملكة الاستثمارات اللازمة لهذا الهدف؛ إذ يشير التقرير إلى أن القطاع الخاص سيلعب دوراً محورياً في التطوير المستقبلي لهذا القطاع، كما ستكون هناك حاجة إلى الاعتماد على المطورين الدوليين للعب أدور مهمة بصفتهم شركاء في بناء المعارف التكنولوجية وزيادة التوطين الصناعي.
تطورات القطاع
ووفق التقرير، فإن قطاع الطاقة السعودي يشهد تطورات كبيرة في الوقت الراهن تهدف بدورها إلى توليد وزيادة قدرتها على توفير الكهرباء بغرض الاستخدام المنزلي والتجاري.
وتشمل قائمة الإجراءات التي ستخوِّل للمملكة أن تصبح رائداً عالمياً في قطاع الطاقة المتجددة، مواجهة الطلب القوي على الكهرباء، والرغبة في تنويع مصادر الطاقة المحلية، والحاجة إلى تعزيز كفاءة القطاع، وانخفاض تكلفة المصادر البديلة للطاقة، بالإضافة إلى وفرة الطاقة الشمسية في ربوع البلاد.
ويضيف التقرير، أنه على رغم مساهمات القطاع بالنسبة إلى القدرة الإجمالية لما تنتجه المملكة، لا تزال في أطوارها الأولى، حيث إن مستوى النمو ينتظر أن يقفز بنسبة كبيرة بالعلم أن المملكة تهدف إلى تحقيق هدفها الطموح بتوليد 50 في المائة من طاقتها من خلال المصادر البديلة بحلول 2030.
ويرى التقرير، لكي تصل المملكة إلى بلوغ هذا الهدف، فإن عليها أن تولي أهمية إلى نمو القطاع من خلال مشاركة القطاع الخاص، وجذب استثمارات أجنبية مباشرة، وخلق فرص عمل وتوطين الناتج والمحتوى المحليين.
المشاريع العملاقة
ووفقاً للهيئة العامة للإحصاء، فإن تعداد السكان في السعودية زاد بمعدّل نمو سنوي مركب بلغت نسبته 2.8 في المائة في الفترة بين 2000 إلى 2019، حيث وصل تعداد السكان إلى نحو 34.2 مليون نسمة.
وفي غضون ذلك، زاد الحمل الأقصى للطاقة من 21.7 ميغاوات في عام 2000 إلى 68.1 ميغاوات في 2019، مسجلة بذلك معدَّل نمو سنوي مركَّب بلغت نسبته 5.7 في المائة، وذلك وفقاً لما صرّحت به هيئة تنظيم الكهرباء والإنتاج المزدوج؛ الأمر الذي يشير إلى نمو الطلب على الكهرباء من قبل المستخدمين، فضلاً عن وضعه ضغوطاً متزايدة على كاهل الحكومة من أجل توفير احتياجات المستهلكين.
يذكر أن حصة الفرد في الكهرباء انخفضت بمعدل ثابت منذ 2015، حيث وصلت إلى 9.484 كليو واط للساعة، حيث يعزَى الانخفاض على نحو رئيسي إلى قيام الحكومة بالرفع الجزئي لدعم الطاقة في 2015، ثم مرة أخرى في عام 2018 لكلّ من القطاعين السكني والتجاري.
يضاف إلى ما سبق، بحسب التقرير، فإن الارتفاع في مشروعات البناء والتعمير، ولا سيما المشروعات العملاقة على مدار السنوات العشر الماضية؛ أدى إلى تكثيف الطلب على الكهرباء في كل مرحلة من مراحل التنمية والتطوير.
ووفقاً لمؤشر إرساء العقود التابع لمجلس الأعمال السعودي – الأميركي، فإن القيمة الإجمالية لإرساء العقود في الفترة بين 2010 إلى 2019 بلغت تريليونَي ريال (553 مليار دولار).
القدرة الإجمالية
ووفقاً لتقديرات مجلس الأعمال السعودي – الأميركي، فإن القدرة الإجمالية للطاقة المتجددة في المملكة ستزيد إلى 5.3 جيجاوات بحلول 2030، وهو ما يمثل 7 في المائة من الناتج الكلي للكهرباء في المملكة المرجح أن يبلغ 102 جيجاوات، بينما من المتوقع أن تمثل الطاقة الشمسية 77 في المائة من جميع مصادر الطاقة المتجددة بحلول العام ذاته.