بين اخذ ورد الترسيم البري جنوبا على نار التهديدات، وعدم استعجال انهاء الشغور الرئاسي، تحت ضغط الشروط والتراجع عنها في لعبة عض اصابع الوقت وحرقه، عاد المودعون والمصارف الى لعبة «الشرطي والحرامي» لملء الفراغ الفاصل عن حسم مصير حاكمية مصرف لبنان غير متضح الاهداف والمعالم، تدخل على خطه في كل جولة عناصر جديدة تزيد الى المشهد تعقيدات، تجعل من «ابواب الفرج» على انواعها مسدودة الافق واقرب منها الى «الفلج».
كثيرة هي السيناريوهات التي يحكى وينظر لها، مع انطلاق المرحلة الجديدة من مسلسل اقتحام المصارف، والتي تتغير وفقا لاهداف كل منها، بين من يربطها بالخطة التي وضعت لاستبدال منصة صيرفة، ومن يعتبرها بوابة للانفجار الامني المتوقع، لرفع حظوظ مرشح وشطب آخر من لائحة المسترئسين، وبينهما تتقاطع كلها عند ضرورة اقفال المصارف ابوابها، لكن بعد وقوع محظور الدم هذه المرة، خصوصا في حال نجاح المرسوم في ما خص مصرف لبنان، اذ ثمة اكثر من مصدر مصر على ان ما يحصل يدفع باتجاه قرار مسيحي تحت عباءة بكركي للضغط باتجاه التمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي يساير بشانه حزب الله حتى الساعة التيار الوطني الحر.
ازاء هذا الواقع تكشف مصادر متابعة، ان ثمة اتصالات على ارفع المستويات، وضغوطا كبيرة تمارس لمنع جمعية المصارف ونقابة مستخدميها من اتخاذ اي قرار تصعيدي بالاضراب ايا كانت مدته، ذلك ان خطوة مماثلة ستعقد الامور وتساهم في فلتان الاوضاع بشكل قد تعجز معه القوى الامنية عن ضبط اي اعمال تخريب واعتداء، خصوصا اذا صحت المعلومات عن وجود جهات تنتظر ساعة الصفر والفرصة السانحة لاستغلال اي ثغرة والنفاذ منها لتحقيق اجنداتها.
وتابعت المصادر بان لا الاقفال ولا الامن الذي اعتمدته بعض المصارف، ولا كذلك الخطة الامنية كفيلة بحل هذا الملف، اذ ان المطلوب معالجة مالية جدية وواضحة بدعم خارجي لاقفال هذا الجرح، والا فان الامور ذاهبة الى مزيد من الانهيار والى دم في الشارع بالتاكيد ، مشيرة الى ان ما يحصل لا يخدم المودعين وعملاء المصارف بل على العكس سيؤدي نتيجة الاجرءات المتخذة من جديد الى تاخير انجاز المعاملات واتمام العمليات المصرفية التي سيكون لها تاثير في الوضع العام.
اوساط مصرفية رات الى ان ما يحصل من خروقات حتى الساعة لا يزال تحت السيطرة، فما دام ادارات الفروع وموظفوها قادرين على حل المشاكل الطارئة من دون أن يكون هناك تهديد مباشر على أمنهم وسلامتهم، فان اي قرار بالتوقف عن العمل لن يتخذ، وان الامور تتجه الى اجراءات موضعية في ما خص الاقفال في حالات الضرورة وفقا لحالة كل فرع في حال دعت الحاجة.
واعتبرت الاوساط ان المسؤول الاول عن كل ما يحصل هو الدولة اللبنانية، عندما حمّلت المصارف مسؤولية الازمة و»سرقة» اموال المودعين خلافا للواقع والحقيقة، في محاولة لطمس عجزها ومسؤوليتها التاريخية في الهدر وغياب سياسات الإنقاذ والإصلاحات الملحّة، نتيجة تكتل الاطراف السياسية المختلفة، وهو ما برر الاقتحامات المتتالية لفروع المصارف، التي مرت على خير حتى تاريخه، رغم تهديد حياة موظفيها ما خلق في صفوفهم الرعب والخوف، وما دفع إلى اعتماد برنامج مشروط لاستقبال الزبائن ضمن مواعيد مسبقة، وتركيز العمل على آلات السحب الإلكترونية، للحد قدر الامكان من الاحتكاكات.
مسلسل المصارف الطويل مستمر، وكذلك مسرحية المودع في مواجهة الموظف، فيما صاحب الشأن الاول والاخير «واقف عم يتفرج مبسوط «،»يصبّ الزيت على النار» عبر خطة لنواب الحاكم، من جهة، وموازنة من جهة اخرى، يضيع معها ما تبقى من ودائع في جيوب من يضعون البلد ببشره وحجره في مواجهة قدره، سياسياً وأمنياً واقتصادياً.