قفزة بأسعار النفط عالمياً: لبنان يترقّب أزمة محروقات وكهرباء

في غضون يومين، ارتفع سعر خام برنت من 105 دولارات للبرميل إلى 111.09 دولار. وهو المستوى الأعلى التي تصله الأسعار عالمياً منذ العام 2014 حين وصل السعر إلى 111 دولاراً. والمقلق أن الأسعار مرجّحة لمزيد من الارتفاع.

قبل ذلك، كانت الأسعار تحت مستوى الـ100 دولار، فبدأت الشركات المستوردة للنفط في لبنان بتقنين توزيع المحروقات لأنها استشرفت الارتفاع، الذي بدا واضحاً في سوق نفط عالميّ مصاب في الأصل بتدنّي الكميات المعروضة. فمعدلات المخزون التجاري متدنية منذ العام 2014.

على أن تقليص العرض لم يتحوّل إلى أزمة بعد. فالمحطات ما زالت تحافظ على كميات كافية، ويساعدها في تأمين الطلب، عدم تهافت اللبنانيين لشراء المحروقات كما كانت عليه الصورة منذ أقل من عام. حتى أن القدرة الشرائية لمعظمهم، لا تسعفهم في شراء كميات أكبر من حاجتهم وتخزينها. وهذا ما يقوّض حتى اللحظة فرص حصول أزمة بالحجم الذي شهدناه سابقاً.

مع ذلك، لا تستبشر محطات المحروقات خيراً مما يحصل على الصعيد العالمي والمحلّي. فعند كل منعطف “يكون التأثير في لبنان بمعدّلات أعلى ممّا هو مفترض”. وفق ما تقوله مصادر من بين أصحاب المحطات. و”تبدأ الأزمة من الشركات المستوردة مروراً بالموزّعين وصولاً إلى المحطات التي توضَع في مواجهة مع المواطنين”، تضيف المصادر في حديث لـ”المدن”. ولا تنفي المصادر “ضلوع بعض أصحاب المحطات في زيادة الضغط على المواطنين والسوق، لكن المشكلة لا تبدأ بهم”. غير أن هذه الخلاصة لا تستسيغها الشركات المستوردة التي تؤكّد دائماً توزيعها للمحروقات وتلقي اللوم على المحطات التي تخزّن الكميات التي تشتريها. وفي معرض صراع المواقف بين المستوردين والمحطات وتداخل المسؤوليات بينهما، تغيب الدولة عن القيام بواجباتها، وتحديداً تجاه المستوردين.

ينشط وزير الطاقة وليد فياض لضمان موافقة الحكومة ومجلس النواب على خطته الجديدة لتحسين قطاع الكهرباء وزيادة التغذية الملازمة لرفع التعرفة. لكن عدم استقرار أسعار النفط عالمياً يشكّل تهديداً لمسعى الوزير. فلا رفع للتعرفة قبل زيادة التغذية المرهونة بتأمين الفيول. وبما أن الأسعار ترتفع، فالكميات المؤمَّنة بما تيسَّرَ من سلفات خزينة، ستتراجع. وكذلك الكميات المؤمَّنة من زيت الوقود العراقي المستبدَل بالفيول. فحجم الكمية المستبدَلة مرتبط بالأسعار العالمية.

وبالتالي، فإن إمداد مؤسسة كهرباء لبنان المواطنين بالكهرباء، محفوف بالمخاطر. فحتى الساعات الثلاث التي تؤكّد وزارة الطاقة إنتاجها وتوزيعها على المواطنين الذين لا يرونَها، قد تتأثّر في حال انخفاض كميات الفيول المؤمَّنة. ذلك أن الفيول المخصص لمعامل الإنتاج، يخضع لضغط بورصتين تتحرّكان صعوداً، بورصة داخلية هي ارتفاع سعر الدولار مقابل الليرة، وبورصة خارجية هي ارتفاع أسعار النفط. والبورصة الأخيرة أكثر عرضة للتقلّب راهناً، بسبب قلة المعروض وعدم القدرة على زيادته بالشكل المطلوب، لأن اتجاهات الأزمة بين روسيا وأوكرانيا ما زالت غير محسومة. كما أن ضخ 60 مليون برميل من النفط الخام، والذي أعلنت عنه الوكالة الدولية للطاقة، غير كافٍ لأكثر من يوم واحد على مستوى العالم.

إثر ما يحصل، تسقط مساعي وزير الطاقة لزيادة الإنتاج، وإن كانت لا تزال طموحات على الورق، وتبرز الشكوك حول قدرته على ضمان المعدّل الحالي للتغذية. فإن كان المواطنون لا يرون الساعات الثلاث، فكيف بساعات أقل هي في الأصل قد تُنتَج من فيول قادر على تشغيل محرّكات المعامل وليس الإنتاج والتوزيع على شبكة مهترئة، لا توصل أكثر من نصف الكمية المنتجة؟

لبنان أمام استحقاق غير سهل على مستوى ضمان تأمين البنزين والمازوت والغاز وتشغيل معامل الكهرباء. وجدول تركيب أسعار المحروقات، يشهد توجّه سعر صفيحة البنزين نحو 400 ألف ليرة. وهو ما حذّر منه عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس، الذي يتوقّع حصول أي سيناريو مفترض بفعل الأزمة الدولية، التي ستؤثّر أولاً على الأسعار وثانياً على الكميات.