قمة عالمية في مسقط تستكشف جذب صناعة الرقائق إلى المنطقة العربية

اعتبر خبراء أن المشاكل التي تعتري صناعة الرقائق الإلكترونية منذ فترة فرصة ثمينة لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتأسيس نواة للقطاع في أسواقها في ظل التوقعات بأن يجتاز هذا المجال كل التحديات لتحقيق قيمة مضافة أكبر خلال السنوات المقبلة.

يسعى المشاركون في القمة العالمية لأشباه الموصلات والرقائق التي انطلقت الأربعاء في العاصمة العمانية مسقط إلى استكشاف فرص جذب هذه الصناعة إلى المنطقة العربية التي لم تحظ بالاهتمام الكافي من المستثمرين حتى الآن.

وتأتي إقامة الحدث بينما تشهد صناعة الرقائق في الأسواق العالمية انخفاضا تاريخيا في الطلب بعد تسجيل اثنين من أسوأ الانخفاضات الفصلية خلال العام الماضي جراء تقلص الإمدادات وتراجع الإنتاج بفعل مخلفات الحرب في شرق أوروبا.

وتعد أشباه الموصلات محركات التحول الرقمي بوصفها مكونا حيويا في مختلف الأجهزة والمنتجات التكنولوجية، والتي يعتمد إنتاجها على سلاسل التوريد العالمية التي تتسم بالضعف والتعقيد.

وتواجه الصناعة مشكلات طويلة الأمد، مثل عدم كفاية السعة في صناعة أشباه الموصلات، فضلا عن التحديات الناتجة عن الجائحة ومن بعدها الحرب الروسية – الأوكرانية.

وإلى جانب ذلك هناك سباق محموم بين الشركات الآسيوية وخاصة في تايوان والصين ونظيراتها في الولايات المتحدة وجميعها تبحث طرق السيطرة على هذه السوق في ظل الطفرة التكنولوجية الهائلة.

وفي يوليو الماضي، أقر مجلس الشيوخ الأميركي تشريعا لتعزيز الإنتاج المحلي لأشباه الموصلات عبر ضخ المليارات من الدولارات لمواجهة آسيا في الهيمنة على هذه الصناعة.

ويرصد التشريع الذي يحمل اسم “خلق حوافز مفيدة لإنتاج أشباه الموصلات” حوالي 52 مليار دولار لدعم إنتاج الرقائق في السوق المحلية، وأكثر من مئة مليار دولار للأبحاث والتطوير خلال السنوات الخمس المقبلة.

ولئن تبدو المنطقة خصبة لاستقبال استثمارات من هذا النوع خاصة مع اتخاذ السعودية في مارس الماضي خطوة بإطلاقها برنامجا يعدّ الأول من نوعه في الشرق الأوسط، إلا أن الحكومات لا يزال أمامها الكثير لتفعله لإقناع الشركات بتوطين أعمالها في تلك الأسواق.

والبرنامج السعودي الطموح يستهدف توطين تكنولوجيا صناعة الرقائق الإلكترونية، التي تعوّل عليها العديد من الصناعات، وفي مقدّمتها السيارات الكهربائية وأجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية والأجهزة اللوحية الأخرى وأيضا والطائرات والأسلحة وغيرها.

ومن هذا المنطلق حرصت سلطنة عمان خلال افتتاح القمة التي تبحث فرص الاستثمار في تقنية المعلومات والاتصالات وتحديات تصنيع أشباه الموصلات في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على إعطاء انطباع بأن المنطقة لديها من المحفزات لجذب شركات القطاع.

وقال علي الشيذاني وكيل وزارة النقل والاتصالات العمانية في مستهل القمة إن بلاده “مهتمة بصناعة أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية من خلال جذب الشركات الدولية المتخصصة في هذه الصناعة وتدريب الكفاءات المحلية وتأهيلها”.

وأوضح أن استضافة سلطنة عُمان لهذه القمة يؤكد على عزمها لإنجاز التحول الرقمي وبناء اقتصاد قائم على المعرفة ترجمة لرؤية 2040 خاصة مع الآفاق الواعدة لقطاع تصنيع الرقائق.

واعتمدت مسقط برنامجا واعدا للاقتصاد الرقمي الذي يستهدف رقمنة القطاعات الخدمية والإنتاجية بالتقنيات المتقدمة وتعزيز القيمة المضافة لقطاع الاتصالات وتقنية المعلومات ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 10 في المئة خلال عقدين من الآن.

وأشار الشيذاني إلى أنه تم بيع حوالي 1.1 ترليون شريحة من أشباه الموصلات في العام 2021، والعائد الاقتصادي لهذا القطاع يقدر بين 500 و600 مليار دولار سنويا.

وخلال العقد الماضي نمت صناعة أشبه الموصلات من حوالي 315.4 مليار دولار في العام 2013 لتنهي العام الماضي عند حوالي 676 مليار دولار.

وعلاوة على ذلك، وصلت قيمة أو محتوى الرقائق المستخدمة في الأنظمة الإلكترونية إلى مستوى قياسي بلغ 33 في المئة خلال عام 2021، مقارنة بنحو 26 في المئة بنهاية عام 2010.

وتقول العديد من الشركات المهتمة بهذه الصناعة إن الهاتف الذكي الواحد يحتوي على قرابة 160 شريحة مختلفة، وأن السيارات الكهربائية الهجينة تصل الشرائح فيها إلى 3500 شريحة.

وتشير التقديرات إلى أنه من المتوقع أن يتجاوز حجم القطاع حوالي 700 مليار دولار خلال 2023 على أن يتخطى عتبة التريليون دولار بنهاية هذا العقد.

وقال هشام هدارة رئيس فرع الائتلاف العالمي لأشباه المواصلات بمصر إن “عُمان تتميز بعدة عوامل في مجال أشباه المواصلات منها الموقع الإستراتيجي والبنية الأساسية وبيئة الاستثمار وبيئة العمل الجاذبة”.

وأشار هدارة الذي يرأس شركة أنظمة السيلكون المصرية إلى أن القمة ستخرج بتوصيات وتوجهات للوصول إلى رؤية واضحة وجاذبة في هذا المجال.

وتبدو دول الخليج وخاصة السعودية والإمارات وسلطنة عمان من بين بيئات الأعمال التي يمكن أن تتطور فيها هذه الصناعة لاسيما وأنها تحتضن شركات تصنع منتجات تحتاج إلى أشباه الموصلات.

واستجابة للركود السريع الذي شهده الاقتصاد العالمي لجأ معظم مصنعي شرائح الذاكرة إلى خفض الإنتاج وتأخير خطط التوسع في النصف الأخير من العام الماضي.

وأعلنت شركات مايكرون تكنولوجي وأس.كا هاينكس وكيوكسا هولدينغز عن تدابير لمحاولة تحقيق الاستقرار في السوق من خلال كبح زيادة العرض.

ومع ذلك رفضت شركة سامسونغ إلكترونيكس، أكبر موردة للذاكرة في العالم، حتى الآن تغيير مسارها، إذ تعمل على تنفيذ خطة إنفاق رأسمالي صارمة تتضمن ضخ أكثر من 30 مليار دولار في بناء المزيد من السعة هذا العام.

وتراهن الشركة الكورية الجنوبية على النمو طويل المدى لمنتجات الذاكرة، مدفوعاً بالاعتماد المتزايد على الخدمات السحابية المتعطشة للتخزين والمركبات المتصلة وأنظمة الذكاء الاصطناعي.

ورغم أن الشركة قالت في أحدث مكالمة أرباح إنها تتوقع أن تتقلص سوق الهواتف الذكية مرة أخرى هذا العام، فإنها ترى أن منتجات الذكاء الاصطناعي مثل تشات جي.بي.تي ستثير زيادة في الطلب.

في المقابل لطالما كانت الصين متخلفة عن بقية العالم في قطاع معدات تصنيع الرقائق، والذي لا يزال تسيطر عليه الشركات الموجودة في الولايات المتحدة واليابان وهولندا.

وظهر عدد من الشركات المحلية في السنوات العشرين الماضية، لكن معظمها ظل وراء منافسيها من حيث القدرة على إنتاج رقائق متقدمة.

مصدرالعرب اللندنية
المادة السابقة«مورغان ستانلي» يرفع تقديراته لنمو الطلب النفطي 36 %
المقالة القادمةحمية أطلق مزايدتي بناء إهراءات وانشاء الحوض العائم لصيانة السفن في مرفأ طرابلس