تريد إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خنق القطاع المالي الإيراني. ولائحة العقوبات الجديدة تجعل إيران معزولة فعلياً عن النظام المالي العالمي، ما يقلل من الروابط القانونية القليلة المتبقية لديها ويجعلها أكثر اعتماداً على التجارة غير الرسمية أو غير المشروعة. وسحقت جولات سابقة من العقوبات الأميركية اقتصاد طهران من خلال كبح مبيعات النفط ومعظم العمليات التجارية الأخرى.
وكانت وكالة “بلومبيرغ” قد ذكرت أن الإدارة الأميركية تدرس فرض عقوبات جديدة عبر إدراج ما يصل إلى 14 بنكاً في إيران ضمن القائمة السوداء والتي كانت قد نجت حتى الآن من بعض القيود الأميركية، وذلك باستخدام السلطات المصممة لمعاقبة الكيانات المرتبطة بالإرهاب وتطوير الصواريخ الباليستية وانتهاكات حقوق الإنسان.
وللإجراءات هذه هدفان، وفقاً لأشخاص مطلعين على الخطط تحدثوا إلى “بلومبيرغ”، الخميس: إغلاق واحدة من الثغرات المالية القليلة المتبقية التي تسمح للحكومة الإيرانية بكسب الإيرادات، وإحباط وعد الديمقراطي جو بايدن بإعادة الدخول في اتفاق نووي جديد مع طهران إذا فاز في الانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.
وبموجب الخطة، تعاقب الإدارة الأميركية القطاع المالي الإيراني بموجب الأمر التنفيذي 13902، الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب في يناير/ كانون الثاني، لتضييق الخناق على أنشطة التعدين والبناء والصناعات الأخرى. لن يؤثر ذلك على البنوك فحسب، بل سيؤثر أيضاً على التحويلات النقدية، ونظام التحويل الإسلامي المعتمد في إيران.
إلا أن كل هذه التطورات تتوقف على اسم الفائز بالانتخابات. إذ قد تستعيد إيران ما يقرب من مليوني برميل من صادرات النفط يومياً إذا فاز جو بايدن في الانتخابات خلال الشهر المقبل، وفقًا لرئيس منتدى الطاقة الدولي جو ماكمونيغل، الذي كان سابقاً مسؤولاً في وزارة الطاقة الأميركية. وانضم ماكمونيغل إلى المنتدى الذي يضم 70 دولة، في يوليو/ تموز الماضي.
إذا حاول بايدن، كما أشار بنفسه، إحياء الاتفاق النووي الإيراني الذي سحب ترامب الولايات المتحدة منه في منتصف عام 2018، فمن المحتمل أن تؤدي المفاوضات بين الجانبين إلى مزيد من الإنتاج النفطي من الجمهورية الإسلامية.
وانخفض إنتاج النفط الخام الإيراني بمقدار النصف تقريباً منذ ذلك الحين إلى 1.95 مليون برميل يوميًا، مع تشديد الولايات المتحدة للعقوبات على صادرات الطاقة.
وقال ماكمونيغل في مقابلة مع تلفزيون بلومبيرغ، الخميس: “سيكون التأثير الفوري للتغيير في الإدارة في الولايات المتحدة هو الموقف من إيران. لا أتوقع عودة مليوني برميل أو 1.8 مليون على وجه الدقة على الفور، لكن من المحتمل أن ترى نصف مليون برميل من النفط الإضافي الإيراني في الأسواق. ربما يتعين على الولايات المتحدة أن تفعل شيئاً كهذا لاستئناف المفاوضات مع إيران. بالنسبة لسوق النفط، الكميات ستكون كبيرة فعلاً”.
وشرح ماكمونيغل أن احتمال زيادة الإنتاج في إيران وليبيا سيكون قضية رئيسية بالنسبة لتحالف “أوبك +” لكبار المنتجين في الاجتماع المقبل في أوائل ديسمبر/ كانون الأول، حيث بدأت ليبيا أيضاً في إعادة فتح صناعتها النفطية خلال الشهر الماضي بعد هدنة في حرب أهلية طويلة الأمد.
وتحاول المجموعة، بقيادة السعودية وروسيا، تقليص إمدادات النفط لدعم الأسعار في مواجهة جائحة فيروس كورونا. في حين ارتفع سعر خام برنت إلى حوالي 42.50 دولاراً للبرميل منذ أن بدأت أوبك + كبح الإنتاج في مايو/ أيار، إلا أنه لا يزال منخفضاً بنسبة 36 في المائة هذا العام.
واعتبر ماكمونيغل أن أوبك + ستلتزم على الأرجح بخطة لزيادة الإنتاج بمقدار مليوني برميل يومياً في يناير/ كانون الثاني كجزء من التيسير التدريجي لتخفيضات الإمدادات. لكنه قال إن هذا غير مضمون بالنظر إلى مدى ضعف الطلب على الطاقة. وأضاف: “إدخال الإنتاج الإيراني والليبي إلى السوق العالمي قد يتطلب بعض التعديلات”.
ومنذ أيام أكد تجار عملات أن الريال الإيراني تراجع إلى مستوى متدنٍ جديد، متجاوزاً 300 ألف ريال للدولار للمرة الأولى في السوق غير الخاضعة للتنظيم في طهران.
وفقدت العملة الإيرانية حتى الآن أكثر من 46 في المائة من قيمتها منذ كانون الثاني/ يناير مع تفاقم تفشي فيروس كورونا في الشرق الأوسط وفي البلاد بالتزامن مع تأثير العقوبات الأميركية على صادرات النفط.