دعا نيل كاشكاري، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في مينيابوليس، امس الثلاثاء، إلى الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير إلى حين اتضاح تأثير الرسوم الجمركية المرتفعة على التضخم، محذِّراً من مخاطر «التغاضي» عن صدمات الأسعار الناجمة عن العرض والطلب.
وأشار كاشكاري إلى أن الصدمة التي تلقتها الأسواق جراء الرسوم الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، إلى جانب الغموض المحيط بالسياسة التجارية الأميركية، يضعان البنوك المركزية أمام مفترق طرق حرج: «هل تركز على مكافحة التضخم أم على دعم النشاط الاقتصادي؟»، وفق «رويترز».
وأوضح أن نقاشاً داخلياً «صحياً» يدور حالياً داخل أروقة «الاحتياطي الفيدرالي»، حيث يرى بعض صناع السياسات أن من الأفضل «تجاوز» تأثير هذه الرسوم مؤقتاً، بوصفها صدمةً تضخميةً عابرةً، والتركيز بدلاً من ذلك على دعم النمو عبر خفض الفائدة. غير أن آخرين – ومن بينهم كاشكاري – يرفضون هذا النهج، عادّين أن تأثير الرسوم لن يكون مؤقتاً في ظل احتمالية استمرار التوترات التجارية لفترة طويلة.
وقال كاشكاري، خلال مؤتمر استضافه «بنك اليابان» في طوكيو: «من المرجح أن تستغرق المفاوضات شهوراً، بل وربما سنوات، مع احتمالية تصاعد متبادل في الرسوم الجمركية كردود فعل بين الشركاء التجاريين».
وأضاف أن الأثر الكامل للرسوم المفروضة على السلع الوسيطة سيستغرق وقتاً حتى ينعكس على الأسعار النهائية للمستهلكين.
وفي ظل بقاء معدل التضخم في الولايات المتحدة فوق هدف «الاحتياطي الفيدرالي»، البالغ 2 في المائة لـ4 سنوات متتالية، ازدادت المخاوف من تآكل مصداقية توقعات التضخم طويلة الأجل.
وقال كاشكاري: «هذه الاعتبارات تُعزِّز الموقف الداعي للإبقاء على سعر الفائدة الأساسي، الذي من المرجح أنه بات تقييدياً بشكل طفيف، حتى تتضح تداعيات الرسوم الجمركية على الأسعار والنشاط الاقتصادي».
وأكد: «شخصياً، أجد هذه الحجج أكثر إقناعاً، نظراً للأهمية البالغة التي أعلقها على حماية استقرار توقعات التضخم على المدى الطويل».
وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي قد أبقى أسعار الفائدة دون تغيير في نطاق 4.25 في المائة – 4.50 في المائة منذ ديسمبر (كانون الأول)، في وقت يواجه فيه صناع السياسات صعوبة في تقدير الأثر الكامل لرسوم ترمب الجمركية، التي تُعزِّز مخاطر ارتفاع التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي هذا العام.
وشدَّد كاشكاري على أهمية استخدام صناع السياسات حكمهم المهني في مواجهة الصدمات الكبيرة، بدلاً من الاعتماد الصارم على قواعد سياسية محددة سلفاً، مثل «قاعدة تايلور»، لتوجيه قرارات السياسة النقدية.
وأوضح: «صحيح أن القواعد البسيطة تغري بأناقتها الظاهرية وقدرتها على تحييد التحيزات البشرية، لكنها قد تقود إلى توصيات غير منطقية في أوقات يشهد فيها الاقتصاد اضطرابات استثنائية».
وختم بالقول: «عندما تواجه السياسات صدمات هائلة، فإن حالة عدم اليقين تزداد، سواء فيما يخص فهم أسباب هذه الصدمات أو كيفية الاستجابة لها. وفي مثل هذه الأوقات، قد يكون الانتظار وجمع مزيد من المعلومات خياراً أكثر حكمة بين خيارات محدودة ومتاحة».