“كريدي سويس” على طريق التعثر

تعافى سهم بنك “كريدي سويس” جزئياً امس الخميس، بعدما كان سجل أدنى مستوياته على الإطلاق وأغلق امس الاول منخفضاً بنحو 25%، وسط مخاوف بشأن الأوضاع المالية للمقرض السويسري الرئيسي.

جاءت مكاسب السهم الذي ارتفع عند مرحلة ما من جلسة امس بأكثر من 30%، بعدما قال البنك إنه سيقترض 50 مليار فرنك سويسري (54 مليار دولار تقريباً) من البنك الوطني السويسري.

بالأساس، جاءت خسائر سهم “كريدي سويس” الحادة، بعد تقارير قالت إن المصرف السويسري يواجه ضغوطًا متصاعدة في توفير السيولة مع رفض المستثمرين ضخ أموالهم في أعماله، ورجح محللون لاحقاً أنه سيضطر إلى فصل أعماله أو بيعها.

خسائر “كريدي سويس” انعكست على القطاع المصرفي في أوروبا والولايات المتحدة، وأثارت حالة من القلق في الأسواق العالمية من حدوث عدوى مالية، خاصة أنها مع أزمة انهيار “سيليكون فالي بنك” في الولايات المتحدة.

رغم أن سهم “كريدي سويس” ينخفض بشكل تدريجي منذ عام 2007 من مستوى قريب من 90 فرنكاً إلى قرابة فرنكين فقط الآن، فإن سمعته العالمية ومكانته كثاني أكبر البنوك السويسرية، أثارت مخاوف من احتمال حدوث عدوى مالية عالمية.

على البنك فعل المزيد

حتى قبل الانهيار المفاجئ لبنكين أميركيين الأسبوع الماضي، واجه “كريدي سويس” مشاكل في السنوات الأخيرة، بما في ذلك اتهامات غسل الأموال ومزاعم التجسس، وأقر مؤخراً بوجود “نقاط ضعف جوهرية” في تقاريره، ما ضاعف مخاوف المستثمرين.

منذ الإعلان عن قرض البنك المركزي، والأسواق تقيم احتمالات نجاح هذا الاتفاق في إخراج البنك من أزمة السيولة وتفادي عدم الوفاء بالالتزامات تجاه العملاء، والأهم؛ التحول نحو الربحية بعد عامين من الخسائر.

قال “بيت ويتمان” رئيس مجلس إدارة “بورتا أدفيزورز” السويسرية للاستشارات، إنه ينبغي التراجع الآن (بعد الإعلان عن القرض) والنظر إلى جدوى نموذج الأعمال والمشهد التنظيمي العام.

ويرى “ويتمان” أنه ينبغي للبنك أن يستخدم هذا القرض لمراجعة خططه بوجه عام، لأن أسواق رأس المال لا يبدو أنها اقتنعت بها، مبرراً ذلك بانخفاض السهم وارتفاع مقايضات التخلف عن سداد الائتمان مؤخراً.

وارتفعت تكلفة التأمين ضد التخلف عن سداد سندات “كريدي سويس” الأربعاء الماضي، إلى 1200 نقطة لمقايضات التخلف عن الديون لأجل عام، وهو مستوى نادر بالنسبة للبنوك ويعادل 18 ضعف منافسه السويسري “يو بي إس”.

هل انتهت الأزمة؟

دورة التشديد النقدي التي تقودها البنوك المركزية في الأشهر الأخيرة، تضغط على الشركات وتدمر الروابط الضعيفة، بحسب “ويتمان” الذي قال إن ما حدث مع “كريدي سويس” لن يكون الحالة الأخيرة بسبب مشاكل السيولة والثقة.

مع ذلك، قالت إدارة البنك، إن خطوتها الأخيرة لتأمين التمويل أظهرت “إجراءات حاسمة” لتعزيز الأعمال، وشكرت البنك الوطني السويسري والمنظمين على الدعم، بعد ساعات فقط من استبعاد المصرف مناقشة مسألة “المساعدة الحكومية”.

وقال “دان سكوت” رئيس إدارة الأصول المتعددة في “فونتوبيل” السويسرية، إن “كريدي سويس” لا يزال أحد أكبر مديري الأصول في العالم، حيث يمتلك نصف تريليون دولار من الأصول، وهو نموذج أعمال لا يمكن إرباكه بسهولة.

فيما قال محللو “آر بي سي كابيتال” إن السيولة الأقوى والدعم المقدم من البنك الوطني السويسري، أمران إيجابيان، لكن ستكون استعادة الثقة مهمة أساسية لـ”كريدي سويس”، وستظل الظروف غير يقينية في الوقت الراهن. قبل الإعلان عن القرض، قال الاقتصادي “نورييل روبيني” إن المشاكل التي يواجهها “كريدي سويس” قد تفوق قدرة سويسرا وحدها، مضيفاً: “ربما يكون المصرف أكبر من أن ينهار وفقاً لبعض المعايير، لكنه أيضاً أكبر من أن يتم إنقاذه”.

الاستحواذ عليه

ووضع المحللون لدى “جيه بي مورغان”، سيناريوات لمستقبل المقرض السويسري “كريدي سويس”، وسط الاضطرابات التي يشهدها القطاع المصرفي في الآونة الأخيرة.

ورجح “كيان أبو حسين” المحلل لدى “جيه بي مورغان” بحسب “بلومبيرغ” أن الاستحواذ سيناريو مرجح أمام “كريدي سويس” وقد ينهي كافة مشاكله.

وأوضح في مذكرة أن الوضع الرأسمالي لبنك “كريدي سويس” ليس هو المشكلة، وإنما يتعلق الأمر باكتساب ثقة السوق المستمرة، وكيفية التخطيط لإدارة الأعمال دولياً في ظل تراجع جاذبية امتياز العلامة التجارية.

وأعرب المحلل عن قلقه بشأن بنك “كريدي سويس” بعدما حذر الشهر الماضي من أن البنك يتدهور بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً، وتراجعت الأسهم بنسبة 26% منذ ذلك الحين.

وفي المقابل، قال محللون في “بنك أوف أميركا كورب” إن الدعم المقدم من البنك الوطني السويسري هو رسالة واضحة أن “كريدي سويس” سيستمر في شكله الحالي.

وفي مذكرة للموظفين بحسب “بلومبيرغ”، قال “أولريش كورنر” الرئيس التنفيذي لبنك “كريدي سويس” إن البنك سيواصل التركيز على خطته للتحول.

زيادة رأس المال وفصل الاعمال

قال محللو شركة الأبحاث والاستشارات المالية “مورنينغ ستار”، إن تكاليف تمويل بنك “كريدي سويس” أصبحت مرتفعة للغاية، لدرجة تجعله بحاجة إلى زيادة رأس المال أو تقسيم أعماله.

وبحسب المذكرة الصادرة الأربعاء، تتوقع “مورنينغ ستار” المزيد من الخسائر للبنك خلال عام 2023 إلى الحد الذي يعرض كفاية رأس المال للخطر، وتعتقد أن المقرض سيكون بحاجة إلى إصدار أسهم جديدة.

والبديل لهذا الخيار هو “تقسيم” أعمال البنك، ربما عبر بيع الوحدات المختلفة، مثل أعماله في سويسرا أو إدارة الأصول أو إدارة الثروات، أو فصلها بشكل مستقل.

وأقر محللو الشركة بأن المقرض السويسري لا زال يتمتع بسيولة كافية لتغطية التدفقات الخارجة من ودائع العملاء، كما سيكون قادراً على تلقي التمويل من البنك المركزي.

ومع ذلك، قالوا إن كل ذلك لن يكون كافياً لمعالجة مشكلة غياب الربحية التي يواجهها “كريدي سويس”، ولن يعالج المخاوف ذات الصلة برأس المال.

 

مصدرنداء الوطن
المادة السابقةالأزمات تتناسل من الليرة إلى المصارف… فالغذاء والدواء
المقالة القادمةسرور: إرتفاع سعر ربطة الخبز يوميّاً يعود لحفلة جنون الدّولار