مع تقدم ساعات ليل أمس تسارعت التطورات في ملف تعيين حاكم مصرف لبنان، من خبر عن سحب بند التعيين لئلا يصل إلى التصويت، وصولاً إلى مصادر السراي الحكومي التي قالت إن الأمور مرهونة بما سيجري أثناء الجلسة. ورغم تسريبات عن احتمال عدم طرح الموضوع تفادياً لإظهار الانقسام في الحكومة، سرت أجواء أخرى لا تذهب بهذا الاتجاه. ولكن في كل الأحوال أكان بالتأجيل أو بالتوافق أو بالتصويت يبقى الاسم المتقدم هو كريم سعَيْد. واسم سعَيْد هو بين الأسماء الثلاثة التي وضعها وزير المال ياسين جابر إضافة إلى إدي الجميل وجميل باز. وسعَيْد الذي يحظى بتأييد رئيس الجمهورية، يتمتع بشهادة كثيرين بالكفاءة والنزاهة المطلوبتين لهذا المنصب.
كيف كانت الأجواء قبل إعادة خلط الأوراق؟
وقبل معلومات التأجيل حُكي عن تحفظ رئيس الحكومة نواف سلام على الاسم ولكنه يوافق على أن تأخذ المسألة مسلكها الدستوري، فإذا لم يحظَ سعيْد بالتوافق، عندها يُطرَح على التصويت، وسيحترم سلام خيار الوزراء. ومصادر السراي الحكومي كانت أكدت لـ “نداء الوطن” أن الاتصالات لا تزال مستمرّة بشأن ملف الحاكمية، وستتواصل حتى اللحظات الأخيرة، ما قبل الجلسة. وكشف المصدر أن رئيس الحكومة يتحفّظ على اسم سعيد بسبب خطة “هارفرد”. كما استبعد المصدر تطيير جلسة اليوم انطلاقاً من حرص سلام على الحفاظ على المؤسسات، والأهم هو الخطة الاقتصادية والمالية التي سيتم العمل عليها، وهذه الأمور يجب أن تكون واضحة قبل السير بأي مرشح، بحسب المصدر الحكومي نفسه.
وعلمت “نداء الوطن” أن بعبدا بقيت حتى ساعة متقدمة تجري اتصالات مع أطراف الحكومة ولا سيما الرئيس سلام من أجل تأمين التوافق. وعلم أيضاً أن الوزراء المحسوبين على “القوات اللبنانية” يحبذون بدورهم التوافق على اسم سعيد قبل خيار التصويت.
شماعة “هارفرد”
مصدر مالي استغرب، في اتصال مع “نداء الوطن” أن يستخدم أي طرف دراسة لجامعة عريقة بمستوى “هارفرد” للتصويب على مرشح لحاكمية مصرف لبنان، بذريعة أنه أيّد ما جاء في الدراسة، يوم صدرت قبل نحو عامين. وللتذكير، تقوم دراسة “هارفرد” على مبدأ أن الدولة اللبنانية هي من أنفق الأموال وتسبّب بالفجوة المالية وطيّر الودائع، وبالتالي ينبغي نقل هذه الخسائر إلى محفظة الدولة كدينٍ عام، يُضاف إلى الديون الخارجية (اليوروبوندز)، والتعاطي مع هذا الدين على أساس أن المعالجة يجب أن تأتي على غرار الحل الذي سيُعتمد في ملف “اليوروبوندز”.
ويضيف المصدر: “في كل الأحوال، لا علاقة لكريم سعيد بما صدر عن “هارفرد”، كما أنه من السخف الادعاء أن المشكلة تكمن في هذه النقطة لأن حاكم مصرف لبنان، وكائناً من كان، ليس في موقع القرار في موضوع بهذه الحساسية، ناجم عن أزمة نظامية، تحتاج إلى قرارات تأخذها السلطة التنفيذية لمعالجتها، وليس حاكم المركزي من سيتخذ قراراً وطنياً بهذا الحجم.