كلفة اللوازم المدرسية توازي الحد الأدنى للأجور والأهل عاجزون

تنطلق رحلة التجهيز للمدارس هذا العام، وسط ذهول أسر الطلاب اللبنانيين من ارتفاع الأسعار مقارنة بالعام الماضي، على الرغم من استقرار سعر صرف الدولار على مدار العام.

عادة، يشكل شهر أيلول معضلة حقيقية لأهالي الطلاب، ويعد هذا الشهر الأثقل على كاهل العائلات، نظراً لما يفرضه من تحديات ومصاريف “ضاغطة” ما بين تسديد الرسوم الدراسية، والتجهيزات. لكن هذا العام، بدا مختلفاً، إذ تشعر الكثير من العائلات بالعجز من إمكانية شراء الضروريات من اللوازم الدراسية والقرطاسية، ومنها العائلات التي تتقاضى رواتبها بالدولار.

وفي جولة لـ”المدن” على المكتبات والمؤسسات الخاصة ببيع القرطاسية واللوازم الدراسية، تبيّن ارتفاع الأسعار بنحو الضعف تقريباً ومنها ما ارتفع بنسبة 30 في المئة بالحد الأدنى، وهو ما يطرح علامات استفهام، إن كان التعليم حقاً أساسياً للجميع أم أصبح حكراً على ميسوري الحال.

ميزانية ضخمة
“أسعار اللوازم الدراسية خرافية، بكل ما للكلمة من معنى”. بهذه العبارات بدأت جيانا منصور حديثها لـ”المدن”. وقالت “اشتريت ثلاث حقائب لأبنائي بسعر يصل إلى 120 دولاراً، وهو رقم مرتفع جداً نظراً لأن الحقائب محلية الصنع من جهة، وليست ذات جودة عالية ولا يمكن استخدامها لأكثر من عام من جهة ثانية، لكنني لم أتمكن من الحصول على سعر أفضل”. أضافت “العام الماضي، كانت الحقائب من النوعية المتوسطة، تباع بنحو 20 إلى 30 دولاراً، فيما الحقيبة نفسها هذا العام تخطى سعرها 35 و40 دولاراً، أما الحقائب الجيدة نوعاً ما، فكانت أسعارها تبدأ من 40 و50 دولاراً العام الماضي، تخطى سعرها هذا العام حاجز 80 دولاراً”.

الأسعار ليست بمتناول الجميع
بعيداً عن سعر الحقيبة، يحتاج الطالب إلى تجهيزات إضافية، لم تكن أسعارها سهلة أيضاً. يظهر على سبيل المثال، بأن سعر “مطرة” المياه التي كانت تباع العام الماضي بنحو 10 دولارات، ارتفعت إلى 19 دولاراً، وتصل إلى نحو 30 دولاراً. أما بالنسبة إلى حقيبة الطعام، التي كانت تباع بمتوسط أسعار يبدأ من 15 دولاراً خلال العام الدراسي الماضي، وصلت اليوم إلى نحو 25 دولاراً.

تسعى جيانا إلى ترشيد ميزانية القرطاسية، والإعتماد على حد أدنى من الأدوات، على أمل أن تكون هذه الأسعار مؤقتة وقد تنخفض خلال العام الدراسي.

شهدت أسعار القرطاسية زيادة أيضاً مقارنة بالعام 2023، فقد، كانت أقلام الحبر تباع بنحو دولار واحد تقريباً أو نحو 100 ألف ليرة، ووصل سعرها اليوم إلى 180 ألف أي نحو دولارين تقريباً، وترتفع الأسعار بحسب المناطق، ونقاط البيع. أما بالنسبة لأقلام التلوين تبدأ من 10 دولارات، فيما لم يكن يتخطى سعرها حاجز 7 دولارات.

أما بالنسبة للدفاتر، فتبدأ من دولار تقريباً ويرتفع سعرها ليصل إلى ثلاثة دولارات وأحياناً 5 دولارات، أما بالنسبة إلى الأدوات الهندسية، فالأمر يبدو جنونياَ. يقول أحمد سعد الدين موظف في إحدى الدوائر الرسمية “تفاجأت بسعر الآلة الحاسبة للمرحلة الثانوية التي تباع بنحو 150 و200 دولاراً، وهو ما جعله يبحث عن خيارات أقل عبر مواقع البيع الإلكترونية التي تبيع معدات وأدوات مستعملة”.

الزي المدرسي
تستغرب ليلى قمر الآليات المتعبة من قبل إدارات بعض المدارس، ونهجها في تغيير الزي المدرسي كل عام، تقول بطريقة ساخرة لـ”المدن”: يحتاج الأهل إلى “قرض” لشراء الزي المدرسي. وتضيف “لدي ثلاثة أبناء، يحتاج كل منهم، إلى طقمين من الزي المدرسي، وآخر رياضي، وبحسب الأسعار المتداولة، فإن سعر القميص يصل إلى 20 دولاراً، أما البنطالون فيصل إلى 60 دولاراً، فيما الزي الرياضي تصل تكلفته إلى 70 دولاراً، دون احتساب الجاكيت الشتوي، ما يعني أن الطالب الواحد يحتاج إلى 230 دولاراً لشراء الزي المدرسي”.

ترى قمر، أن الأسلوب المتبع من بعض المدارس يقوم على أساس الربح والتجارة فقط دون الاخذ بالإعتبار الحالة المادية للأسر”.

أسعار الكتب: حدث ولا حرج
ترسل بعض المدارس الخاصة في لبنان مع بداية العام الدراسي، لائحة بأسماء الكتب، ومراكز بيعها، ومن خلال جولة لـ “المدن” في بعض المكتبات، فإن تكلفة شراء كتب الروضات والصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية توازي رسوم الدراسة في جامعة حكومية، إذ تبدأ أسعار الكتب الفرنسية من 20 دولاراً وترتفع بحسب المرحلة الدراسية لتصل إلى 70 دولاراً للكتاب الواحد في الصفوف الثانوية، فيما يصل سعر كتب الأدب الإنكليزي إلى 30 دولاراً، وترتفع لنحو 80 دولاراً، أما بالنسبة إلى أسعار الكتب في المرحلة الثانوية، فيتخطى سعر الكتاب أحياناً حاجز 100 دولار.

بالمحصلة، يحتاج الطالب في لبنان إلى ميزانية ضخمة، يبلغ متوسطها 500 دولار وتتخطى أحياناً حاجز 800 دولار ما بين الزي المدرسي، والكتب، والتجهيزات واللوازم الأساسية. وهذه الميزانية تطرح علامات استفهام حقيقية حول جوهر الأزمة، إذ تتخطى الأزمة التي يعيشها أهالي الطلاب حدود ارتفاع الأسعار، لأن منطق الأمور، يفرض وجود تناسب ما بين المداخيل وحجم الإنفاق ومن غير الطبيعي أن يكون حجم الانفاق أعلى بأضعاف من حجم المدخول، كما، من غير الطبيعي أيضاً أن يكون الانفاق على اللوازم الدراسية، يوازي الحد الأدنى للرواتب المعمول به في لبنان.

مصدرالمدن - بلقيس عبد الرضا
المادة السابقةبعد توقيف سلامة..اين مسؤولية “المالية” المشرفة على “المركزي”؟
المقالة القادمةتكنولوجيات إسرائيلية تخترق “الراوتر”: بيوت اللبنانيين كلها مكشوفة