كم سيبلغ الدولار إذا تشكّلت الحُكومة… وبعد ذلك أيضًا؟

في حال تشكّلت الحُكومة فإنّ سعر صرف الدولار سيُواصل مساره التراجعي ليستقرّ ما بين 15000 و16000 ليرة لبنانيّة للدولار الأميركي الواحد، بحسب رأي أكثر من خبير إقتصادي ومالي محلّي، وذلك لأنّ عددًا كبيرًا من المُواطنين الذين يحتفظون بكميّات من الدولارات في منازلهم، والذين يقومون دوريًا ببيع جزء منها لتأمين مصاريفهم الحياتيّة، سيُسارعون إلى بيعها بكميّات أكبر للحدّ من خسائرهم النسبيّة. كما أنّ الإنخفاض المُتوقّع سيكون مُرتبطًا بمُناورات سياسيّة تهدف إلى تعميم أجواء إيجابيّة عامة في البلاد، وبألاعيب ماليّة من قبل بعض كبار الرأسماليّين والتُجّار والصيارفة، لتشجيع الناس على بيع الدولار مع ما يُسبّبه هذا الأمر من خفض حتمي لسعر صرفه لفترة زمنيّة مُحدّدة، وذلك تمهيدًا لشرائه بسعر منخفض قُبيل عودة سعر الصرف إلى الإرتفاع تدريجًا في مرحلة لاحقة.

إشارة إلى أنّه بعد الصدمة الإيحابيّة المُرتقبة في حال تشكيل الحُكومة، والإنخفاض التلقائي المُرتقب، سنكون في الأشهر المُقبلة، أمام إحتمالين لسعر الدولار خلال الفترة الفاصلة عن الإستحقاقات الإنتخابيّة المُنتظرة في ربيع وخريف العام 2022. ففي حال سارعت الحُكومة المُقبلة إلى التفاوض مع صُندوق النقد الدَولي، وفي حال تسرّبت مَعلومات إيجابيّة عن هذه المُفاوضات، وكثر الحديث عن تلقّي لبنان لقروض ولمُساعدات ماليّة عاجلة بالعملات الصعبة، سيُواصل سعر الدولار إنخفاضه ولوّ بوتيرة بطيئة عندها، وفي أسوأ الأحوال سيُحافظ سعر الصرف على ثباته. لكن في حال تأخّر الحُكومة في إطلاق المُفاوضات مع مُمثّلي البنك الدَولي، أو في حال تعثّر هذه المُفاوضات وظُهور خلافات في الرأي، فإنّ الإنخفاض الذي سيتحقّق عند تشكيل الحُكومة، سيتبخّر مع مُرور الأيّام، ليعود الدولار إلى الإرتفاع. والمُعادلة واضحة وبسيطة: كلّما غابت أجواء الإستقرار عن الوضع الداخلي، كلّما إهتزّ الوضع المالي، وكلّما طال هذا التعثّر الكارثي في خدمات القطاعات الرسميّة، وهذا النقص الحاد في المواد الأوّليّة الأساسيّة، كلّما عاد الإرتفاع ليُخيّم على سعر الصرف.

في حال إنهيار جُهود التأليف، فإنّ سعر الدولار سيخرج عن السيطرة لفترة زمنيّة غير مَعروفة الطول، لكنّها كافية للقضاء على ما تبقّى من قُدرة شرائيّة مَحدودة جدًا للعملة الوطنيّة وللرواتب المَدفوعة بالليرة اللبنانيّة. وربما الساعات المُقبلة، حاسمة لمعرفة الإتجاه الذي ستسلكه الأمور على صعيد جُهود تشكيل الحُكومة، وتاليًا على صعيد الإستقرار العام في البلاد، وسعر صرف الدولار. فإمّا المزيد من الإنخفاض سيُرافق الأجواء الإيجابيّة التي قد تبرز في أيّ لحظة، مع ما ستحمله من آمال بقرب إطلاق خطة نُهوض إقتصاديّة-ماليّة إصلاحيّة، وإمّا العودة إلى الإرتفاع الحاد لسعر الصرف بالتزامن مع أيّ تعثّر ما زال مُحتملاً، مع ما سيحمله من أجواء تشنّج مليئة بالخلافات والإنقسامات ومُحاولات الإلغاء المُتبادلة، على حساب مصلحة لبنان ومصلحة اللبنانيّين.

 

مصدرالنشرة - ناجي س. البستاني
المادة السابقةما جديد أسعار المحروقات في لبنان؟
المقالة القادمة29 مليون ليتر من المازوت الايراني ستبدأ بالوصول إلى لبنان خلال أيام