على الرغم من مرور اكثر من ثلاث سنوات على نشوء اسوأ ازمة مالية نقدية في تاريخ لبنان ما زالت حكومة تصريف الاعمال تناور حول كيفية توزيع الخسائر المقدرة بـ67مليار دولار وتؤخر في اطلاق خطة التعافي بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية اللبنانية وهو العثرة الاساسية لاعادة النهوض الاقتصادي في البلاد.
وما زال القطاع المصرفي ينتظر مصيره ليحدد مستقبله الذي ما زال مجهولا لان حكومة تصريف الاعمال لم تقدم بعد خطة التعافي ولم تحدد خسائر الفجوة المالية وكيفية توزيعها رغم ان القطاع المصرفي يتحمل مسؤوليته في هذا الموضوع مثله مثل الحكومة ومصرف لبنان ،لكن الحكومة ما تزال ترفض ان تشارك في تحمل الخسائر وتصر على شطب الودائع خصوصا ان ما يحكى عن اعادة الودائع لما دون المئة الف دولار لم يعد في التداول وتبخر الكلام كما تبخرت الودائع .
وكانت حكومة حسان دياب قد اقرت خطة لازار التي كانت تقضي بتحميل القطاع المصرفي كل الخسائر وشطب المصارف ولم تبق الا على اربعة مصارف فقط لكن هذه الخطة سقطت كسقوط حكومة دياب، كما جرت محاولة لاعادة هيكلة القطاع بطلب مصرف لبنان زيادة راسمال المصارف بنسبة 20 في المئة الا ان هذا الموضوع لم يبصر النور.
رحبت المصارف ودعمت انجاز مشروع اعادة هيكلة القطاع المصرفي تحت هذه التسمية او اي تسمية اخرى لان الهدف هو دراسة اوضاع هذه المصارف القادرة على الاستمرارية او المصارف المتعثرة والتي هي بحاجة للمساعدة او المصارف التي ترغب في الخروج من السوق المصرفية لان اعادة الهيكلة هي الممر الالزامي لاعادة الثقة بالقطاع ولكن الاهم هو ماذا ستفعل الحكومة تجاه الفجوة المالية ومن يتحمل خسائرها وتوزيعها وبالتالي فان مصير القطاع المصرفي مرتبط بما ستقرره الحكومة في خطتها للتعافي وكيفية معالجة الديون خصوصا ان حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة قد ذكر ان هذه الفجوة تقدر ب 68 مليار دولار وهذا المبلغ لا يمكن للحكومة ان تؤمنه وليس لديها القدرة على رد هذه الديون وبالتالي فان الطابة هي لدى هذه الحكومة التي عليها الاجابة عما اذا كانت ستدفع ديونها او تساهم في قسم منها لا ان تعلن عن شطب هذه الديون والعودة الى نقطة الصفر لانه على ضوء قرارها يمكن معرفة الاتجاهات التي سيسلكها القطاع المصرفي كما المودعون انفسهم الذين لا يعرفون مصير ودائعهم .
اعادة التوازن المالي
وكانت الحكومة عبر الوزير جورج بوشكيان والنائب احمد رستم قد قدما الى اللجنة المالية النيابية اقتراح قانون حول اعادة التوازن المالي في مصرف لبنان الذي يهدف الى تحديد الخسائر التي تكبدها المركزي من جراء تدهور مراكز النقد الاجنبي لديه ووضع الاطار القانوني العام لمعالجة تلك الخسائر والتداعيات وفقا لاولوية تضمن حماية الحقوق وبشكل يعيد الثقة بالنظام المصرفي ويحدد خسائر القطاع المالي بما يسمح باعادة هيكلة القطاع المصرفي خدمة للاقتصاد الوطني مع ما يوجبه ذلك من اعادة رسملة مصرف لبنان واغلاق الفجوة المالية التي تحول دون تحقيق هذه الاهداف .
لكن تبين ان هذه الحكومة لا تريد اعادة التوازن لا الى مصرف لبنان ولا الى القطاع المصرفي حيث المتضرر الاكبر فيه هم المودعون وذلك من جراء عدم ايفاء الحكومة والمصارف الديون المتوجبة عليهم وتعتبر مصادر نيابية ان معالجة قسم من التزامات الدولة ومصرف لبنان والمصارف يؤمن بداية لمعالجة الديون المستحقة للمودعين.
وعلى الرغم من الاجتماعات التي عقدتها لجنة المال النيابية فقد اكد رئيسها النائب ابراهيم كنعان لـ»الديار» على اصراره على ضرورة اجراء المسح الشامل والتدقيق المحاسبي للقطاع المصرفي والقطاع العام لكي يبنى على الشىء مقتضاه لكن كنعان فوجىء انه لغاية اليوم ورغم مرور اربع سنوات على الازمة المالية والنقدية لم تصلنا اية ارقام رسمية ومدققة حول موجودات المصارف والدولة واوضاعها وملاتها في الوقت الذي يمر دون نتيجة والودائع تتاكل والالتزامات تتبخر وتضيع متسائلا كنعان كيف يمكن إقرار قوانين اعادة استعادة التوازن المالي واعادة هيكلة القطاع المصرفي من دون الحدّ الأدنى المطلوب لتحقيق هذا الهدف بعيداً عن الشعارات البرّاقة فنحن نشعر من خلال الاجتماعات التي نعقدها مع الحكومة او من يمثلها في اللجنة المالية النيابية دائما التهرب من المسؤولية وانه رغم مطالباتنا بالمسح الشامل لا نرى سوى «سمك في البحر «اي من دون تقييم فعلي للوضع المصرفي والمالي .
من هذا المنطلق طالب كنعان من الحكومة ومصرف لبنان منذ اذار الماضي ارقاما مدققة حول القطاع المالي والمصرفي لم يصل الى اللجنة سوى ورقة اعدها مستشار رئيس الحكومة سمير الضاهر لكن حسابات رسمية مدققة من مدقق دولي محايد لم يصلنا اي شىء رغم مطالبة كنعان بذلك مستغربا كيف اهدرت حقوق السحب الخاصة حوالي المليار دولار وليس باستطاعة الحكومة تأمين ٦مليون دولار من اجل التدقيق الذي من خلاله قد نصل الى معالجة الازمة الوطنية التي نعيشها والتي تخطت الازمة المصرفية رافضا التلطي وراء الكراسي بينما دور المسؤول ان يتحمل المسؤولية وان ما يجري ليس سوى مسرحية هدفها تخدير الناس وتبديد الالتزامات ، مع العلم اننا في لجنة المال قمنا ومنذ 2010 بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق المالية باتت نتائجها امام القضاء المالي ولجنة للتدقيق في التوظيف العشوائي وطلب التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان خصوصا ان المشاريع الاصلاحية التي اقرت موجودة مثل قانون الاثراء غير المشروع وقانون استعادة الاموال المنهوبة وقانون رفع السرية المصرفية وقانون حماية كاشفي الفساد وغيرها كلها اقرّت ولكن تبقى العبرة باحترام السلطة التنفيذية للقوانين لا الاكتفاء بالمطالبة بها.